جاد حداد

جرعة يومية من الكولاجين تحسّن بشرتك؟

18 آب 2021

02 : 00

تكشف الأدلة أن مكملات الكولاجين تسهم في تحسين البشرة، لكن تبقى الدراسات الفردية صغيرة وتختلف نوعية المكملات المتاحة. هل يمكن استرجاع الشباب عبر إضافة مسحوق إلى مشروبك؟ إنه الادعاء الذي أطلقه مصنعو مكملات الكولاجين التي يتم تسويقها على نطاق واسع كطريقة لتحسين نوعية البشرة والتخلص من التجاعيد وآثار الشيخوخة الأخرى. الكولاجين بروتين أساسي للبشرة، لكنه يفيد الأوتار والأربطة والعظام والغضروف أيضاً. يصبح هذا العنصر بمثابة دعامة لتقوية بنية البشرة. لذا يبدأ الجلد بالترهل وتظهر التجاعيد عليه حين تتراجع مستويات الكولاجين مع التقدم في السن. وفق مراجعة نشرتها «مجلة الأدوية في طب الأمراض الجلدية» في العام 2019، شكلت مكملات الكولاجين التي تكون على شكل كبسولات أو سوائل أو أقراص للمضغ سوقاً بقيمة 3.71 مليارات دولار في الولايات المتحدة بدءاً من العام 2016. لكن يصعب تصديق جزء من المزاعم المحيطة بهذه المكملات. هل من أدلة على فعالية مكملات الكولاجين لتحسين صحة البشرة وعكس مؤشرات الشيخوخة؟ وهل يمكن اعتبارها آمنة؟ في ما يلي يجيب الدكتور بيتر شيان، أستاذ في قسم الأمراض الجلدية في كلية الطب التابعة لجامعة «هارفارد» على أبرز الأسئلة في هذا المجال.

هل من أساس علمي للادعاءات القائلة إن مكملات الكولاجين تستطيع تحسين البشرة؟

من الناحية البيولوجية، قد تنتج مكملات الكولاجين أثراً معيناً داخل الجسم. عند استهلاك مُكمّل من هذا النوع، يتفكك البروتين إلى أجزاء أصغر حجماً اسمها الببتيدات الثنائية والثلاثية ثم تمتصها الأمعاء. يعرف الباحثون أن الجسم يمتصها لأنهم يستطيعون رصد تلك العناصر في الدم بعد أخذ المكمّلات. في دراسات جرت على نماذج من الفئران، اكتشف الباحثون أن الببتيدات الثنائية تحديداً تشق طريقها نحو البشرة سريعاً ثم تبقى هناك لمدة تصل إلى أسبوعين في كل مرة. في ما يخص البشر، يبدو أن مكملات الكولاجين تعطي الأثر نفسه من حيث التحفيز على إنتاج الكولاجين.

ما هي الأدلة التي تثبت فعالية مكمـــــــــــــلات الكولاجين؟

في مراجعة نشرتها "مجلة الأدوية في طب الأمراض الجلدية" في العام 2019، راجع العلماء تجارب عشوائية كانت قد اختبرت آثار مكملات الكولاجين على البشرة. شملت تلك المراجعة 11 تجربة مختلفة دامت كل واحدة منها لسبعين يوماً تقريباً. بشكل عام، كان مجموع المشاركين في التجارب صغيراً: 805 أشخـــاص، منهم 699 امرأة.

جمع العلماء أدلة مفادها أن استعمال مكملات الكولاجين على المدى القصير والطويل يُخفف التجاعيد وآثار الشيخوخة الأخرى، ويسرّع شفاء الجروح، ويحسّن كثافة الكولاجين ومرونة البشرة وترطيبها.

ما هي أنواع الكولاجين التي خضعت للاختبار؟

ثمة ثلاثة أنواع من مكملات الكولاجين التي خضعت للدراسة في تجارب متنوعة.

استعملت ثماني تجارب منها مكمّلاً اسمه "هيدروليزات". أخذ المشاركون في تلك الدراسات بين غرامين ونصف و10 غرامات يومياً لمدة تتراوح بين 8 أسابيع و24 أسبوعاً. أراد الباحثون في تلك الدراسات أن يعرفوا مدى قدرة المكملات على تحسين مشاكل مثل التقرحات، أو جفاف الجسم، أو آثار شيخوخة البشرة، أو السيلوليت.

في دراستَين محددتَين، أخذ المشاركون 3 غرامات يومياً من الكولاجين ثلاثي الببتيد طوال 12 أسبوعاً لمعرفة مدى قدرته على تحسين رطوبة البشرة ومرونتها.

حللت دراسة أخيرة قدرة الكولاجين ثنائي الببتيد على تحسين التغيرات الجلدية المرتبطة بالسن. انقسمت 85 امرأة على ثلاث مجموعات وتلقَيْنَ 5 غرامات من كولاجين السمك هيدروليزات مع كمية مرتفعة من الببتيد الثنائي (10 ملغ) يومياً طوال ثمانية أسابيع، أو كولاجين السمك هيدروليزات مع نصف ملغ من الببتيد الثنائي خلال الفترة نفسها، أو دواءً وهمياً. تبيّن أن المرأة التي أخذت المكملات الغنية بالببتيد الثنائي سجلت تحسناً على مستوى رطوبة البشرة ومرونتها وشكل التجاعيد مقارنةً بمن أخذت جرعة منخفضة من تلك المكملات أو الدواء الوهمي.

