جولي مراد- نوال نصر

بلدية فرن الشباك - عين الرمانة - تحويطة النهر

ريمون سمعان: لا أحب "التفنيص" وضيعتي خطّ أحمر!

5 تشرين الأول 2019

12 : 05

فُتِح في نواحيها فرن، وفُتِح له شباك، فبات إسمها "فرن الشباك". وأصبحت بعد أن "رُكّبت" بلديات مع بلديات: "فرن الشباك- عين الرمانة- تحويطة النهر". كبُر نطاق البلدة وكبُرت همومها. والسؤال: هل عمل هذه البلدية بحجمِ طلبات أهاليها والمقيمين؟ نداء الوطن" نقلت في "ملف البلديات" هموم سكان البلدة الى البلدية وتنقل حال البلدية من الألف الى اللحظة الى الأهالي والمقيمين والدولة ومن فيها. فرن الشباك- عين الرمانة- تحويطة النهر بلسانِ البلدة والبلدية.



باب مكتب ريمون سمعان مفتوح. لا سكرتيرة ولا مواعيد. ومن يصل يدخل ومن يدخل يُلاقى حفاوة، فهذه بلدية الضيعة وأهل الضيعة. فماذا في جعبة رئيس البلدية من أخبار تُطمئن الأهالي أولا واللبنانيين عموماً والدولة ككلّ؟ وما هي عناصر القوة وعناصر الضعف في الضيعة المتمددة على ساحل المتن الجنوبي.

"الترامواي" كان يمرّ من هنا. وكان على رأس خط القطار قهوة يديرها يوسف السودا. "القهاوي" كانت كثيرة. والقبضايات كانوا كثراً. وكانت "لوكندات" وينابيع وعيون مياه. ومنذ البدء كانت المصانع قليلة واستمرت. أوّل مصنع في البلدة كان للحرير ثم شُيّد آخر للسكاكر والشوكولا مذيلا باسمِ يوسف الجميل. ثم فتحت مطحنة تجاه مخفر فرن الشباك (حالياً). وعُرفت فرن الشباك بشغل النول وتربية دود القزّ. أما السوق التجاري الذي ميّزها فأوّل محال فُتحت فيه يملكها: متري بربور وابراهيم الهليل ويوسف بو حرب ويوسف أبو أنطون والياس خاطر. المختار جوزف ناصيف نوهرا وثّق كل هذه المعلومات.

إنتقاد الإنتقاد...


رئيس البلدية ريمون سمعان (منذ 21 عاماً) آدمي. تسعون في المئة من القاطنين في البلدة، التي يحلو له بتسميتها "ضيعتي"، يتشاركون في هذا الرأي مع إعتراضاتٍ بسيطة. جميلٌ هذا في زمن التناقض في كلِ شيء. لكن هل "الآدمي" راض وبكلِ صدقٍ على مساره في "ضيعته"؟



لا تقلّ إنتقادات رئيس البلدية عن إنتقاد "الرعية". فبراءة الذمة التي كانت تعطيها البلدية الى من يبيع ويشتري فيها أوقفت بقرارٍ من الرئيس فؤاد السنيورة ولم تعاد لها هذه الصلاحية بعد. والبلديات طالبت بها مراراً لكن لم يجب أحد. وهذا الإجراء منع البلدية من قراءة الأرض بكتابٍ شفافٍ مفتوح.

نزل ريمون سمعان الى الإنتخابات البلدية تحت عنوان "الإرادة الشعبية" وتعالى (حسب قوله) عن كل الإنقسامات ويقول: "هذا هو شعارنا منذ أيام المرحوم والدي" ويتذكر "ذهبت "أول طلعتي" مع المرحوم والدي في زيارة الى الرئيس كميل شمعون وأثناء وجودنا معه أخبرته السكرتيرة عن وفدٍ يريد اللقاء به من أجل الإنتخابات البلدية والمخترة. أجابها: أعطيهم موعداً بعد الإنتخابات. استغربتُ هذا كثيراً وطلبتُ شرحاً منه فقال: لي في هذه الضيعة 85 في المئة من سكانها وإذا استقبلتُ وفداً دون آخر سأخسر نصفهم. "فليصطفلوا".





نعم للمحارق!


