"القوّات" و"التقدّمي" يدافعان عن حرّية اللبنانيين

جلسة الإجهاز على الحرّيات و"شيطنة" "نداء الوطن" يُفشلها السياديّون

01 : 18

الجراح: شتم رئيسي الجمهورية والحكومة غير مقبول (دالاتي ونهرا)
هي جلسة الاقتصاص من الاعلام، والبحث عن السبل الكفيلة بتقييده تمهيداً للإجهاز عليه، فما حصل أمس في مجلس الوزراء يشي بأننا دخلنا في زمن "الديكتاتوريات المقنعة" التي لفظتها دول قريبة وبعيدة. وتجنّد من ضاقوا ذرعاً بالإعلام الحر للانقضاض عليه بذريعة تطبيق القوانين وتطويرها في لبنان الذي كان وسيبقى منارة إعلام وحرية.



مرة جديدة كان لـ"نداء الوطن" حصة الاسد من الهجوم "الجريصاتي" الذي يشهر نوايا واضحة شبيهة بتلك التي سادت إبان الوصاية السورية يوم أقفلت صحف ومحطات تلفزة، فبعدما أجمع اعضاء الحكومة على عدم التعرّض لرئيس الجمهورية، أدلى وزراء "القوات" بدلوهم مؤكدين تطبيق القوانين ولكن ليس على طريقة قمع الحريات، أمر استفز الوزير سليم جريصاتي الذي صوّب مباشرة على "نداء الوطن" وهاجمها، داعياً إلى تطبيق القوانين بحقها فوراً لأنها تمعن في الشتيمة ومهاجمة الرئاسة الاولى، وطالب بتعديل قانون المطبوعات، في حين فضّل رئيس الحكومة سعد الحريري رفع الغرامات على المطبوعات ووسائل الاعلام كما في كل دول العالم بدلاً من عقوبة السجن، حتى تتحمل وسائل الاعلام وغيرها المسؤولية أكثر.

إثارة القضية دفعت الوزير وائل ابو فاعور إلى الكلام مدافعاً عن الحريات الاعلامية وتحديداً "نداء الوطن"، كما قدمت الوزيرة مي شدياق مداخلة مطولة أكدت فيها ان لا داعي لتعديل القانون لأن ما هو مشكو منه لجهة عدم التعرض للمقامات منصوص عنه، وسألت لماذا استهداف "نداء الوطن" بينما يتمّ التغاضي عن وسائل إعلام أخرى تمعن في الهجوم والشتيمة ولا أحد ينبس ببنت شفة؟ ليتدرّج الكلام حيث دعا رئيس الجمهورية الى وجوب الانتباه لعدم المساس بالعملة الوطنية والفصل بين النقد والشتيمة، فالجميع يرحب بالنقد ولكن الشتيمة مرفوضة، ويجب إعداد قانون يميز بين الأمرين، مع الاحترام الكلي للحريات، ويجب ان لا يكون هناك أي تساهل بالموضوع، ويكفي عبرة لنا ما حصل مع بنك "انترا" الذي كان من أقوى المصارف ولكن بدأت الشائعات الكاذبة بحقه ما ادى الى انهياره، وسأل اين اصبح تدقيق ديوان المحاسبة بقطوعات الحساب؟ وأجاب وزير المال علي حسن خليل انه في مشروع الموازنة تم السماح لديوان المحاسبة بملء الشواغر والاستعانة بشركات تدقيق محلية ودولية عند الحاجة

عون يريد تقريراً من "الداخلية"

من ثم طلب عون من وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن تقريراً عمّا حصل يوم الاحد، "لانه كان يجب على الاجهزة الامنية إبلاغي بما حصل، ولكنها لم تفعل"، وهنا تحدث الحريري معتبراً أن وضع الاعلام بحاجة لمعالجة وقانون المطبوعات بحاجة الى تطوير، ليجيب وزير الاعلام جمال الجراح بأنه يوجد قانون في لجنة الادارة والعدل النيابية، وانه عمد الى تكليف فريق عمل بوضع صيغة وتحديد من هو إعلامي ومن هو غير إعلامي، لافتاً الى وجوب احترام أصول وآداب المهنة، وهنا قال عون إن الصحف والمجلات يطبق عليها قانون المطبوعات بينما وسائل الاعلام المرئي والمسموع ووسائل التواصل الاجتماعي لا يطبق عليها هذا القانون، فأعلنت شدياق رفض تقييد الحريات الاعلامية ووجوب حمايتها من اي استهداف، محذرة من اي اتجاه الى افقاد لبنان هذه الميزة المتبقية التي كان من السباقين فيها، وبدلاً من البحث في دعم وسائل الاعلام التي تعاني من صعوبات كبرى نجد أن هناك من يريد ممارسة الضغط عليها، ما يعني حرمان اللبنانيين من وسائل إعلامية بعدما أقفلت مؤسسات مرموقة ولم تحرك الدولة ساكناً لمساعدتها.

وكانت مداخلة مطولة لجريصاتي اعتبر فيها أن على الاعلام مراعاة الاصول والقواعد، وعدم نشر أخبار كاذبة وترويج شائعات من شأنها أن تمس الاستقرار الامني والسياسي والنقدي، ونحن في معركة الدفاع عن الاقتصاد والعملة الوطنية وهيبة الدولة. فرد عليه الوزير ريشار قيومجيان: "إننا كفريق سياسي ممثل في الحكومة نرفض رفضاً قاطعاً المساس بهيبة الرئاسة ونحن ضد الشتم وأعمال الشغب وتلفيق الاخبار والكذب، مع ضمان حق التظاهر ضمن القوانين، وفي الوقت نفسه نرفض المس بالحريات الاعلامية ونحذر من أي منحى في هذا الاتجاه الخطير".

