مايا الخوري

ميراي بانوسيان: لن يصبح لبنان وطناً إلا إذا تحرّرنا من التبعيّة

6 تشرين الأول 2021

02 : 00

أنهت الممثلة ميراي بانوسيان تصوير دورها في الفيلم السينمائي "الربّ يراني"، كما تطلّ في المسلسل الدرامي "حكايتي" عبر قناة الجديد. إلى ذلك تواصل إعطاء دروسٍ خاصة في التمثيل، بعدما شاركت في لجنة حكم مهرجان "الأمل" السينمائي في ستوكهولم. عن مشاريعها المتنوّعة تحدثت إلى "نداء الوطن".



ما المسار الدرامي الذي ستتّبعه شخصية "سهام" في مسلسل "حكايتي"؟


تواجه "سهام" الظلم بقوّة وشجاعة. هي إمرأة قويّة وطيّبة في آن، تقف إلى جانب جيرانها في الحيّ. إعتنت بأولاد صديقتها "نجاة" بعدما تخلّت عنهم، وأحبّتهم كأبنائها لأنها محرومة من الإنجاب. تبدو في البداية شخصية مرحة وقوية لنكتشف بعد تطوّر الأحداث إنكسارها وتحوّلها إلى شخصية درامية. ثمة تشعبات كثيرة في هذه الشخصية التي تواجه صراعات داخلية، وظلماً في زواجها. لكنها تصمد بفضل مساعدة "نجاة" التي ردّت لها الجميل بالوقوف إلى جانبها.



صوّرت الفيلم السينمائي الديني "الرب يراني" (كتابة منير معاصري، إخراج طوني نعمة)، كيف تقيّمين هذه التجربة؟

أقدّم شخصية "كريستينا" والدة القديس إسطفان نعمة، التي ربّته على الطيبة وحب الصلاة والبساطة والإيمان. نرى في هذه الشخصية مشاعر الأم التي اختبرت ألم الإنسلاخ عن إبنها الذي اختار حياة الرهبنة.



مهما نوّعت في الأدوار، يبقى الألم الجامع المشترك بينها؟


أحرص دائماً على قراءة الأدوار التي تُعرض عليّ لأضمن التنوّع في الشخصيات، إنما ما من إمرأة أو أمّ، لم تختبر الألم في حياتها، ليتفاوت الوجع وفق قدرتها على التحمّل.



يختصر كليب "عمرو ما يتّاكل" مع الممثل سعد حمدان معاناة اللبنانيين الإجتماعية والإقتصادية، برأيك هل سيصمد الشعب أمام هذا الظلم؟


لطالما عشنا بأعجوبة في هذا البلد. لم يعد يكفي المعاش الشهري لأكثر من يومين إثنين، فتدنّى مستوى العائلات من المتوسّط إلى خط الفقر. لم نعد في مرحلة صمود أبداً، بل إنكسرنا على أمل أن نتمكّن من الوقوف مجدداً، مثلما حصل بعد التجارب والأحداث الكثيرة التي خبرناها في لبنان. شعرت بضرورة المشاركة وقول شيءٍ ما تجاه وضع "الهوّارة" الذي نعيشه. شاركت بعفوية إلى جانب صديقي سعد حمدان في فكرته الجميلة التي صُوّرت بإدارة المخرج سام سعد.



مع المخرج طوني نعمة



ما الدور الواجب أن يلتزم به الفنّ تجاه المجتمع؟


شكّل الفنّ دائماً صرخة الناس الموجوعين. عندما نزل الشعب إلى الشارع لقول كلمته جوبه بالقتل والتخوين. نزل للمطالبة بعيشٍ كريمٍ، وبوطنٍ يحترمه ويؤمّن له أبسط حقوقه، لكنه لم يستطع الصمود بسبب مافيات البلد. لن يصبح لبنان بلداً، إلا إذا خرجنا من إطارنا الضيّق، أي تحرّرنا من التبعية للزعيم، وتبعنا إنسانيتنا وحقوقنا كمواطنين. أسعى كأمٍّ إلى تأمين حياة كريمة لأولادي، وتأمين تعليمهم وطبابتهم وتوظيفهم من دون وساطة. يتحقق الوطن عندما يصبح الإنسان بالمرتبة الأولى لكنه يبقى للأسف في المرتبة الأخيرة في لبنان.