النفايات همُّ البشر والبلديات فكيف تتعامل معها البلدية؟


يجزمُ سمعان أن بلديته بدأت في الفرز من المصدر ويقول "لا حلّ إلا بذلك. دعونا الأهالي الى لقاءات مع خبراء شرحوا لهم أهمية هذه الخطوة فاقتنعوا. وذهبنا كرؤساء إتحاد بلديات ساحل المتن الجنوبي (ويرأسه ريمون سمعان نفسه) الى باريس للإطلاع على وضع محارقها وتبيّن لنا أن 30 في المئة من سكان العاصمة الفرنسية فقط لا غير يفرزون النفايات من المصدر. صُدمنا".


هل نفهم من هذا أنه وبلديات الإتحاد مع خيار إنشاء محرقة؟

"هذا موضوع جدلي". يقول هذا بحذر ويضيف: "لكلِ واحد قناعته. قضينا يوماً كاملاً في المحرقة الفرنسية، يرافقنا دكاترة من الجامعة اليسوعية، واكتشفنا أن لا حلول لأزمة النفايات في لبنان إلا بالمحارق، شرط أن يُشرف الإتحاد الأوروبي على التنفيذ. سيُساعدنا الإتحاد في التمويل. وسيكون هذا، إذا طُبق، الحلّ للسنوات الثلاثين المقبلة. ويحتاج لبنان الى ثلاث محارق كبيرة. هذا خيار ندرسه جدياً.





لـكـن، ألـم يـسـمـع "الريّس" بمخاطـر الـمحارق وأضرارها؟


هذا، أكرر، أحد الخيارات التي تُخلصنا من مشكلة تكدس النفايات ثلاثة عقود قادمة. وسنبقى نحث الأهالي على الفرز من المصدر. لكلِ واحد رأيه. الآراء كثيرة في الموضوع أما أنا فأريد حلاً.


هل وجدتم أرضاً تقيمون عليها المحرقة؟


وجدنا أرضاً في عاريا لكن الأهالي اعترضوا فأوقفنا المشروع. المحرقة يفترض أن تكون على مستوى مركزي. علام يُراهن رئيس البلدية ما دامت كل المناطق ستعترض على وجود محرقة فيها؟ يجيب: يجب أن تأخذ الدولة قراراً وأن يلتزم به كل الأهالي. لا يمكننا أن نعيش خضة النفايات كل خمسة أو ستة أشهر.




أكل العنب لا قتل الناطور


نُمعنُ النظر والإصغاء فيلفتنا فيه أمل حيناً ويأس حيناً آخر. فما حاله؟ يجيب: "أملي كبير ولولاه لما كان هناك أيّ دافع لنعيش. في كل حال، ما يهمني في ما أخطط وأنفذ أن أصل الى لحظةٍ آكل فيها العنب".

الأهالي يشكون عدم تأهيل الطرق؟


ينتفض رئيس البلدية قائلا: "أكثر ما يمكنني إنجازه هو تأهيل الأرصفة وتعبيد الطرقات. ولا يمكنني توسيعها متراً. الموجود موجود و"أكتر من هيك ما فيّ". عمر البنى التحتية سبعين وثمانين عاماً لذا ننتظر يومياً ظهور مشاكل. وفي كلِ مرة أفلش فيه الزفت أضع يدي على قلبي من قدوم من يحفر من جديد. لا أستطيع أن أخترع كثيراً في هذا المجال، لكنني اتخذت قراراً بمنع بناء المنطقة من البيال الى جامعة الحكمة إلا على نسقٍ جديد. أريد فيها ناطحات سحاب. عدد السكان في البلدة زاد كثيراً والبنى التحتية ضاقت. أنشأت قنوات جديدة لمياه المطر. وكلّ "مجرور" يخرب أضع آخر الى جانبه".

ماذا عن العمالة الأجنبية في البلدة؟


لا مشاكل عندنا، ونحن نزود الأجهزة الأمنية، كل ثلاثة أشهر، بلائحة معلومات جديدة عن أسماء الأجانب وعددهم. وفرن الشباك لم ترفع يافطات تمنع الأجنبي من التجول في أنحائها لأن عدد السوريين بالتحديد قليل، أقل حتى من عددهم في ضيعة أصغر من ضيعتنا.

