خالد أبو شقرا

الإئتمان للقطاع الخاص ينخفض بنسبة 4.33 في المئة

الدولة تمتص القدرات التمويلية للاقتصاد

21 أيلول 2019

01 : 30

القروض الى القطاع الخاص تتراجع
في ظل ضعف أسواق رأس المال ومساهمتها الهامشية في تمويل الإقتصاد، لعبت المصارف التجارية اللبنانية طوال العقود الماضية دور الممول الأساسي للأفراد والقطاعات الإنتاجية والتجارية. وقد استفادت من فائض الودائع وتعاميم مصرف لبنان الداعمة للفوائد والمسهلة لبعض النشاطات البيئية والسكنية وغيرها. إلا أن هذا الواقع بدأ يتغير مع استمرار عجز الخزينة ودخول الدولة كمنافس شرس على طلب التمويل مقابل فوائد لا طاقة للقطاع الخاص على تحملها. وبدأت عملية ممنهجة لوقف مد المؤسسات الخاصة بالقروض مقابل إرتفاعها للمؤسسات العامة.

في الوقت الذي وصلت فيه أسعار الفوائد عالمياً الى ادنى مستوياتها وأصبحت سالبة في العديد من الدول الاوروبية، يشير تقرير بنك "بلوم للاستثمار"، الى ان أسعار الفائدة المرتفعة دفعت لبنان إلى تباطؤ قطاعي في النصف الأول من العام الحالي. حيث بلغ متوسط أسعار الفائدة على القروض في الليرة اللبنانية والدولار في أيار العام الحالي 10.75 في المئة و 9.54 المئة على التوالي، مقارنة مع 9.97 في المئة و 8.57 المئة، في كانون الاول من العام 2018. هذا الإرتفاع في الفوائد لم ينعكس فقط على القطاعات الانتاجية إنما "شل البلد" يقول عضو جمعية الصناعيين اللبنانيين خليل شري، "فالمشكلة لا ترتبط فقط في ارتفاع الفائدة بل في عدم توفر السيولة في المصارف لتمويل المشاريع الاستثمارية".

الاستثمارات متوقفة

امتصاص السيولة من السوق تحت عنوان الدفاع عن الليرة وتمويل النفقات الحكومية، ترك الافراد والقطاعات الانتاجية ضحية انعدام النمو الاقتصادي الذي يقدر بصفر في المئة بحسب وزارة المالية. وبالاضافة الى ارتفاع كلفة الانتاج فقد أتى تراجع التمويل ليقضي نهائياً على أي استثمار جديد ويضيف المزيد من الاكلاف على القروض القديمة للتجار والمنتجين ودفع المصارف الى استدعاء عملائها الطلب منهم تحويل قروضهم من الليرة الى الدولار، وهو ما امتص كل ارباح التجار والمنتجين وانعكس بمزيد من تصفية الاعمال وصرف العمال. وبحسب التقرير فقد "بلغ إجمالي الائتمان من قبل البنوك 63.55 مليار دولار بحلول أيار من العام الحالي، بانخفاض قدره 4.33 في المئة منذ بداية العام. وشهدت القروض الممنوحة لجميع القطاعات الاقتصادية الـ 18 في مجموعة بيانات "المركزي" حالات تراجع، باستثناء تلك المخصصة لقطاعات "الزراعة ومصايد الأسماك والغابات" و"الخدمات الصحية والاجتماعية"والتي لا تمثل على أية حال سوى 2.63 في المئة من إجمالي الائتمان.

"الخاص" عاجز

وفي الترتيب استحوذت قروض "الأفراد" على نسبة 30.9 في المئة من إجمالي القروض ، يليها "تجارة الجملة والتجزئة" بـ 22.9 في المئة ومن ثم "التشييد والمقاولات" بـ 16.02 في المئة، في حين لم تستحوذ قطاعات "الصناعات التحويلية" و "العقارات والإيجارات وخدمات التوظيف" و "الوساطة المالية" على اكثر من 18.3 في المئة من مجموع التمويل، وقد بلغت حصتها ما نسبته 6 في المئة و 4.7 في المئة و 4.23 في المئة على التوالي.

في الوقت الذي يقول فيه التقرير "ان القيمة المنخفضة للقروض المستخدمة للقطاع الخاص تشير إلى عام حافل بالتحديات"، تعلق نائبة رئيس جمعية مطوري العقار "ريدال"، ميراي كوراب، "أن الدولة والمصارف أصبحا شريكان مضاربان للقطاعات الانتاجية، ونحن لا نملك القدرة على مواجهتهما". فـ كوراب، التي تمثل قطاعاً قد يكون الاشد معاناة في الحصول على تمويل جديد أو عن سداد الديون القديمة، حيث تبلغ نسبة ديون المتعثرة في قطاع "التشييد والمقاولات" 23.95 في المئة من مجمل الديون، تعتبر ان "الفوائد المرتفعة التي تجنيها المصارف من تمويل الدولة أبعدتها عن القطاع الخاص. ولا يوجد أي فكرة اقتصادية للنهوض بالبلد. فالتعامل مع ديون القطاع العقاري والتي تبلغ 20 مليار دولار ما زال قضية بقضية، ولا يوجد افق لحل شامل. بالرغم من القطاع العقارات يشكل 25 في المئة من الاقتصاد، واستمرار تدهوره يعرض كل البلد الى مشاكل كبيرة".

وفقًا لأحدث بيانات مصرف لبنان فان "تجارة الجملة" احتلت ثاني أكبر حصة من الديون المعدومة بعد القطاع العقاري بنسبة 23.45 في المئة. وبالرغم من عدم إدراج التقرير للديون المتعثرة في بقية القطاعات الانتاجية، فأن ما يحصل يؤشر الى أن العام الصعب لن يكون فقط على امكانية الاستدانة، انما أيضا على عدم القدرة على سداد الديون. والخطر الاكبر عندما يبدأ التعثر في الديون ينتقل بين القطاعات ومنهم الى الافراد.