جاد حداد

الـ Fibromyalgia... روابط متزايدة مع جهاز المناعة

17 تموز 2021

02 : 00

يتعرّض المصابون بالألم الليفي العضلي Fibromyalgia لوجع مزمن وتزيد حساسيتهم تجاه الضغوط والبرد في جميع أنحاء الجسم. حتى أنهم قد يجدون صعوبة في النوم ويشعرون بالتعب والاضطراب العاطفي.

وفق "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، يصاب 4 ملايين شخص بالألم الليفي العضلي في الولايات المتحدة وحدها، أي ما يساوي حوالى 2% من الراشدين. واستناداً إلى معظم التقديرات، يكون 80% من المصابين بهذه الحالة نساءً.

ما من علاج نهائي لهذا الاضطراب، لكن تسمح خيارات معينة بتخفيف الأعراض، منها مسكنات الألم ومضادات الاكتئاب وتعديل أسلوب الحياة، مثل تكثيف النشاطات الجسدية وتحسين عادات النوم. لم يتأكد الباحثون يوماً من الأسباب الدقيقة وراء الألم الليفي العضلي، لكن تشير أدلة عدة إلى تأثير جهاز المناعة على هذه الحالة.

على سبيل المثال، يكون المصابون بداء الذئبة أو التهاب المفاصل الروماتويدي، وهما نوعان من اضطرابات المناعة الذاتية، أكثر عرضة لهذا المرض من غيرهم.

تنشأ أمراض المناعة الذاتية حين يهاجم جهاز المناعة أنسجة الجسم، لكن لم تظهر أدلة مباشرة على حصول ذلك عند الإصابة بالألم الليفي العضلي.

وفق فريق بحثي مؤلف من علماء في جامعة "كينغز كوليدج لندن" وجامعة "ليفربول" في المملكة المتحدة ومن معهد "كارولينسكا" في ستوكهولم، السويد، يبدو أن عدداً من أعراض الألم الليفي العضلي يظهر حين تزيد الأجسام المضادة نشاط الأعصاب التي تستشعر الألم. حين حقن العلماء أجساماً مضادة مأخوذة من مصابين بالألم الليفي العضلي لدى نماذج من الفئران، أصبحت القوارض أكثر حساسية تجاه المحفزات المزعجة. حتى أنها باتت أكثر ضعفاً وتراجع نطاق حركتها.

في المقابل، لم تتأثر الفئران بأي حقن للأجسام المضادة المستخلصة من المجموعات المرجعية الصحية أو الأمصال المأخوذة من مصابين بالألم الليفي العضلي والمجرّدة من الأجسام المضادة.

تلتصق الأجسام المضادة بالخلايا الموجودة في العقد الجذرية الظهرية. تنقل هذه المجموعات من الخلايا العصبية إشارات حسية من الجهاز العصبي المحيطي إلى الجهاز العصبي المركزي الذي يتألف من الدماغ والحبل الشوكي.

نُشرت نتائج البحث في "مجلة التحقيق العيادي".

تداعيات عميقة


يقول الدكتور ديفيد أندرسون، المشرف الرئيسي على الدراسة من جامعة "كينغز كوليدج لندن": "تبدو تداعيات هذه الدراسة عميقة. بعد وضع الألم الليفي العضلي في خانة اضطرابات المناعة الذاتية، ستتغير نظرتنا إلى هذه الحالة ويُفترض أن يُمهّد هذا الوضع لظهور علاجات أكثر فعالية لملايين المصابين بالمرض".

كذلك، توقّع الدكتور أندرياس غوبل من جامعة "ليفربول" أن تكون حالات الألم الليفي العضلي مرتبطة بأمراض المناعة الذاتية أحياناً حين بدأ هذه الدراسة في بريطانيا، لكنه يضيف قائلاً: "رصد فريق ديفيد أندرسون الأجسام المضادة التي تُسبب الألم لدى جميع المرضى المشاركين في الدراسة. تقدّم هذه النتائج أملاً مدهشاً حول إمكانية معالجة أعراض الألم الليفي العضلي المدمرة وغير المرئية".

يبدو أن الأجسام المضادة المأخوذة من المصابين بالألم الليفي العضلي تزيد حساسية مستقبلات الألم، أي الأعصاب الجلدية التي ترسل إشارات الألم إلى الدماغ حين ترصد درجات حرارة وضغوطاً مفرطة أو مواد كيماوية ضارة.

تلاشت أعراض الفئران بالكامل بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من خروج الأجسام المضادة البشرية من أجسام القوارض. بعبارة أخرى، قد تكون العلاجات التي تُخفّض مستويات الأجسام المضادة في مجرى الدم فعالة.

توضح الدكتورة كاميلا سفينسون، المشرفة الرئيسة على الدراسة من معهد "كارولينسكا": "تقضي الخطوة المقبلة بتحديد العوامل التي تلتصق بها الأجسام المضادة المُسببة للأعراض. تسمح لنا هذه الطريقة بتطوير استراتيجيات علاجية جديدة لمكافحة الألم الليفي العضلي، فضلاً عن طرح فحوصات دم لتشخيص الحالة، وهي خيارات غير متاحة اليوم".

تسمح التقنيات العلاجية الراهنة بتخفيض مستوى الأجسام المضادة الإجمالية في مجرى الدم أو التخلص من مجموعة معينة من الأجسام المضادة المناعية. قد يطوّر العلماء أيضاً أدوية لمنع الأجسام المضادة من الالتصاق بأهدافها.

تــــحــــذيــــر أخــــيــــر


يقول ديس كوين، رئيس "منظمة الألم الليفي العضلي" البريطانية، إن الباحثين يتجادلون حول تصنيف الألم الليفي العضلي كواحد من أمراض المناعة الذاتية منذ سنوات. هو يرحّب بالنتائج الجديدة لكنه يطلق تحذيراً أخيراً في مقابلته مع مجلة "ميديكل نيوز توداي"، فيقول: "إذا تكررت هذه النتائج وتوسّع نطاقها في المرحلة اللاحقة، سيكون احتمال رصد مؤشر بيولوجي أو ابتكار علاج جديد للمصابين بالألم الليفي العضلي استثنائياً. لكن تحتاج النتائج إلى تحقيقات وأدلة إضافية قبل تطبيق الاستنتاجات النهائية على عامة الناس. ثمة حاجة كبيرة إلى رصد مؤشر بيولوجي تشخيصي لأن بعض الأطباء لا يزال يعتبر الألم الليفي العضلي تشخيصاً بلا قيمة، ما يعني أنه تشخيص مبهم وغير مثبت يكون تعريفه عاماً ولا معنى له من الناحية العلمية. من المفيد أيضاً أن يستكشف العلماء علاقة هذه النتائج بأعراض أخرى للألم الليفي العضلي، مثل التعب واضطراب النوم والمشاكل المعرفية، لأن هذا المرض لا يقتصر على أعراض الألم".


MISS 3