طوني فرنسيس

حقيبة الأدوية من دبي وتعهّد الحاج صاحب المستودع

28 آب 2021

02 : 00

وصلت الشابة اللبنانية من دبي منتصف الليل في زيارة قصيرة لأهلها. لم تحمل معها أغراضاً وحقائب، فقط كان عليها، وهي القادمة في هذه الزيارة القصيرة، ان تنقل شنطة مليئة بالادوية لتصل الى محتاجيها، تبرّع بها وجمعها اصدقاء وصديقات من اللبنانيين والاماراتيين والمقيمين في الدولة العربية الشقيقة .

قبل وصولها كان مرضى السرطان يعتصمون للمطالبة بحقهم في العلاج والدواء، وكان رواد الصيدليات لا يجدون فيها أدويتهم الضرورية، أما وزير الصحة فكان يزور مستودعات ضخمة لشتى انواع الأدوية التي تم شراؤها بأموال المودعين وبأسعار مدعومة لتتم تخبئتها استعداداً لبيعها بأسعار تدر على محتكريها ارباحاً خيالية وليورث النصابون آلاف العائلات احزاناً والاماً لا تقدر بثمن.

مرّت شنطة الادوية الى محتاجيها بخير. هذه المرة لم يتنطح موظف للسؤال عن محتوياتها، ولم يتهم آخر ناقلها بالتجارة فيطلب جمركاً. لم يقم اصحاب السلطة بخطوة من هذا النوع ربما خوفاً واستحياءً من الصبية في مهمتها النبيلة، او من شركة الطيران الاماراتية التي سمحت للبنانيين في المغتربات بحمْل اوزانٍ اضافية معهم دعماً لأهاليهم في لبنان. وبلغت تلك الأوزان عشرة كيلوغرامات للقادمين من الامارات ودول الخليج و23 كيلوغراماً للقادمين الى بيروت من افريقيا واوروبا وأميركا. كانت الأدوية المحمولة جواً المجموعة قطعة قطعة بأموال المغتربين قسراً عن بلادهم، لا تساوي نزراً يسيراً مما هو مكدس في مستودعات الحاج الشهير. وشعرت الصبية للحظة انها تقوم بمهمة تهريب، قبل ان تنتبه ان المهربين هم هؤلاء الذين سرقوا الدواء وهم برتبة الحاج ذات "القدسية" وأن عقابهم اقتصر على توقيع تعهد جاهر الوزير المختص بمدى افتخاره به.

توزعت ادوية المتبرعين في دبي على من يحتاجها، أما ادوية مستودعات الحج فلن تُعرف مسالكها البرية والجوية ولا البولية. من الخارج يأتي لبنانيون حريصون على اهلهم ووطنهم، ومن الداخل ينتفض المهربون والميليشياويون لحماية فسادهم وفجورهم، بدءاً بالدواء ومروراً بالمحروقات والخبز والمياه والتيار الكهربائي بين تيارات أخرى.

وكان ينقص اعتصام مرضى السرطان لتنكشف السفالة في أحقر صورها، لكن للسافل دوماً من يحميه فكيف اذا كان هو شخصياً صاحب القرار .


MISS 3