جاد حداد

كورونا ومشاكل القلب والأوعية الدموية

26 حزيران 2021

02 : 00

من الواضح أن المصابين بأمراض القلب يكونون أكثر عرضة للمضاعفات المرتبطة بفيروس كورونا المستجد. لكن يقول طبيب القلب سي. مايكل غيبسون من كلية الطب في جامعة "هارفارد": "لا تزال طريقة فهمنا لتأثير فيروس كورونا على جهاز القلب والأوعية الدموية قيد التطور".

حتى الآن، تشتق معظم المعلومات من دراسات مبنية على مراقبة المشاركين، وهي تكتفي برصد النزعات والروابط البارزة. لجمع معلومات أكثر دقة، ثمة حاجة إلى إجراء تجارب عيادية عشوائية تأخذ عوامل مختلفة بالاعتبار (منها التاريخ الطبي والأدوية المأخوذة) لدراسة طريقة تأثير "كوفيد - 19" وعلاجاته المحتملة على المصابين بأمراض القلب أو المعرّضين لها.

من التقاط العدوى

إلى نشوء الالتهابيقال إن الالتهابات تؤذي القلب، لكنّ هذه المعلومة ليست جديدة. قد تهاجم الجراثيم مناطق محددة من القلب، وتؤدي أي عدوى حادة أو مرض خطير إلى إجهاد القلب عبر زيادة حاجته إلى الأوكسيجين. تزداد هذه المشكلة سوءاً بسبب الفيروسات التنفسية التي تُسبب السعال والاحتقان.

كذلك، يطلق جهاز المناعة جزيئات التهابية لمحاربة العدوى. قد تزيد هذه الخلايا احتمال نشوء الجلطات الدموية، ما يفسّر زيادة النوبات القلبية المحتملة بمعدل ست مرات بعد أسبوع على نوبة الإنفلونزا مقارنةً بالفترات الأخرى.

حين تغزو الميكروبات القلب...بسبب الفيروسات والجراثيم وحتى الفطريات، قد تصل الالتهابات إلى القلب وتُسبب اضطراباً غير شائع يُعرَف باسم التهاب عضلة القلب. تكون فيروسات مثل كوكساكي والهربس وسواها مسؤولة عن هذا الخلل. لكن يُسبب نوعان شائعان نسبياً من العدوى الجرثومية أبرز الاضطرابات داخل القلب: التهاب الحلق العقدي، ومرض لايم.

تُسبب الفئة "أ" من جراثيم المكورات العقدية التهاب الحلق العقدي والحمى القرمزية، وقد تتحول الحالة إلى حمى روماتيزمية ما لم تُعالَج بالشكل المناسب. تطلق الاستجابة المناعية المفرطة شكلاً من الالتهاب في أنحاء الجسم، ما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الحمى وألم المفاصل وليونتها. لكن قد يسيء المرض أيضاً إلى الصمام الميترالي الذي يتحكم بتدفق الدم بين الحجرتَين العلوية والسفلية في الجانب الأيسر من القلب. تُعتبر الحمى القرمزية نادرة في الدول المتقدمة عموماً، لكنها لا تزال شائعة في الدول النامية.

على صعيد آخر، قد يؤدي مرض لايم الذي ينجم عن حشرات القراد الماصة للدماء إلى عواقب نادرة لكن خطيرة في القلب. يحمل القراد الجراثيم المسؤولة عن المشكلة (بوريليا برغدورفيرية أو بوريليا مايوني)، وهي تنتشر عموماً في شمال شرق المحيط الأطلسي ووسطه وأجزاء من الغرب الأوسط. يترافق مرض لايم مع أعراض تقليدية مثل الطفح الجلدي الأحمر، والحمى، والصداع، والتعب. لكن إذا وصلت العدوى إلى أنسجة القلب، قد تُعطّل الإشارات الكهربائية التي تنسّق ضربات القلب. تُعرَف هذه الحالة بالتهاب القلب المرتبط بمرض لايم وتنشأ لدى شخص واحد من كل مئة مصاب بالمرض وفق معطيات "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها".

جلطات مرتبطة بفيروس كورونا

هل تُعتبر الجلطات الدموية شائعة لدى مرضى كورونا أكثر من المصابين بالتهابات حادة أخرى؟ لا أحد يعرف الجواب بعد نظراً إلى غياب أي دراسات وافية للمقارنة بين المجموعتين. لكنّ ملازمة الفراش لأي سبب تزيد احتمال نشوء الجلطات في الأوردة. لكن في أحد الأبحاث الجديدة، كانت معدلات هذه الجلطات في المجموعة التي لم تدخل المستشفى متشابهة لدى أشخاص واجهوا أعراض "كوفيد - 19" وتأكدوا من إصابتهم بفيروس كورونا من جهة والمجموعة التي لم تلتقط الفيروس من جهة أخرى.

تضرر القلب حتمي؟

يغزو فيروس كورونا المستجد الخلايا عبر الالتصاق ببروتين الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 في أنحاء الجسم، بما في ذلك خلايا القلب والرئتين والأوعية الدموية. كانت التقارير السابقة قد أجّجت المخاوف من احتمال تضرر عضلة القلب بسبب عدوى "كوفيد - 19" لدى الرياضيين الشباب والأصحاء. لكن تكشف أحدث البيانات أن نسبة الخطر تبقى أقل من 5%. يوضح الدكتور غيبسون: "أكدت الدراسات اللاحقة على ارتفاع مستويات الخلايا الالتهابية، لكن لا يحصل ذلك بالضرورة في عضلة القلب".

ارتفاع ضغط الدم

تتفاعل فئتان من الأدوية المستعملة عموماً لمعالجة ارتفاع ضغط الدم، وهما مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين، مع بروتين الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 لتخفيض ضغط الدم. في السابق، لم تكن قدرة هذه الأدوية على مساعدة المصابين بفيروس كورونا أو إيذائهم واضحة. لكن جمعت إحدى المراجعات الحديثة نتائج 52 دراسة شارك فيها أكثر من مليون شخص وقدّمت بعض التطمينات في هذا المجال. بشكل عام، تبدو مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين آمنة للمصابين بفيروس "كوفيد - 19".