جاد حداد

الصوم المتقطّع... مقاربة مرنة ومفيدة

23 تشرين الأول 2021

02 : 00

يشيد الكثيرون بمنافع الصوم المتقطع لإنقاص الوزن والسيطرة على مستوى سكر الدم والاستفادة من منافع صحية أخرى. هذه المقاربة ليست جزءاً بسيطاً من الحميات الرائجة، بل تثبت الأبحاث أن الصوم المتقطع يُحسّن فرص إنقاص الوزن فعلاً (لا سيما دهون البطن)، حتى أنه قد يحمي من الأمراض، ويُحسّن الوضع الصحي العام، ويطيل العمر عند تطبيقه بالشكل المناسب. لكن قد يؤدي هذا الصوم إلى مشاكل مثل جفاف الجسم والتعب ونقص الفيتامينات الأساسية عند تطبيقه بطريقة شائبة. في ما يلي أبرز المعلومات التي تحتاج إليها والخطوات التي تضمن تطبيق الصوم المتقطع بكل أمان.


المبادئ الأساسية

يشير الصوم المتقطع إلى نظام غذائي يقضي بحصر استهلاك الطعام يومياً خلال فترة زمنية محددة وبحسب نمط دقيق جداً. هذه المقاربة ليست جديدة، فقد لجأت ثقافات متنوعة إلى هذا النوع من الصوم على مر التاريخ لتحقيق غايات علاجية وروحية. خلال العصور البدائية، لم يكن البشر يستطيعون الوصول إلى الطعام على مدار الساعة، لذا كانوا يضطرون للصوم طوال أيام أحياناً. نتيجةً لذلك، تطورت أجسامنا كي تتمكن من الصمود والنمو من دون الحاجة إلى الأكل لفترات طويلة. رغم هوسنا بالطعام اليوم إذاً، يستطيع البشر أن يعيشوا ويستفيدوا من الصوم المتقطع بلا مشاكل.

يحصر الصوم المتقطع كمية السعرات الحرارية المستهلكة طبيعياً (إلا إذا كنا نفرط في الأكل خلال الفترات اللاحقة)، وهذا ما يُسهّل فقدان الوزن. كذلك، يسمح الامتناع عن الأكل بإحداث تغيرات فيزيولوجية قادرة على تحسين الأيض وحرق دهون الجسم المخزّنة وتسريع إنقاص الوزن، لا سيما في منطقة البطن، تزامناً مع الحفاظ على الكتلة العضلية الهزيلة. تكشف الدراسات أن الصوم المتقطع قد يسهم أيضاً في إنقاص الوزن وتخفيف الدهون بدرجة ملحوظة، لكن من دون أن يخسر الجسم العضلات بقدر ما يحصل عند تبنّي حميات نموذجية وقليلة السعرات. حتى أن محيط الخصر قد يتراجع بنسبة تصل إلى 7% وفق بعض الدراسات.

لكن لا تقتصر المنافع على إنقاص الوزن، بل يطلق الصوم أيضاً عمليات فيزيولوجية مرتبطة بدرء الأمراض وإطالة العمر. تذكر الأبحاث أن الصوم يؤثر على التعبير الجيني المرتبط بمتوسط العمر المتوقع ويطلق عمليات لإصلاح الخلايا، بما في ذلك عملية الالتهام الذاتي التي تسمح بالتخلص من الخلايا المتضررة وترميم الخلايا الجديدة والصحية. كذلك، يكبح الامتناع عن الأكل إطلاق الخلايا الالتهابية، ويُخفف حدة الالتهابات، ويُحسّن الأمراض الالتهابية المزمنة.

باختصار، تثبت الدراسات أن الصوم المتقطع يُحسّن الأيض والصحة المعرفية، ويُخفّض مخاطر السكري، ويحمي من أمراض القلب والسرطان والخرف وحالات مزمنة أخرى. حتى أنه قد يطيل الحياة ويُحسّن نوعيتها وفق بعض الأبحاث.

خطوات مفيدة

بما أن الصوم المتقطع ليس حمية بحد ذاتها بل نمط غذائي متواصل، لا حاجة إلى تطبيق قواعد كثيرة. إنها مقاربة مرنة جداً، فهي تسمح بتناول مجموعة متنوعة من الأغذية من دون احتساب السعرات الحرارية، ويمكنها التوفيق بين خطط غذائية محددة، مثل الحميات النباتية والخالية من الغلوتين وقليلة الكربوهيدرات والفودماب والكيتو، أو أي حمية مُصمّمة لتجنب الحساسية الغذائية. ويمكن تعديل نمط الأكل والصوم بما يتماشى مع أسلوب حياة كل فرد. تقضي المقاربة الأكثر شيوعاً بتناول الطعام يومياً في أوقات محددة، ما يعني الحد من استهلاك الأغذية في عدد معيّن من الساعات على مر اليوم. إذا اخترتَ خطة 16/8 مثلاً، يجب أن تنهي العشاء في الساعة السابعة مساءً ثم تتناول الوجبة اللاحقة في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم التالي، ما يعني أن تأكل طوال 8 ساعات وتصوم طوال 16 ساعة. لكن يمكنك إيجاد نسخ متنوعة من هذه الدورة الأساسية. تهدف حمية "إيقاع الساعة البيولوجية" مثلاً إلى التوفيق بين أوقات الأكل وساعة الجسم الداخلية، وهي تتطلب الامتناع عن الأكل بين السابعة مساءً والسابعة صباحاً.