شربل داغر

العربية في الفيس

17 آب 2021

02 : 00

ما أثر وسائل التواصل الاجتماعي على اللغة، وعلى العربية خصوصاً؟

سؤال جدير بالطرح، بالنقاش، ولا سيما بعد مضي عقدين على الاقل على شيوع هذه الوسائل.

ما يمكن قوله، بداية، هو أن الغلبة مزيدة للتواصل، للتكالم، على التكاتب، وفي الكتابة نفسها.

ذلك ان هذه الوسائل تُشعر مستعملها بقرب مخاطبه، فتعمد الى مباشرته، الى الفعل التواصلي مع من تريد، فرداً، او مجموعة.

هذا ما يُغلّب انفعال القربى، ويجعل الكتابة تتخفف من كثير من عدتها الكتابية والتعبيرية.

أولى الضحايا، السهلة واقعاً، هي ادوات التنقيط. لا حاجة لها، ولا لما تجلبه من دقة في التعبير.

وهي السهولة عينها التي تجعل عرباً، ولا سيما الطلاب منهم، منذ بداياتهم الجامعية، يعمدون إلى كتابة العربية بالحرف اللاتيني (ما نجده في كثير من التعليقات في الفيس).

وما يفاقم من حالة التدوين هذه، هو ان المستعملِين اللغويين يعمدون، بدل كتابة انفعالاتهم، إلى إنزال صور تعبيرية جاهزة.

وهو ما يشمل كاتبات وكتاباً في صورة مطردة، سواء في نصوص أدبية أو في تدوينات، من دون أن ينتبه الواحد منهم إلى حصول الخطأ، أو إلى معرفته في الأساس.

ولا تعدو حالة التخفف من اللغة أن تكون تردّياً مزيداً في ما تَنقص قيمتُه في التداول الاجتماعي.

هذا ما يصيب التعبير اساساً، إذ يتحول إلى حالات كتابية مكتفية بخردة الكلام، كما تقتصر على البسيط والقليل والمباشر، من دون تغوير أو تعمق أو استبيان.

هذا يطيح الكثير من عالي اللغة، ودقيقها، اي من فكر الإنسان وتعبيره، عملاً بما قاله الفيلسوف الإغريقي: قلْ لي كيف تكتب، أقلْ لكَ كيف أنت.


MISS 3