هل نفهم أن فرن الشباك تعاملت مع الملف بإنسانية أكبر؟


لا أحب الكذب و"التفنيص". ضيعتي هي خط أحمر ولا أساوم حولها.




مسرحان وملعبان ومستوصف


من صلاحية البلديات إقامة مسارح ومكتبات وملاعب رياضية ودور ثقافة فلنقرأ "الريّس" ماذا يقول عنها: "نحتاج من أجل بناء مسارح كبيرة الى مساحات نفتقر إليها. هناك ملعبان رياضيان عندنا ولدينا مسرح كنيسة مارنهرا ومسرح جامعة الحكمة ومسرح نقابة الأطباء. نستخدمها كلها. ولدينا قاعة محاضرات في مبنى البلدية. وكلّ ما في البلدية يستخدم من الأهالي مجاناً. هي ملكهم وليست ملك "بيت بيي". مبنى البلدية القديم أعده ليُصبح مركزاً صحياً للتوعية الأولية، أكبر من مستوصف وأشبه بمركز طوارئ. وسيُصبح جاهزاً خلال سنة.

جميل، لكن ماذا عن النشاطات الثقافية الأوسع؟

يجيب: "كل المسرحيات التي نقيمها مجانية للجمهور وتدفع البلدية كامل تكاليفها. أما المهرجانات فتحتاج الى "مصاري". لكن، وأقولها بصراحة، ثمة أولويات تسبق الناحية الثقافية. الأهالي بحاجة الى الصحة والأكل والشرب والمدارس قبل أي شيء آخر.

يتحدث رئيس البلدية عن أولويات لكن، ماذا عن أولويات الشباب؟


سمعناهم يطالبون بسلة لكرة السلة؟ يجيب ريمون سمعان منتفضاً: "أبدّل السلل ست مرات سنوياً وهم يحطمونها. لدينا هيئة للشباب في البلدية وأخرى على مستوى الإتحاد. ونتابع طلبات الشباب. وأبوابنا مفتوحة دائماً للإصغاء إليهم".

المكتبة ليست أولوية!


ماذا عن المكتبة العامة؟ ألا يلبي وجود هكذا مكتبات شعارك "البشر قبل الحجر"؟


سنُجهز مبنى البلدية القديم أيضاً بمكتبة إلكترونية للمطالعة. الكتب الورقية ستكون أقل. هناك مواقف للسيارات لكن خاصة. وأيّ مواطن (ومواطنة) يقف (وتقف) صفاً ثانياً سيأكلان محضر ضبط. جمعية التجار طالبت بوضع "بارك ميتر" في السوق التجاري علماً أنني ضدّ أن يدفع المواطن قرشاً إضافياً. إستجبت ووضعته.





هل نفهم من هذا أن البلدية غنية؟

نحمد الله أننا لا نعوز أحداً. ولا نعطل أعمالنا في انتظار أموال الصندوق البلدي. مصاريفنا طبعاً كثيرة وندفع أجوراً شهرية للموظفين والشرطة والحراس تزيد عن 200 مليون ليرة. والمنطقة تجارية. لا مصانع في نطاقنا. واشتراك الموتور يزيد عن الضريبة التي يدفعها المواطن الى البلدية. ويستطرد: لا يمكنني إعفاء أحد من الضريبة السنوية إلا من ذوي الإحتياجات الخاصة ومن يملك تصريح شغور.

لا يرغب رئيس البلدية في الدخول في أسماء من لمعوا في دنيا الثقافة والطب والعلم في "ضيعته" ويقول مبتسما "نسيت". يبدو أن ريمون سمعان حفظ جيدا معلومة كميل نمر شمعون. نُكرر عليه السؤال فيستذكر ثلاثة أسماء أو أربعة: "إحسان صادق وميشال تابت، إبن التحويطة، والياس ناصر إيلي ضاهر". ماذا عن الحدائق في البلدة؟ "هناك حديقتان كبيرتان. وكل مكب للنفايات أحوله الى حديقة" ويتذكر "كانت بلدتنا مليئة بأشجار الرمان والكيوي والعنب والقشطة. وأذكر أن المرحوم والدي أجر كلية التربية الى الدولة. وكل البساتين تلاشت تدريجياً. ولا تملك البلدية اليوم سوى عقارين على طريق الشام. وما عاد لدينا مشاعات. وقديماً كانت الطبقات الأرضية أعمدة ومواقف لكنها تحولت الى محال خلال الحرب. والمخالفات جرى تسويتها بموجب قانون تسوية المخالفات".