هل تشمل الدراسات أمثلة محددة تثبت تسجيل تحسّن معين؟

اختبرت إحدى الدراسات مفعول 10 غرامات من هيدروليزات الكولاجين اليومي في مجموعة مؤلفة من 106 نساء تتراوح أعمارهن بين 40 و65 عاماً. اكتشف الباحثون أن كثافة الكولاجين زادت بنسبة 9% تقريباً لدى النساء اللواتي أخذن المكملات طوال 12 أسبوعاً. لكن لم تتغير تلك الكثافة في المجموعة التي أخذت دواءً وهمياً.

في دراسة امتدت على ثمانية أسابيع وشملت 114 امرأة بين عمر 45 و65 عاماً، قال الباحثون إن المجموعة التي أخذت غرامَين ونصف الغرام يومياً من هيدروليزات الكولاجين سجلت تراجعاً "بارزاً" في تجاعيد العين مقارنةً بالفئة التي تلقّت الدواء الوهمي. كذلك، زادت مستويات الكولاجين والإيلاستين في بشرة المجموعة التي أخذت المكملات.

في غضون ذلك، اختبرت دراسة أخرى مفعول هيدروليزات الكولاجين ورصدت تعافياً أسرع للتقرحات لدى مشاركين يستعملون المكملات منذ فترة طويلة مقارنةً بمن لم يأخذوها.

كيف استنتج الباحثون أن المكملات مسؤولة عن عكس مؤشرات الشيخوخة؟

استعملت الدراسات الواردة في المراجعة طرقاً مختلفة لتقييم درجة التحسّن في شيخوخة البشرة. استخدم البعض أجهزة لرسم التجاعيد على سطح البشرة ورصد مسار تغيّرها مع مرور الوقت. وقارن الباحثون في دراسات أخرى صور المشاركين في الدراسة قبل التجربة وبعدها وقيّموا نوعية بشرتهم.

هل يمكن تحقيق النتائج نفسها عبر استهلاك مأكولات غنية بالكولاجين والتخلي عن المكملات؟

يمكن إيجاد الكولاجين في أغذية كثيرة، مثل الدجاج والأسماك. لكن لا يمكن الحصول على كمية كافية منه بهذه الطريقة لبلوغ نسبة الكولاجين الموجودة في المكملات أو ظهور الأثر المنشود على البشرة.

هل من توصيات عامة بشأن استعمال مكمــــــــلات الكولاجين؟

لا تكون جميع المكملات متساوية. يُعتبر قطاع تصنيع هذه المنتجات عشوائياً ويفتقر إلى التنظيمات أو تدابير مراقبة الجودة. قد يستخرج المصنعون الكولاجين مثلاً من مصادر مختلفة تتراوح بين الخنازير والأبقار والحيوانات البحرية. يكون الكولاجين موجوداً طبيعياً لدى الحيوانات وحدها، ومع ذلك تزعم علامات تجارية معينة أنها تستعمل الكولاجين النباتي. لكن لا أحد يعرف مدى فعالية هذا المنتج.

بسبب هذه الاختلافات، قد تستفيد بشرتك من بعض المكملات دون سواها. كذلك، قد لا تحتوي التركيبات دوماً على العناصر الواردة على غلاف المنتج نظراً إلى غياب الرقابة، أو ربما تشمل ملوثات أو عناصر ضارة أخرى. لكن يمكننا أن نحصل على بعض التطمينات عبر اختيار منتج يخضع لمراقبة منظمات مستقلة مثل شركة "فارماكوبيا" الأميركية، أو منظمة "إن إس أف إنترناشونال"، أو موقع ConsumerLab.com. ومع ذلك يبقى الحذر واجباً. أثبتت الاختبارات المستقلة أن جودة المنتجات التي تخضع للمراقبة تبقى مشبوهة أحياناً. يجب أن يتذكر الجميع هذه المعلومة عند التفكير بأخذ المكملات.

تشير مجموعة من الأدلة إلى احتمال تحسّن البشرة بفضل مكملات الكولاجين، لكن تبقى الدراسات الحاصلة حتى الآن صغيرة. لذا تبرز الحاجة إلى إجراء أبحاث إضافية للتأكد من النتائج وتحديد الجرعة المثالية والأمراض الجلدية التي يمكن معالجتها بهذه الطريقة.

هل تُعتبر مكملات الكولاجين آمنة؟

في الوقت الراهن، يُعتبر الكولاجين آمناً. ذكرت المراجعة التي حصلت في العام 2019 أن أياً من المشاركين في الدراسات التي خضعت للتحليل لم يواجه آثاراً معاكسة بعد أخذ المكملات. لكن لم تحلل أي دراسة نسبة أمانها على المدى الطويل.

هل تستطيع أي خيارات أخرى أن تعطي منافع مضادة لشيخوخة البشرة كتلك التي يلــــــــــوّح بها مصنّعو مكملات الكولاجين؟

تتعدد العمليات التجميلية التي تسهم في تحسين آثار الشيخوخة، منها التقشير بالليزر الجزئي الذي يُسبب جروحاً مصغّرة في البشرة لإطلاق استجابة الشفاء التي ترفع مستوى الكولاجين، وتقنية الوخز بالإبر الدقيقة التي تستعمل جهازاً لإحداث ثقوب في البشرة وتحفيزها على إنتاج الكولاجين. لكن تكون هذه العمليات أعلى كلفة من المكملات بشكل عام، لذا لا تُعتبر خيارات عملية لجميع الناس.

خــــــــلاصــــــــــة

إذا كنت ترغبين في تجربة نوع من مكملات الكولاجين إذاً، يمكنك اعتباره خياراً آمناً ومفيداً لبشرتك على الأرجح. لكن قد يتوقف أي تحسّن محتمل على المنتج الذي تختارينه. يعني غياب تدابير المراقبة أن الجودة تختلف من منتج إلى آخر.


MISS 3