ما علاقة النوبات القلبية بمدّة نومك؟

03 : 24

النوم لمدة مناسبة يحمي صحة القلب! إنه الاستنتاج الذي توصّل إليه بحث جديد، فقد تبيّن أن مدة النوم تؤثر على خطر الإصابة بنوبة قلبية، بغض النظر عن عوامل خطر أخرى، مثل المعطيات الوراثية.

في تقرير حديث نشرته "مجلة الكلية الأميركية لأمراض القلب"، وصف علماء أميركيون وبريطانيون كيف حللوا عادات النوم والسجلات الطبية لدى 461347 شخصاً في بريطانيا، تراوحت أعمارهم بين 40 و69 عاماً.

أُخِذت البيانات من "البنك الحيوي البريطاني"، وشملت معلومات ذاتية عن ساعات النوم الاعتيادية في كل ليلة وسجلات صحية تغطّي فترة 7 سنوات، فضلاً عن نتائج اختبار جينات تطرح المخاطر.

كشف التحليل أنّ من نام لأقل من ست ساعات في الليلة كان أكثر عرضة لأول نوبة قلبية بنسبة 20%، مقارنةً بمن نام بين 6 و9 ساعات. ارتفع الخطر أيضاً بنسبة 34% حين نام المشاركون لأكثر من 9 ساعات.

كذلك، لوحظ أن مدة النوم التي تتراوح بين 6 و9 ساعات في الليلة قد تُخفّض خطر نشوء أول نوبة قلبية بنسبة 18% لدى أكثر الأشخاص عرضة لأمراض القلب لأسباب وراثية.

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، سيلين فيتر، أستاذة مساعِدة في قسم الفيزيولوجيا التكاملية في جامعة "كولورادو"، "بولدير": "تطرح هذه الدراسة مجموعة من أقوى الأدلة التي تثبت أن مدة النوم عامل محوري للحفاظ على صحة القلب، وتنطبق هذه المعلومة على جميع الناس".

اكتشفت الدراسات روابط بين عادات النوم وصحة القلب منذ فترة. لكن اشتقت معظم النتائج من دراسات مبنية على المراقبة، ما يعني أنها تؤكد على الروابط القائمة لكنها لا تستطيع إثبات وجود علاقة سببية واضحة. نظراً إلى تعدد العوامل التي تؤثر على النوم والقلب، لا يسهل أن نؤكد على تدهور صحة القلب بسبب قلة النوم، أو اضطراب النوم بسبب اختلال صحة القلب.

أرادت فيتر وزملاؤها خوض هذا التحدي استناداً إلى بيانات مأخوذة من عدد كبير من الأفراد، فجمعوها مع أبحاث جينية واستبعدوا في المقابل عشرات العوامل المؤثرة المحتملة. ثم عدّلوا النتائج لإلغاء آثار 30 عاملاً مؤثراً على صحة القلب والنوم، منها النشاط الجسدي، والصحة النفسية، والدخل، والتعليم، والتدخين، وتركيبة الجسم. في النهاية، كشفت النتائج أن مدة النوم عامل خطر مستقل لوقوع النوبات القلبية. لاحظ الباحثون أن خطر الإصابة بنوبة قلبية ارتفع حين لم يلتزم المشاركون بالنوم بين 6 و9 ساعات في الليلة. زاد احتمال التعرض لأول نوبة بنسبة 52% مثلاً عند النوم لخمس ساعات، مقارنةً بأثر النوم بين 7 و8 ساعات. وتضاعفت نسبة الخطر أيضاً عند النوم لعشر ساعات.

ثم استعمل الباحثون تقنية "العشوائية المندلية" للتأكد من أن قلة النوم عامل خطر مستقل لوقوع النوبات القلبية. رصد التحليل زيادة في مخاطر النوبات لدى من حملوا متغيرات جينية تجعلهم أكثر ميلاً إلى النوم لمدة قصيرة.

كشفت الدراسات السابقة أن أكثر من 24 متغيرة جينية ترتبط بتراجع مدة النوم. ومن خلال استعمال هذه المتغيرات، تستطيع تقنية "العشوائية المندلية" رصد أي علاقة سببية بين عوامل الخطر وأمراض معينة.

توضح فيتر: "هذا ما يزيد ثقتنا بوجود علاقة سببية بين الظاهرتَين، ما يعني أن مدة النوم على وجه التحديد هي التي تؤثر على صحة القلب".

النوم أساسي لحماية صحة القلب

توصيك "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" بالخطوات التالية للاستفادة من نوم سليم:

• اخلد إلى النوم واستيقظ في الوقت نفسه يومياً، حتى في عطلة نهاية الأسبوع.

• تعرّض لكمية كافية من الضوء الطبيعي، لا سيما في بداية النهار.

• تجنّب الأضواء الاصطناعية في الساعات التي تسبق موعد النوم.

• مارس ما يكفي من التمارين الجسدية يومياً، لكن تجنّب الرياضة مع اقتراب موعد النوم.

• لا تأكل أو تشرب قبل ساعات من النوم، وتجنب الكحول والوجبات الغنية بالدهون والسكر تحديداً.

• إذا استمرت اضطرابات النوم، استشر الطبيب لمساعدتك على تحديد أسباب الخلل التي يمكن أن تشمل مشاكل صحية أخرى.

يأمل الباحثون أن تسهم نتائجهم في زيادة الوعي بين الأطباء والرأي العام وصانعي السياسة بشأن أثر النوم على صحة القلب.

يقول المشرف الأول على الدراسة، إياس داغلاس، وهو طالب طب في جامعة "هارفارد" في "بوسطن"، "ماساتشوستس": "نحن أمام نتيجة واعدة: بغض النظر عن العامل الوراثي الذي يُعرّضك للنوبات القلبية، قد يسمح النوم لمدة مناسبة بتخفيض نسبة الخطر، تماماً مثل الحمية الصحية والإقلاع عن التدخين، أو أي مقاربات فعالة أخرى في أسلوب الحياة".

أخيراً، تقول فيتر بدورها إن النوم يمكن أن يُخفّض مخاطر النوبات القلبية إذاً بقدر الرياضة والأكل الصحي!


MISS 3