محمد دهشة

حلاقة في الهواء الطلق في صيدا... الصالون بدون كهرباء كـ"المحمصة"!

27 آب 2021

02 : 00

نعيماً... في الهواء الطلق

أجبر التقنين القاسي بالتيار الكهربائي وإطفاء مولدات الاشتراكات الخاصة امتداداً الى ازمة شحّ المازوت، الحلاق احمد اسماعيل على نقل كراسي الحلاقة الى خارج صالونه الكائن في "حي الزهور" الشعبي في صيدا، سعياً وراء النور، وهرباً من ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، بعدما تسلّح بالمقص والمشط وبماكينة حلاقة تعمل على البطارية تلبية لزبائنه من دون ان يتكبدوا عناء الانتظار او يتصببوا عرقا.

يقول المعلم أحمد لـ"نداء الوطن": "انقطاع التيار الكهربائي بكل اشكاله (الدولة والاشتراك) دفعنا الى هذا الخيار، بعض الزبائن وهم قلّة، رحّبوا به وقصّوا شعرهم خارج الصالون كالعادة، وغالبيتهم لم يستحسنوا الفكرة وقرّروا الانتظار لحين مجيء الكهرباء. اضطررت لشراء مولد لتسيير العمل ووقعت بمشكلة تأمين البنزين له ايضا، ومع بدء انفراج الازمة لجهة المازوت وتشغيل المولد الخاص شعرنا بالارتياح اكثر".

لم يتوقع احمد كغيره من معلمي الحلاقة في المدينة ان تصل الازمة المعيشية والاقتصادية الى هذا الحد من المعاناة. قرر القليل منهم الاقفال الموقت، فيما حذا كثيرون ممّن لا يملكون مصدر عيش بديل حذوه، حتى لم يعد مشهد الحلاقة خارج الصالون في الهواء الطلق غريباً او غير مألوف. يوضح احمد "نريد المحافظة على باب أرزاقنا وتأمين قوت يومنا، الاوضاع سيئة وغير مطمئنة وتتجه نحو الاسوأ، فلا كهرباء ولا مولدات ولا مازوت ولا بنزين ولا دواء ولا خبز، لوين آخذين البلد وشو بدّهم يعملوا فينا بعد؟"

ويصف أحد زبائنه أبو علي قبلاوي صالون الحلاقة بغياب الكهرباء بأنه اشبه بالمحمصة، ويضيف "الفكرة مقبولة سيما وانها لمرحلة قصيرة.. .فلا بأس بالحلاقة في الهواء الطلق، ولكن من الصعوبة بمكان ان تعيش الحياة بلا أبسط حقوق من مياه وكهرباء وبنزين ومازوت، انه الجحيم بعينه".

والى جانب فقدان المازوت، شكّل شح البنزين الشغل الشاغل للقوى الصيداوية، وسط مطالبة متزايدة لبلدية صيدا بأخذ زمام المبادرة لتنظيم التعبئة كما فعلت في مادة المازوت. وقد انطلقت التحضيرات لهذه العملية وفق ما يؤكد رئيس الدائرة الهندسية زياد الحكواتي لـ"نداء الوطن" ويقول: "ان العمل جار على اعداد منصة للتسجيل وفق تطبيق على الانترنت، اذ لا مفر من تنظيمها بما يتناسب مع عدالة التوزيع وتخفيف الازدحام وقطع الطريق على اي اشكالات"، في وقت علمت "نداء الوطن" ان النائبة بهية الحريري عقدت سلسلة لقاءات مع رؤساء بلديات في قرى شرق صيدا من اجل ان تشمل عملية توزيع القسائم على المقيمين فيها وليس ابنائها فقط للتخفيف من الازدحام والضغط على محطات صيدا.

التحضيرات تجرى على قدم وساق على وقع أحاديث المنتظرين على المحطات، والاستياء والانزعاج من الانتظار طويلاً ومن وقوع اشكالات متنقلة، فهمّ تأمين البنزين تقدّم على ما عداه، ثمة روايات كثيرة عن معاناة هنا او هناك، رجل مسن ينتظر دوره ولا ينجز المهمة في نهاية المطاف، ومهندس ركن سيارته جانباً وفضّل شراء دراجة كهربائية، وسيدة انتظرت لثلاث ساعات وعندما جاء دورها نفدت الكمية، ومعلم نفدت سيارته من البنزين واضطر الى دفعها للوصول الى المحطة بمساعدة المارّين، حتى ان البعض بدأ يتحدث عن فتح احدى المحطات ليلا وتبليغ الزبائن بالتوقيت، او ركن سياراتهم في طريق جانبي يؤدي الى محطة أخرى بعيداً من انظار المنتظرين.

ورغم ذلك الناس لا تعدم وسيلة وتبتكر افكاراً جديدة، سائقون ركنوا سياراتهم منذ ساعات الليل او ابقوها في مكانها اذا لم يصل دورهم بالتعبئة، اقفال الطريق المحاذي للمحطة من قبل السائقين والمنتظرين كما حصل عند الاوتوستراد الشرقي عند محطة "الجردلي" وعند مستديرة "القناية" قرب محطة "صهيون"، امتداد طوابير السيارات في صفوف طويلة ارتالاً وعلى صفوف متعددة، صعوبة مرور أكثر من سيارة واحدة في مكان وجود المحطات. وقال السائق علي السن "ابو حسان": "لقد تحول لبنان محطة كبيرة، والمدن مواقف للسيارات، تبدلت الاولويات وباتت الطوابير سمة يوميات الناس رغم كل الانزعاج والاستياء".

واللافت في الازمة ان بعضاً من سائقي سيارات الاجرة توقفوا عن العمل لصعوبة الانتظار لساعات لتعبئة خزانات سيارتهم، بينما البعض الآخر رفع تسعيرة النقل الى اكثر من 25 الفاً داخل المدينة ونحو 35 في منطقتها.


MISS 3