علمٌ وسوق تجاريّ


حين نقول فرن الشباك بماذا علينا أن نُفكّر ثانياً؟ هل من شعارٍ بالتالي بين الإسم ووصفٍ ما؟ 


ضيعتي مشهورة بالجامعات والمدارس والسوق التجاري لهذا أراها ضيعة العلم والسوق التجاري. مطالب الأهالي حقّ ومن حقّ الأهالي أن يطالبوا لكن البلدية تعترف: "لا نستطيع أن نلبي مطالب كل العالم في هذه الظروف. نساندهم في السراء والضراء ونحاول تلبية ما نستطيع وأكثر".

وهل من مآخذ للبلدية على الدولة؟


يجيب: "حبيبة قلبي الدولة". هو جواب ذو معنيين. اللامركزية يُقال حلّ فهل طالبت بها البلدية؟ رئيس البلدية يقول: سمعت بها أول مرة في "أول طلعتي" من المرحوم والدي. توفي هو عام 1982 ومضى على وجودي ريس بلدية 21 عاماً وما زلت أنتظر تطبيق اللامركزية. عُدّل قانون اللامركزية في فرنسا 8 مرات في ثلاثين عاماً ونحن ما زلنا نعتمد القانون الفرنسي أيام الإنتداب". وقبل أن نغادر البلدية التي ضمّت لأول مرة منذ نشوئها سيدتين في عضوية مجلسها البلدي وهنّ جميلة عون ورواق حرب نسأل "الريّس" عن كلمة يرغب بقولِها الى أهالي الضيعة التي يعشق؟يجيب: انشاالله بكرا يكون أحلى. إنشاالله!





*بطاقة تعريف 


الإسم: فرن الشباك

الرئيس: ريمون سمعان

المساحة: 104 هكتارات

مؤسس البلدية: الشيخ خليل الخوري

إحصاءات السكان : 250 عائلة مسيحية

و23 عائلة محمدية (إحصاءات 1921)

الناخبون: 6761 (إحصاءات 2003)


*أوائل


أوّل مدرسة: تخشيبة المعلم بطرس الشبانية واسمها «ألف-ب-بوباية»

أوّل مختار: مسعود الغاوي

أوّل نائب: أنطوان توفيق غانم

أوّل قاض: جورج بديع كرم

أوّل محام: أسعد الشدياق

أوّل طبيب: أولاد ملحم يوسف بو حرب الثلاثة (أنطوان وايلي وجورج)

أوّل ممثل مسرح وسينما: ميشال تابت ولوسيان حربأوّل شرطي بلدي: مارون صوما

أوّل رسام وحفار وخطاط: سليم إسحاق

أوّل من داوى بالأعشاب وخلع الأضراس بالكماشة: النجار عبدو بو نوهرا

أوّل شيخ صلح يقبض الميرة لحساب الدولة العثمانية: رشدان نصور التحومي

أوّل كنيسة: مارنوهرا عام 1850

أوّل من مارس فن السحر ببراعة: الياس ابو عبدالله

أوّل من استخدم أسنانه لرفع الأثقال: فرج الله بطرس موسى الشدياق

أوّل من دقّ الجرس وربعه بأصبعه الوسطي بطرس أنطوان صوما

أوّل جمّال قتل جمله الذي عانده بضربة كفّ نجيب اسحق

*بطاقة تعريف: ريمون سمعان


بابهُ مفتوح وأهالي "ضيعته" أهله. والدهُ كان رئيس البلدية قبله ويوم أتى قبل 21 عاماً، بعد وفاة والده، عقد العزم على المتابعة والإنماء مقدماً البشر على الحجر. يهتمّ كثيراً برعاية ِ المسنين وتوفير الرعاية الصحية لهم. ينفتحُ على الآخرين، يستمع كثيراً، وينجح غالباً في إيجاد لغة حوار مع كلّ من يعارضه أو يعترض على مشروع نفذه. هو رئيس بلدية فرن الشباك- عين الرمانة- تحويطة النهر على مدى أربع دورات إنتخابية بلدية. ورئيس اتحاد بلديات ساحل المتن الجنوبي منذ العام 2007.


MISS 3