بقي المسرح لسان حال الناس حتى في أقسى الظروف التي مرّت على لبنان، كيف تقيّمين دوره حالياً؟

يعاني المسرح ظروفاً قاسية، وصعوبة في تنفيذه بسبب "كورونا". بعدما شكّل في الماضي لسان حال الشعب، والملتقى وصلة التواصل بين الناس، أصبحت المنصات الرقمية والإنترنت أكثر أهمية منه، بسبب تغيّر الرؤية الإجمالية في العالم وليس في لبنان فقط. يمكننا قول ما نريد في التلفزيون والسينما أسوة بالمسرح الذي سيستمرّ بزخم أخفّ. قدّمنا منير كسرواني وأنا شخصيات على المسرح بمثابة فشّة خلق للجمهور و"تنفيسة" صغيرة إحتاج إليها في زمن الحرب الذي عشنا فيه بكرامة أكثر من الآن. عرفنا وقتذاك هوية عدوّنا الذي كان خارجياً، أما الآن، فأصبح في الداخل.



ما موقفك تجاه توقيف عرض مسرحية "تنفيسة"؟

إستحصلنا دائماً كمسرحيين على موافقة مسبقة من الأمن العام قبل بدء التمارين. يسلك الجميع هذا المسار الطبيعي في كل بلدان العالم. منذ إنطلاق مسيرتي، حُدّدت لنا 3 خطوط حمراء في المسرح: رئاسة الجمهورية، رجال الدين، الزعماء السياسيون وسوريا. فسرنا بين الخطوط لتمرير الرسالة التي نريد. لا يجوز برأيي إيقاف أي عمل مسرحي يتحدث عن الظلم والطغيان وعن حقوق الأفراد والإنسان، إنما من حقّ الأمن العام إيقاف عرض أي عمل في حال لم يستحصل على الموافقة المسبقة.



ألا تتشوّقين للعودة إلى الخشبة؟


إشتقت كثيراً للمسرح، فهو ملعبي وشغفي. لا يعطي قيمته لأي فنّ آخر، لا الدراما ولا السينما. هناك إحساس اللقاء المباشر مع الجمهور، من تصفيقٍ وردّ فعلٍ، إضافة إلى الأداء التمثيلي المختلف والمتصاعد، لذلك إعتبروا أن الممثل الصحيح هو الذي ينطلق من الخشبة.





شاركت في مهرجان "الأمل السينمائي العالمي" في ستوكهولم، ما أهمية هذه المشاركة العالمية؟


شاركت بدعوة من رئيس المهرجان الممثل فادي لوند. سلّط الضوء على القضايا الإنسانية المهمّة جداً كالإعاقة والعنف الأسري وإغتصاب الأطفال. ضمّ أفلاماً من أميركا وبلجيكا وفرنسا وعمّان ومصر والمغرب وكازخستان، ما عكس خليطاً ثقافياً مهماً جداً.

