جاد حداد

إرتفاع ضغط الدم... سبب لزيادة مخاطر الخرف لدى النساء؟

19 حزيران 2021

المصدر: AFP

02 : 00

يترافق الخرف مع فقدان تدريجي للذاكرة والمهارات المعرفية وتراجع القدرة على أداء المهام اليومية.

وفق منظمة الصحة العالمية، يبلغ عدد المصابين بالخرف حوالى 50 مليون شخص حول العالم، وتُسجَّل 10 ملايين حالة جديدة سنوياً.

ما من علاج نهائي للخرف في الوقت الراهن ولا يسمح أي خيار بمنع تطور المرض حتى الآن، لكن رصد العلماء عدداً من عوامل الخطر الكامنة وراء هذه الحالة. تستطيع العلاجات الدوائية أو التعديلات التي تطاول أسلوب الحياة مثلاً أن تُخفض المخاطر المطروحة، فتمنع تطور المرض منذ البداية. تبيّن أن مشاكل القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم، هي جزء من أبرز عوامل الخطر المُسببة للخرف.

تذكر الدراسات أن جميع العوامل الأخرى تكون متساوية، لكن يبدو أن ارتفاع الضغط يُعرّض النساء للخرف أكثر من الرجال. لكن لم ترصد أبحاث أخرى أي اختلافات بين الجنسين على مستوى مخاطر الخرف بسبب ارتفاع ضغط الدم.

راقبت دراسة جديدة أكثر من نصف مليون شخص، وهي تزيد الأدلة التي تثبت أن ارتفاع الضغط في منتصف العمر يجعل النساء أكثر عرضة للخرف رغم أخذ عوامل مؤثرة أخرى بالاعتبار.

اكتشف الباحثون في هذه الدراسة أن عوامل متنوعة مثل التدخين، ومرض السكري، وزيادة دهون الجسم، وتراجع المكانة الاجتماعية والاقتصادية، تؤثر على مخاطر الخرف لدى الرجال والنساء في آن.

أشرف باحثون من "معهد جورج للصحة العالمية" في جامعة "نيو ساوث ويلز" في "نيوتاون"، أستراليا، على هذه الدراسة ونُشرت نتائجها حديثاً في مجلة "بي إم سي ميديسن".

يقول المشرف على الدراسة، مارك وودوارد: "تكشف دراستنا أن تبنّي مقاربة فردية لمعالجة ضغط الدم لدى الرجال مقارنةً بالنساء قد يضمن حماية إضافية ضد الخرف".

نصف مليون متطوع


راقب الباحثون 502226 شخصاً من "البنك الحيوي البريطاني" (قاعدة بيانات خاصة بمجال الطب الحيوي وتشمل متطوعين تسجلوا بين العامين 2006 و2010).

عند إشراك المتطوعين، لم يكن أيٌّ منهم مصاباً بالخرف. بلغ متوسط أعمارهم 56.5 عاماً. لكن أصيب 4068 شخصاً منهم بالخرف خلال الاثنتي عشرة سنة اللاحقة.

برز رابط بين التدخين، والسكري، وارتفاع مستويات الدهون في الجسم، والتعرض لجلطة دماغية سابقة، وتراجع المكانة الاجتماعية والاقتصادية في بداية الدراسة، وزيادة خطر الإصابة بالخرف لدى الرجال والنساء معاً. لكن رغم زيادة حالات الخرف لدى الرجال أكثر من النساء، برز رابط بين ارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة الخطر لدى النساء بعد أخذ جميع عوامل الخطر الأخرى بالاعتبار.

في التفصيل، ارتفع ضغط الدم الانقباضي لدى الرجال، فيما تراجع خطر الخرف لديهم قبل أن يرتفع مجدداً وفق منحنى على شكل حرف U.

في المقابل، بقي منحنى مخاطر الخرف مسطحاً لدى النساء اللواتي سجلن مستوىً منخفضاً من ضغط الدم الانقباضي، ثم ارتفع بدرجة ثابتة تزامناً مع ارتفاع الضغط. يشير هذا النوع من الزيادة الثابتة أو الخطية في نسبة الخطر أحياناً إلى مفهوم "العلاقة بين الجرعة والاستجابة". برز هذا الاختلاف بين الجنسين على مستوى المخاطر المرتبطة بارتفاع ضغط الدم تزامناً مع الخرف الوعائي ومرض الزهايمر.

اختلافات في نوع العلاج

يظن الباحثون أن نتائجهم قد تعكس اختلافات في العلاجات الطبية التي تستهدف ارتفاع ضغط الدم بين الرجال والنساء.

كانت أبحاث سابقة قد ذكرت أن المرأة تأخذ أدوية مختلفة عموماً وتكون أقل ميلاً من الرجل إلى الالتزام بالتوجيهات الموصى بها.

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، جيسيكا غونغ، وهي طالبة دكتوراه في "معهد جورج للصحة العالمية": "يمكن نَسْب الاختلافات بين الجنسين على مستوى ضغط الدم المرتبط بمخاطر الخرف إلى الاختلافات البيولوجية بين الرجال والنساء، لكن يمكن تفسير هذا الرابط أيضاً عبر الفوراق في طبيعة العلاجات الطبية". ربما يتعلق عدم التزام المرأة بالعلاج بمواجهتها آثاراً جانبية أكثر إزعاجاً.

صرّحت غونغ لمجلة "ميديكل نيوز توداي": "قد تشتق علاقة الجرعة والاستجابة بين ضغط الدم الانقباضي والخرف لدى النساء من عدم التحكم بارتفاع الضغط لدى المرأة بقدر الرجل نظراً إلى تراجع ميلها إلى الالتزام بالعلاج عموماً، فضلاً عن النزعة إلى أخذ أدوية متعددة في الوقت نفسه ومواجهة آثار جانبية إضافية بسبب العلاج. يجب أن يأخذ الأطباء بالاعتبار عوامل أخرى مثل النوع الاجتماعي والانتماء العرقي وأمراض أخرى حين يختارون طريقة معالجة ارتفاع ضغط الدم لدى أي مريض. كذلك، يجب أن يوصي الأطباء بنظام متخصص لتخفيض ضغط الدم إلى جانب خيارات علاجية أخرى، بحسب المخاطر التي يواجهها كل فرد، بدل استهداف الضغط وحده".

أخيراً، يذكر الباحثون في تقريرهم أن دراستهم كانت محدودة على بعض المستويات. على سبيل المثال، يكون المشاركون في "البنك الحيوي البريطاني" ميسورين نسبياً وأصحاء مقارنةً بعامة الناس، كما أنهم من أصحاب البشرة البيضاء في معظمهم.

كذلك، تقدم قاعدة البيانات معلومات حول علاجات ضغط الدم عند تسجيل المشاركين ولا تذكر شيئاً عن العلاجات اللاحقة. هذه العوامل أضعفت قدرة الباحثين على تفسير نتائجهم.

MISS 3