المخرجة السورية وعد الخطيب تريد مواصلة نقل "وجع" بلدها

11 : 05

تؤكد المخرجة السورية وعد الخطيب التي نال فيلمها "إلى سما" جائزة في مهرجان كان الأخير أن عملها هذا ليس مجرّد "رسالة حب" من أم لابنتها بل إنه يعكس "وجع" البلد وضرورة مواصلة الحديث عما يجري فيه "بالكلمات الصح". وتقول المخرجة الشابة إن الفيلم "ليس قصة عائلة كانت موجودة في سوريا فحسب، بل يجسّد ما يحصل فيها حالياً".



"هدفنا كسوريين" مواصلة "حكاية (قصصنا) ونشرها" والقول إن "ما يجري في سوريا ليس حرباً أهلية" تقول الخطيب.

يروي "الى سما"، وفق الموقع الرسمي المخصص له، حياة وعد الخطيب "خلال خمسة أعوام من الثورة في حلب (...)، من وقوعها في الحب ثم الزواج وإنجاب سما، وكل ذلك بينما الصراع العنيف يشتد من حولها".

وقرّر الزوجان البقاء مع طفلتهما في المدينة المحاصرة التي أصابها الدمار، هو ليمارس مهنته كطبيب في المستشفى الذي سيتحول الى منزلهما، وهي لتواصل تصوير يوميات المدينة وحياتهما وسطها، بشكل سيجعل من الفيلم الوثائقي "رسالة حب من أم شابة إلى ابنتها" المولودة في خضم أهوال الحرب في مدينة حلب في شمال سوريا.

وتوضح الخطيب أنها رغم احتواء الفيلم الوثائقي على مشاهد قاسية، "تسمع حتى الآن أحداً يقول إنه لم يستطع إكماله". وتعتبر أن ما ساعد على ذلك هو "الأسلوب السردي" المعتمد، مضيفة أنها وزميلها إدوارد واتس الذي شاركها الإخراج، سعيا خلال عامين من العمل الى "بناء خط يمكّن المشاهد من المتابعة حتى النهاية، ليرى حقيقة الوضع الصعب" في سوريا.

وحاز فيلم "الى سما" جائزة "العين الذهبية" في مهرجان كان، وجائزة أفضل وثائقي في مهرجان "ساوث باي ساوث وست" في مدينة أوستن الأميركية. وتقول وعد الخطيب التي باتت تعمل مع القناة التلفزيونية البريطانية الرابعة منذ استقرارها وأسرتها في لندن، "كثر كانوا يقولون إن الناس تعبوا من أفلام عن الحرب أو عن سوريا" ما جعل "التحدي في تقديم الفيلم بطريقة أخرى".




وتلفت الخطيب إلى أن الفيلم عرض في عدد من دول العالم، آخرها بريطانيا. ومن المتوقع أن يبدأ عرضه في فرنسا في تشرين الأول، بالإضافة الى "مشاركته في عدد من المهرجانات وسنذهب أيضاً للمشاركة في مهرجان قرطاج في تونس" في نهاية الشهر المقبل.


وامتد النزاع السوري الذي بدأ في 2011 الى حلب في صيف العام 2012. وكانت الخطيب تدرس التسويق آنذاك في جامعة حلب بعد تخلّيها عن فكرة خوض مجال الصحافة لأن هذه المهنة محفوفة بالأخطار في نظر أهلها. وبدأت التصوير تزامناً مع اندلاع المعارك في مدينتها بين الفصائل المعارضة التي سيطرت على الأحياء الشرقية من المدينة والقوات الحكومية في الأحياء الغربية.

وشهدت المدينة ومناطق عدة في أريافها معارك دامية وقصفاً عنيفاً تسبّب بدمارٍ هائل ونزوح كثيف، مخلّفاً آلاف القتلى. وبعد أربع سنوات، سيطر الجيش السوري على المدينة بكاملها. وتم إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين منها.

وتقول الخطيب إنها تريد مواصلة سرد قصص من سوريا كي "تبقى الثورة بأهدافها الأولى وأن نواصل التحدث عما يجري بالكلمات الصح، وعن أن ما يجري ليس حرباً أهلية، بل ثورة".

وبدأ النزاع السوري بتظاهرات سلمية طالبت بإسقاط النظام تم قمعها بالقوة، وما لبثت أن تحولت الى نزاع دام. وتعقد المشهد ودخلت عوامل خارجية عدة على الخط، وظهرت فصائل جهادية، وخاب أمل آلاف "الثوار" من المنحى الذي اتخذه تحركهم. لكن الخطيب تصرّ على لفت نظر العالم الى بلدها.

وتقول "التركيز الأساسي حالياً على تشارك الفيلم مع الناس وعرضه لسياسيين ولأشخاص بإمكانهم التأثير" على حكوماتهم "بهدف إحداث تغيير في سوريا".

وتعتبر أن ما "حصل معنا كسوريين قبل ثلاث سنوات" في حلب، يتكرر اليوم في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، لكن "العالم للأسف أطرش وأعمى".

مع ذلك تسعى المخرجة الشابة إلى مواصلة رواية ما لا يحصل في سوريا فهي تريد أن تكون "مع الناس" وأن "تحكي عن الوجع السوري أكثر وأكثر".



وتصوّر الخطيب في الفيلم رحلة محفوفة بالأخطار الى حلب قامت بها مع طفلتها وزوجها في تموز 2016 عائدة من تركيا حيث كانت تزور حماها المريض. وتقول إن العودة حينها كانت "التزاماً تجاه الأشخاص الذين كانوا (لا يزالون) موجودين" في المدينة. وجسّد خيار العودة الموقتة، (إذ ما لبثت العائلة أن غادرت المدينة مرة أخرى)، "الحلم الذي ما زلنا نحلم به وهو بأن نرى سوريا حرة".

وتعيش الخطيب حالياً في لندن برفقة زوجها وسما وابنتهما الثانية تيما. وتجيب بغصّة على سؤال عما اذا كانت ستعود يوماً إلى حلب: "لا أحاول أن أفكّر كثيراً بهذا الأمر لكنّ الأكيد أنّه الحلم الكبير، أي أن أعود يوماً مع (ابنتَي) وأريهما المكان الذي ولدت فيه سما والمستشفى الذي عاشت فيه السنة الأولى من عمرها".

وحلب حاضرة في حياة ابنتيها خصوصاً من خلال قصص ما قبل النوم. "أُخبرهما عنها بطريقة خيالية، تماماً كما هي القصص الخيالية". (أ ف ب)


MISS 3