الطقس دافئ لكنك تشعر بالبرد؟

يبدو أن جهاز تنظيم حرارة الجسم يتأثر بعوامل مثل التقدم في السن والمشاكل الصحية الكامنة...

هل ترتدي سترة في معظم الأوقات لأنك تشعر بالبرد مع أن الطقس دافئ في الخارج؟ هل البرد مجرّد وهم لديك أم أن الحرارة التي تشعر بها تختلف عن الآخرين فعلاً؟ هذه الحالة لا تدعو للقلق. يشعر عدد كبير من كبار السن بالبرد وتتعدد الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة.

جهاز معقد لتنظيم الحرارة

يحتاج جميع الناس إلى الحفاظ على حرارة جسم معينة (37 درجة مئوية) لحماية وظائف عدد كبير من الأنظمة والعمليات البيولوجية الجسدية (مثل التفاعلات الكيماوية). يستعمل الجسم طريقة معينة لحماية هذه الحرارة.

إذا ارتفعت حرارة الجسم، كما يحصل مثلاً خلال النشاطات الجسدية لأن العضلات الناشطة تنتج شكلاً من الحرارة، يبث الجسم البخار عبر التعرّق وتوسيع الأوعية الدموية، ما يسمح لحرارة الجسم بالتوهج بعيداً عن البشرة.

يقول الدكتور ديفيد ناثان، مدير مركز السكري ومركز الأبحاث العيادية في مستشفى "ماساتشوستس" العام وأستاذ طب في جامعة "هارفارد": "إذا انخفضت الحرارة الأصلية، سيحتفظ الجسم بالحرارة في مناطقه الداخلية. في هذه الحالة، تتضيّق شبكة من الأوعية الدموية الضئيلة، وتتراجع كمية الدم التي تصل إلى سطح البشرة، وهي النقطة التي تتسرب منها الحرارة".

أثر الشيخوخة

لا نعرف بعد السبب الذي يجعل بعض كبار السن يشعرون بالبرد طوال الوقت. من المستبعد أن تتغير حرارة الجسم الأصلية مع التقدم في السن. لكن ينجم الشعور بالبرد عن أسباب أخرى مرتبطة بالسن.

ترتبط إحدى النظريات بقلة الحركة. تقول الدكتورة سوزان سالامون، رئيسة قسم علم الشيخوخة في مركز "بيث ديكونيس" الطبي التابع لجامعة "هارفارد": حين تتراجع حركتك وتتباطأ مَشْيتك ولا تنتج العضلات المستوى نفسه من الحرارة، ستشعر بالبرد".

تتعلق نظرية أخرى بتغيّر الشهية والوزن مع التقدم في السن. إذا تراجعت شهيتك مع مرور الوقت وما عدتَ تأكل مثل السابق، قد تخسر الدهون أو الطبقة التي تعزلك عن البرد.

مشاكل كامنة

قد تشعر بالبرد بسبب واحدة من المشاكل التالية:

فقر الدم: إذا كنت مصاباً بفقر الدم، ستتراجع أعداد خلايا الدم الحمراء التي تنقل الأوكسجين في أنحاء الجسم ويكون هذا العامل مسؤولاً عن شعور البرد أحياناً.

قصور الغدة الدرقية: تطلق الغدة الدرقية في العنق الهرمون المسؤول عن تنظيم الأيض (أي العمليات البيوكيماوية في الجسم). وحين تتراجع مستويات هرمون الغدة الدرقية، يتعطل جهاز تنظيم الحرارة في الجسم وينتج شعوراً بالبرد.

مرض الشريان المحيطي: يؤدي تضيّق الشرايين في الأطراف (قد يحصل عند الإصابة بمرض السكري) إلى تراجع تدفق الدم، لذا يشعر الفرد ببرودة في الذراعين أو الساقين.

مرض رينود: في هذه الحالة، تصبح ردة الفعل تجاه البرد مبالغاً فيها. تنقبض الأوعية الدموية في الأطراف، لا سيما أطراف الأصابع، ما يؤدي إلى الشعور بالبرد في هذه المنطقة واصطباغها باللون الأزرق أو الأبيض بسبب تراجع تدفق الدم.

شبكات متقاطعة

يتعلق سبب محتمل آخر بتغيّر الجهاز العصبي قليلاً، فيوحي للدماغ بأن الجسم يشعر بالبرد. يتعطل الجهاز العصبي اللاإرادي الذي يسيطر على تقلبات حرارة الجسم نتيجة اضطرابات معينة. قد تواجه مثلاً نوبات غير طبيعية من التعرق ثم تبرد الذراعان والساقان لأن الأعصاب اللاإرادية في الجهاز العصبي تنقل إشارات خاطئة إلى الدماغ.

يُعتبر الاعتلال العصبي السكري خير مثال على تضرر الأعصاب بسبب مرض السكري، فهو يُسبب وخزاً في الساقين والقدمين وقد يزيد برودة القدمين أيضاً. إذا لم تعد الأعصاب التي تتحكم بالأوعية الدموية الصغيرة تعمل بشكلٍ سليم، قد تعجز عن تنظيم حرارة البشرة في القدمين والساقين. تبرز حالات أخرى وراء إشارات الحرارة المختلطة، منها متلازمة التعب المزمن، والتصلب المتعدد، ومرض الباركنسون. لكن لا يعني الشعور بالبرد أنك مصاب بهذه الاضطرابات بالضرورة.

مــــــا الــــــحــــــل؟

إذا كان شعور البرد يؤثر على نشاطاتك اليومية أو نوعية نومك، تكلم مع طبيبك حول هذه المشكلة خلال موعدك الطبي المقبل. قد يجري الطبيب فحوصات ترصد قصور الغدة الدرقية أو فقر الدم لاستبعاد أي خلل من هذا النوع. لكن نادراً ما يقول الشخص المتقدم في السن إنه يشعر بالحر طوال الوقت، بل تشعر هذه الفئة من الناس بالبرد بشكل عام. لتدفئة الجسم، لا بد من معالجة المشاكل الكامنة وتكثيف الحركة الجسدية. حاول أن تمارس المشي قدر الإمكان إذا كان هذا النشاط آمناً في حالتك، ومارس الرياضة بانتظام إذا كنت لا تفعل. في غضون ذلك، احتفظ بسترة إلى جانبك في حال شعرتَ بالبرد!