إنضممت إلى لجنة حكم الأفلام الطويلة، ما أفسح المجال أمام تعرّفنا إلى تقاليد المجتمعات وصعوباتها ومشاكلها. عندما ننظر إلى واقعها، نكتشف أن الظلم والشرّ موجودان في كل مكانٍ وليس في لبنان فحسب. حازت الممثلة الأولى في الفيلم الأميركي الذي يتحدث عن الإعتداء على الأطفال القاصرين، جائزة أفضل ممثلة، وكذلك "حنين عطوي" بطلة الفيلم المصري، التي تسلّمت جائزتها الممثلة الرائعة إلهام شاهين. يتحدث هذا الفيلم عن فتاة متحررة تعيش تحت نير التقاليد وتسكت عن الظلم الممارس ضدها. أمّا الفيلم البلجيكي "Save Sandra"، فحاز جوائز أفضل فيلم ومخرج وممثل. يحكي عن معاناة فتاة من مرض نادر، يحارب والدها بكل قوّة من أجل تأمين كلفة أدوية علاجها، لأن الدولة لم تعقد إتفاقية بعد مع أي شركة أدوية مختصّة بهذا العلاج، ويتمكّن من طرح قضيته في الإعلام. نرى مثابرة الأب من أجل إبنته وحرصه على إبقاء خيالها فاعلاً بعدما خسرت النظر والنطق والقدرة على المشي. إنطلق عرض الفيلم في الصالات البلجيكية بعد 4 أيّام من إنتهاء المهرجان، فشجّعت أولادي على مشاهدته هناك.



هل تشعرين بطمأنينة أكثر تجاه مستقبل أولادك في بلجيكا؟


أنا مطمئنة من النواحي كافة، لأن الدولة تحمي كل حامل لجواز سفر بلجيكي، مقدّمة لهم خدمات كثيرة مثل التعليم الجامعي المجّاني، والتنقّل الآمن في الوسائل المتنوّعة بأسعار خاصة بالطلاب. لا أخاف عليهم لأن الدولة تحضنهم وتشعرهم بأمومتها على عكس ما نشعر به من يُتْم في لبنان. تؤمن بلجيكا أدنى الخدمات التي تحفظ كرامة مواطنيها لذلك أشكر الله على نيل أولادي جواز سفرها، خصوصاً أننا ضحّينا في سبيل هذا الهدف لتُفتح الآفاق الجديدة أمامهم. يفسح هذا الجواز المجال أمام تنقّلهم في الدول الأوروبية كافة والتخصص في أي جامعة أوروبية بكلفة متواضعة.



من كواليس مسلسل "حكايتي"



هل أصبحت الجنسية الأجنبية حلم كل عائلة لبنانية؟

يحلم اللبنانيون بها منذ زمن طويل وتهاجر أعداد هائلة من الشباب، لأننا نعيش بقلق مستمر في وطننا. بعدما نؤسس ونستثمر، نخسر كل شيء بسبب تواجدنا على أرض متزعزعة أمنياً. إذا هاجرنا كلنا، من سيسرقون وينهبون؟ فليحكم المسؤولون الحجر!



هل تفكرين بالهجرة المطلقة ؟


إستقريت 7 سنوات في بلجيكا من أجل الحصول على جوازات سفر تؤمن الحياة الكريمة لأولادي. أفضّل التنقل ما بينها وبين لبنان لتنفيذ أعمال تشكّل إضافة نوعية لمسيرتي المهنية، خصوصاً أن ناسي وجمهوري هنا لا هناك. سأسعى إلى تأسيس أعمال في أوروبا، إنما سيبقى لبنان حيث يعيش أهلي، المقرّ الأحبّ إليّ.



أي مشاريع تُشغلك بعيداً من الدراما والسينما؟


أعطي دروساً خاصة في التمثيل. لدي طلاّب متميّزون في كسروان وبيروت. أشكر في هذا الإطار الأستاذ جورج وديع الصافي الذي قدّم لي الإستديو الخاص به في الجديدة لإعطاء الدروس.



ختاماً؟

أشكر الممثلة فيفيان أنطونيوس على نص "حكايتي" وإختيارها لي، مباركة لها وللمنتج مروان حداد ولفريق العمل نجاح المسلسل. كما أتمنى أن يحقق فيلم "الرب يراني" النجاح الكبير الذي يستحقّه. أمّا لجهة الكليب الذي لا يزال محصوراً في "السوشيل ميديا"، فأدعو المحطات إلى تخفيف البدل المادي لعرضه كونه يحاكي الواقع ويحمل رسائل مهمّة. إلى ذلك، أحيي الصديق الفنان فادي لوند على إستضافتي في المهرجان السينمائي العالمي.


MISS 3