"رافعة المغتربين"... لدعم ميزان المدفوعات

01 : 29

على وقع الإشادة بدوره الوطني وعمله على "إصلاح" أخطاء السلطة السياسية في تأخير الانتخابات النيابية واقرار الموازنات ونفخ القطاع العام بالموظفين وارتفاع عجز الدولة وفتح الحروب وتشريع الحدود وما ترتبه من أعباء ترمى كلها على كاهله... تقدم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإلقاء خطابه في "المنتدى السنوي التاسع للمسؤولية الاجتماعية" الذي عقد تحت عنوان "الاقتصاد الدائري" قائلاً: "أعتقد أن هذه المقدمة إختصرت كثيراً من مضمون كلمتي". بإشارة واضحة الى الكلفة المرتفعة التي ترتبها السياسة على النقد، ومن ثم إعادة تحميل "المركزي" مسؤولية لملمة الوضع وإنقاذ الموقف.

وبالرغم من إنتظار الحاضرين والمتابعين لتعليق الحاكم على أزمة النقد وسعر صرف الدولار، أطلق سلامة رزمة دعم جديدة لقطاع السكن تحتوي على 280 مليون دولار مخصصة للقروض السكنية، كما أن الكويت خصصت 170 مليون دولار كقرض موجه للقروض السكنية وهو بانتظار الحكومة لإقراره. في الشكل هناك 500 مليون دولار لدعم قرض الإسكان أما في المضمون فان هذه القروض المخصص جزء كبير منها للمغتربين ما هي إلا رافعة غير مرئية لميزان المدفوعات تساهم بشكل مباشر في تأمين مزيد من التدفقات النقدية من العملة الأجنبية إلى داخل الأسواق اللبنانية. ولعل هذا جزء من السياسات التي يحاول من خلالها "المركزي" تغطية فشل الدولة في خفض ميزان المدفوعات الناتج أولاً وأخيراً عن عدم ضبط الموازنة واستمرار انفلاش القطاع العام وعدم وجود أي آلية واضحة أو شفافة للإستفادة من مواردنا المالية وقطاعاتنا الانتاجية سواء كان في الكهرباء أو المرفأ أو الاتصالات أو غيرها الكثير من المرافق الانتاجية والخدماتية.

باختصار، المصرف المركزي الذي نجح منذ التسعينات بإمساك الوضع النقدي بسياسات وهندسات جنّبت البلد الكثير من المطبات والمشاكل، ليس مسؤولاً عن رسم السياسة الإقتصادية للدولة والحلول مكانها في التخطيط العام، وهو وإن فعلها راغباً أو مكرهاً فعلى الحكومة إعادة تصويب الأمور ووضعها في مكانها الصحيح.