جاد حداد

الهاتف الذكي... لكشف فقر الدم لديك؟

31 تموز 2021

02 : 00

يصيب فقر الدم أكثر من 5% من الناس في الولايات المتحدة وحوالى 25% من سكان العالم. تتعدد أعراض هذه الحالة، منها التعب، الدوار، الصداع، ضيق التنفس وصعوبة التركيز، وقد تترافق مع تراجع تركّز الهيموغلوبين في الدم.

غالباً ما ينجم فقر الدم الحاد عن سوء التغذية أو عدوى طفيلية أو أمراض كامنة أخرى. كما أنه يُعتبر جزءاً من أبرز عوامل الخطر المُسببة للوفاة والمرض، لا سيما في الجماعات الأكثر ضعفاً التي تشمل الأولاد وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.

وفق دراسة جديدة نشرتها مجلة "بلوس ون"، تبيّن أن استعمال صورة الجهة الداخلية من الجفن السفلي على الهاتف الذكي لتوقع فقر الدم يكون دقيقاً بنسبة 72% تقريباً.

يشخّص الأطباء فقر الدم في الحالات العادية بفضل فحص تعداد الدم الشامل عبر استعمال معدات مخبرية دقيقة، لكن تبقى حالات فقر الدم في الأرياف متفاوتة لأن الناس هناك لا يتلقون خدمات الرعاية الصحية بالشكل المناسب.

وفق المشرفين على الدراسة الأخيرة، ثمة حاجة إلى استعمال أداة سهلة وغير مكلفة وغير غازية للكشف عن فقر الدم. تستخدم الأداة المثالية تقنية شائعة الاستعمال أصلاً.

أداة تشخيصية جديدة

أجرى الباحثون دراسة على مرحلتين لتقييم فاعلية استعمال كاميرات الهواتف الذكية لتسهيل الكشف عن فقر الدم. شملت المرحلة الأولى التقاط صور للجهة الداخلية من الجفن السلفي لدى 142 مريضاً في قسم الطوارئ عبر استعمال هاتف ذكي.

اختار الباحثون هذه المنطقة التي تُسمّى الملتحمة الجفنية لأنها تحمل الخصائص الاستثنائية التالية:

• يسهل تصويرها.

• ما من ألوان متباينة بين الأوعية الدموية وسطح الملتحمة.

• تتراجع المسافة الفاصلة بين السطح والأوعية الدموية.

• الحرارة والعوامل البيئية الأخرى لا تؤثر على تدفق الدم نحو هذه المنطقة.

من خلال التركيز على منطقة صغيرة في كل صورة، تمكّن الباحثون من تطوير نظام حلول حسابية لزيادة دقة الألوان لأقصى درجة، وابتكروا نموذجاً تنبؤياً لمقارنة البشرة وبياض العين بمستويات الهيموغلوبين.

أما المرحلة الثانية، فشملت اختبار نظام الحلول الحسابية على صور الهاتف الذكي لدى مرضى مختلفين بلغ عددهم 202 في قسم الطوارئ. تكشف النتائج أن النموذج الجديد كان دقيقاً في توقّع فقر الدم بنسبة 72.6%. لكنّ دقّته في توقّع الحالات الحادة التي تتطلب نقل الدم كانت أعلى مستوى وتراوحت بين 86 و94.4%.

يوضح المشرف الرئيس على الدراسة، سليم سونير، من جامعة "براون" ومستشفى "رود آيلند"، أن الناس يحتاجون إلى أخذ مكملات الحديد بكل بساطة بعد تشخيص فقر الدم لديهم. تكون هذه المكملات قليلة الكلفة وسهلة الاستعمال. لكن يتعلق أصعب جزء بتشخيص الحالة برأيه.

يوافقه الرأي الدكتور غيريش نادكارني، مدير معهد "هاسو بلاتنر" للصحة الرقمية في شبكة مستشفيات "ماونت سينا" الصحية، فيقول: "سيكون استعمال الهاتف الذكي للكشف عن فقر الدم مفيداً نظراً إلى طبيعة الفحص اللامركزية، ما يعني عدم الحاجة إلى سحب الدم، كما أن هذه الطريقة توفر الوقت والجهد أيضاً".

نقاط قوة الدراسة وحدودها

تستنتج الدراسة الأخيرة أن استخدام الفلاش أثناء التصوير لم يكن ضرورياً لالتقاط صور مقبولة للكشف عن فقر الدم. كذلك، يكتب الباحثون في تقريرهم: "تنقل الصور الطبيعية البيانات من جهاز الاستشعار في الكاميرا مباشرةً، أي من دون معالجتها وضغطها كما يحصل في صِيَغ شائعة مثل تقنية JPEG (مجموعة خبراء التصوير المشتركة)". رصد الباحثون مجموعة من الضوابط، منها جودة الصور المتبدلة. لكن ربما يتعلق هذا العامل بميل الفرد إلى إرجاع جفنه أثناء تسجيل الصورة. كذلك، لم تكن الإضاءة المستعملة نموذجية، ولا أحد يعرف مدى تأثير درجات السطوع المتنوعة على جودة الصور.

مستقبل التطبيقات الطبية في الهواتف الذكية

في العام 2019، كان 36% من سكان العالم يستعملون الهواتف الذكية. تكشف هذه النزعات أن الأغنياء عموماً يميلون إلى اقتناء هواتف ذكية، لكن بدأت هذه الأجهزة تزداد شيوعاً في المناطق الأقل مستوى اجتماعياً واقتصادياً حول العالم.


يقول الباحثون: "تُمهّد هذه النتائج لتطوير تطبيق داخل الهاتف الذكي، فلا يكتفي بالتقاط الصورة بل يحلل عناصرها الداخلية أيضاً لتوقّع نسبة تركّز الهيموغلوبين في الوقت الحقيقي. إنها فرصة جاذبة جداً للدول النامية التي تملك على الأرجح أنظمة طبية محدودة وبدائية وسيئة التوزيع لكنها مترابطة بفضل شبكات اتصالات راسخة".

سيُركّز أي تطور مستقبلي على تصميم واجهة للمستخدمين بهدف تسهيل التقاط الصور المناسبة على عامة الناس، حيث تكون الإضاءة ومحاور التركيز ومجالات الاهتمام بأفضل حالاتها. يدعو العلماء أيضاً إلى تطوير أدوات التصوير ومجموعة أخرى من أنظمة الحلول الحسابية بناءً على النموذج التنبؤي.

أخيراً، تكشف هذه الدراسة برأي سونير أن توقّع فقر الدم عبر استعمال هاتف ذكي هو مفهوم قابل للاستمرار. قد ينعكس هذا المشروع وجميع المشاريع اللاحقة إيجاباً على مجموعة كبيرة من الناس، ما يعني أن يستفيد قطاع الصحة حول العالم في نهاية المطاف.


MISS 3