وشدّد الحريري على أهمية المحافظة على الاعلام، رابطاً ذلك بوجوب تعديل قانون المطبوعات لا سيما لجهة التشدد في فرض الغرامات عند وقوع مخالفة، بحيث تكون هذه الغرامات رادعة تجعل أي وسيلة اعلامية تتحسس المخاطر قبل الاقدام على ما يسيء الى المقامات أو مقومات الاقتصاد الوطني وغيرها من أمور أساسية.

وركز الوزير خليل في مداخلته على أن موضوع الاعلام يستأهل الدرس بهدوء وموضوعية ورفض التعرض لشخص رئيس الجمهورية أو الرئاسة، مع التأكيد أن التضامن الحكومي ضروري.

أما الوزير جبران باسيل فأكد ان لا مساس بحرية الاعلام، داعياً الى معالجة ما حصل بجدية، لان الشائعات اثّرت سلباً على الاستقرار النقدي والاقتصادي، كما شدّد على أهمية الاصلاحات في الموازنة، وعلى أن تتضمن إصلاحاً بنيوياً، ويجب مصارحة اللبنانيين بما يجري وتقديم موازنة يطمئن اليها المواطن. وقال الوزير كميل ابو سليمان: "إننا كفريق ممثل في الحكومة مع اقرار الموازنة على ان تتضمن بنوداً اصلاحية، والافضل بقاء قانون المطبوعات على ما هو عليه، واذا وجدت حاجة ماسة لتعديله يدرس الامر بهدوء وبعيداً من الانفعال والاتهام". ولاقاه الوزير ابو فاعور متمنياً نقاشاً رصيناً وهادئاً في مقاربة موضوع الاعلام، بحيث لا يظهر وكأننا نسعى الى التضييق على الحريات، خصوصاً أن هناك اتفاقاً عاماً على هذه الطاولة بعدم المساس بالحريات، وأي ضرر يلحق بالبلد لن يميز بين أحد، وكل القوى السياسية تصبح مستهدفة.

عون: لدينا امكانية للخروج من هذه الازمة

وختم عون المداخلات الاساسية بالقول: "مهمتنا تقوية ثقة الشعب بدولته وليس اضعاف هذه الثقة لانه بهذه القوة نستطيع ان نواجه التحديات، وانا سبق وصارحت اللبنانيين منذ فترة اننا امام مرحلة صعبة، ولكن قلت في حينه أن لدينا امكانية للخروج من هذه الازمة، ولم أقل يوماً بأن الوضع ميؤوس منه كما يروّج البعض بهدف ضرب العملة الوطنية وضرب الاقتصاد".وهنا أثارت الحسن وجوب وضع معايير لما هو نقد ومعارضة سياسية من جهة وما هو تجريح، مع الاشارة الى أن بعض المحللين الاقتصاديين يتحدثون في الموضوع ويطلقون توصيفات، ففي أي خانة يمكننا وضعها؟ فتحدث الوزير محمد فنيش داعياً الى تطبيق القوانين، مشيراً الى ثغرات تجب معالجتها، لأن هذا الفلتان في وسائل التواصل الاجتماعي غير مقبول، وهناك حاجة الى ضوابط مع التمسك بحرية التعبير المصانة بالدستور. وقال الحريري بأن بعض الوزراء والنواب يدلون بتصريحات تضر بالوضع الاقتصادي والمالي. وسئل وزير الاعلام جمال الجراح بعد الجلسة عن سبب تصوير الاعلام على انه المسؤول عما يحصل، فقال: "صحيح ان الاعلام ينقل ما يقوله السياسيون ولا ذنب عليه في ذلك، ولكن هناك امر آخر حيث يجتهد بعض الاعلاميين في تحليل الوضع الاقتصادي والمالي بما يؤثر سلباً على الوضع العام، علماً ان هؤلاء ليسوا بخبراء اقتصاديين او ماليين ويكتبون اموراً من شأنها الحاق الضرر بالوضع النقدي والاقتصادي للبلد، اضافة الى شتم المسؤولين من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وغيرهما. هذا امر غير مقبول".

وقال مصدر وزاري لـ"نداء الوطن" انه قبل نهاية جلسة مجلس الوزراء وبعد اقرار جدول الأعمال، تحدث عون فابلغ الوزراء عن قرار الأمم المتحدة بأكثرية 165 صوتاً، بإنشاء "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"، لافتاً إلى أنه خلال ترؤسه وفد لبنان إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، تحدث عن هذه الأكاديمية مع الأمين العام أنطونيو غوتيريس ورؤساء الدول والحكومات الذين التقاهم على هامش أعمال الدورة. وأشار عون إلى أن الأكاديمية ستكون عالمية وتشارك فيها دول عدة، وأن بلدية الدامور قدمت الأرض لإنشاء الاكاديمية عليها. وقال إن 165 دولة صوتت مع القرار بعد رعاية من 179 دولة، واعترضت الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل التي تناولت مندوبتها في الأمم المتحدة رئيس الجمهورية في كلمتها خلافاً للتقاليد المعمول بها في المنظمة الدولية.


MISS 3