د. نسيب حطيط

نقابة المهندسين... "كبوة حزبية" أم مسار تغييري؟!

14 تموز 2021

02 : 00

أحدثت نتائج انتخابات نقابة المهندسين في دورتها الأولى على مستوى مكاتب الفروع، صدمة في الوسط السياسي، حيث استطاعت مجموعات المجتمع المدني المتفرقة على اكثر من عشرين تجمعاً تنتمي الى طوائف ومناطق وأفكار متنوعة ومختلفة ومتناقضة في بعض الأحيان ولا يجمعها سوى نقطتين مشتركتين تتمثلان بالانتفاضة على الأحزاب او ما تطلق عليها تسمية "أحزاب السلطة الحاكمة"، والنقطة الثانية تتمثل بهدف الإمساك بالقرار النقابي كمحور أساس للإمساك بالقرار السياسي على مستوى الانتخابات النيابية وبعده بالقرار الإنمائي على مستوى البلديات وفق خطة متكاملة على ثلاثة محاور تمثل منظومة السيطرة والقرار من خلال المحور النقابي والسياسي والإنمائي ..

ان السؤال المطروح .. هل يمكن اعتبار ما جرى "كبوة" وخسارة ظرفية أم بداية مسار جديد؟

بداية لا بد من الإعتراف بهزيمة تحالف الأحزاب الجماعي او الهزيمة على المستوى الأحادي، فلم يربح تحالف الأحزاب الا الفرع السابع (فرع الموظفين) بسبب ان المهندسين الشباب الذين يشكلون التجمعات النقابية الناشئة لم يدخلوا الى الوظيفة العامة فأكثرهم من المتخرجين الجدد منذ اقل من عشر سنوات ...

وبالتالي نجح تحالف الأحزاب بسبب غياب المنافس وليس بسبب امتلاك القوة العددية ...

ولم تربح قوى المعارضة النقابية بسبب تفوقها العددي بل بسبب ضعف الأداء والإدارة السيئة لمسؤولي الانتخابات الحزبية ووفق الأسباب التالية:

- الإحتجاج الصامت والهادئ للمهندسين الحزبيين على أداء ممثليهم في النقابة في المجالس السابقة، حيث وجه المهندسون المعتصمون في بيوتهم والذين استنكفوا عن مزاولة حقهم الانتخابي رسالة احتجاج ورفض للنهج والأداء السيئ لمن يمثلهم في الهيئات النقابية والمسؤولين عنهم مع عدم ترك قناعاتهم والتزامهم الحزبي، فبادروا للصراخ الهادئ لإيقاظ القيادات الحزبية لإعادة النظر بالنهج والأسلوب والمراجعة النقدية الإيجابية ومحاسبة المسؤولين الذين يقايضون المصالحة العامة لصالح مصالحهم وطموحاتهم الشخصية ...

- معاناة المهندسين وضياع أموال النقابة في المصـارف وعدم الشفافية في كشــف ودائع النقابة في المصارف مما يهدد منظومة التقاعد والخدمات الإستشفائية للمهندسين وعائلاتهم ونفقات بناء المراكز في المحافظات والهوة بين مجلس النقابة (الحزبي) وبين قواعد المهندسين التي تتشكل من المهندسين الحزبيين والمستقلين المهنيين والذين تخضع امورهم المهنية والنقابية لقوى حزبية تمارس العمل النقابي بإطار سياسي لتسجيل انتصارات انتخابية ثم تغيب عن ممارسة دورها وواجبها في حماية مصالح المهندسين ومستقبلهم المهني.

- تثبيت الطائفية السياسية في النقابة وفق نظــام المداورة (العرفي) بين المسلمين والمسيحيين خارج المعايير النقابية او القانونيـــة للنقابة في اسقــاط للمحاصصة الطائفية السياسية على النخب النقابية وفق اطار المنظومة الطائفية المبتورة حيث تم استبعاد المهندسين "الشيعة" "والدروز" وأغلبية الطوائف من مركز "النقيب" وتم حصرها بين (المهندسين السنة والموارنة) في اغلب الأحيان منذ تأسيس النقابة في خمسينات القرن الماضي وللأسف فان التجمعات النقابية "المدنية" التزمت ذات المعايير وحصرت ترشيحاتها للنقيب (بالمهندسين المسلمين السنة)!

- عجز المجــالس النقابيــــة الحزبية عن مواكبة التطور والعصرنة فلا يزال نظام المعاملات وغيره يخضع لمركزية بيروقراطية بالتلازم مع تزايد اعداد المهندسين المنتسبين الذي قارب الخمسين الف منتسب (50000 مهندس) ولم تعط مراكز النقابة في المحافظات صلاحية انجاز المعاملات وبقيت كمقرات بريدية لجمع المعاملات وارسالها الى بيروت مع تحمل أعباء إضافية من تكاليف البناء والخدمات ورواتب الموظفين والصيانة!

ان نتائـــج الدورة الثانية للانتخابات والتي تعتبر أساسية ومفصليــة خلافاً للدورة الأولى التحضيرية ستحسم اتجاهات المزاج السياســـي والنقابي العام فإما يتم تثبيت معادلة "تأديب ومحاسبة"الأحزاب من منتسبيها عبر عدم المشاركة الكبيرة في الانتخابات خاصة مهندسي "الثنائية" نتيجة الإحتجاج على الأداء لمكاتبهم النقابية ولعدم وجود حافـــز للمشاركـــة حيث صاروا خارج السباق الإنتخابي نتيجة فشلهم في توحيد صفوفهم لتأييد مرشح واحد مع انها كانت فرصة ممكنة ولأول مرة بوصول (نقيب شيعي) لتجاوز "الفيتو" المتعارف عليه ...

هل تثبت القوى النقابية المدنية وجودها وتسيطر على "مجلس" اكبر نقابة مهنية في لبنان والذي ترتبط فيه مصالح عشرات الآلاف من المهندسين وعائلاتهم والمستفيدين؟

هل يتابع انصـــار الأحزاب تأديب احزابهــم في الانتخابات البلديـــة والنيابية دون مغادرة انتماءاتهم وقناعاتهم وذلك عبر الامتناع عن المشاركة في الانتخابات مما يفسح المجال للقوى المعارضة في تحقيق بعض الإختراقات، مما يشكل حافزاً للأحزاب للإلتفات الى جماهيرها ...

أم تستعيد الأحزاب المبادرة وتعيد توحيد صفوفها مصلحياً وتربح معركة النقيب؟


MISS 3