مايز عبيد

عددها المنتشر على الطرقات أو حتى على الجدران فاق عدد الحُفر والمطبّات

في عزّ الأزمة الإقتصادية: ثقافة اليافطات لم تنتهِ شمالًا

4 تشرين الثاني 2021

02 : 00

يافطة ترحيب بتعيين ابن المنية سعادة الشامي

عدا عن ضررها إذا ما خفّف السائق من سرعته على الطريق ليقرأ ما كتب عليها، فإن منظر اليافطات على الطرقات وفي الشوارع والأحياء، يشوّه المشهد العام شمالاً، ويزيد الفوضى المستشرية فوضى إضافية، وكأنّ هذه الطرقات التي لم تعد تتسع للسيارات والدراجات النارية والشاحنات وعربات البيع وغيرها، ينقصها بعد فوضى وتعديات إضافية.

تنتشر اليافطات على طول الطريق العام من عكار إلى طرابلس وبالعكس، وكذلك الحال على الطرقات الفرعية، في طرابلس والمنية وعكار.. تسير بسيارتك من بيروت إلى طرابلس فلا تقع عيناك على يافطة واحدة، وعلى الطريق المؤدي من طرابلس إلى عكار لا تستطيع إحصاء عدد اليافطات المنتشرة على الطرقات أو حتى على الجدران، التي فاقت عدد الحفر والمطبات، ناهيك عن الصور والإعلانات و"النعوات" وكل أشكال التعديات على الأملاك العامة والخاصة. هذا هو الوضع شمالًا حتى قبل 5 أشهر على بداية الإنتخابات فما بالك سيكون عندما تحمل الإنتخابات حملها وتبدأ حماوتها؟

المفارقة أن هذه اليافطات يتم تعليقها بعشوائية وكأنّ هذه الطرق التي أتخمت فوضى قد وجدت لأجل تعليق اليافطات ليس إلا. فكيفما توجّهت وأيّ مكان قصدت تجد يافطات معلّقة عشوائياً: يافطات ترحيب، شكر، تبريك، تهنئة، تذكير وتنبيه، ولكلّ سبب أو مناسبة هناك يافطات موجودة غب الطلب. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه اليافطات تعلّقها على الطرقات في الأغلب المطابع التي تقوم بطباعتها لصالح أشخاص أو جهات أو بلديات، يكون اسمها ممهوراً في أسفل اليافطة، ولكن مَن سيُنزلها لاحقاً؟

اليافطات والأضرار

تنتهي المناسبة أو تمرّ الفترة الزمنية المخصصة، لكنّ اليافطة تبقى في مكانها حتى تأتي مناسبة أخرى ومعها الحاجة إلى المكان الذي علّقت فيه، وأحياناً تبقى اليافطة من الصيف إلى الشتاء حتى يأتي موسم الرياح فيقتلعها من مكانها أو يرمي جزءاً منها على الطريق، فتعيق السيارات وتتسبّب بالحوادث، وهنا مكمن خطر إضافي لهذه اليافطات.

ومن المتوقع أن تزداد هذه اليافطات بشكل أكبر على الطرقات مع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية، ناهيك عن تعليق صور المرشحين، وكل ذلك يحصل من دون أيّ ضوابط تُذكر، بل في ظلّ الفوضى وانعدام المسؤولية، ما يجعل المشهد العام في المناطق تغلب عليه الفوضى، إذ ليس هناك مَن يردع خصوصاً وأنّ البلديات التي من المفترض بها أن تزيل اليافطات عن الطرقات والأماكن العامة، تقوم هي بدورها بتعليقها. واللافت أنّ هناك بلديات، وفي ظاهرة غريبة، تحارب تعليقها ومنعها في نطاقها، بتعليق يافطات تدعو إلى أخذ إذن وموافقة البلدية قبل تعليق اليافطات، وبلديات أخرى تذكّر المواطنين بوجوب دفع القيمة التأجيرية بأسلوب اليافطات أيضاً. وهنا يتساءل المواطن: لماذا لا يتم تركيب لوحات إعلانية إلكترونية في أماكن مخصّصة لها في نطاق البلديات وفي الأماكن المخصصة، حيث يتم عرض الإعلانات ومختلف أشكال الرسائل التي يمكن توجيهها إلى المواطنين، ولكن بشكل منظّم بعيد كل البعد من الفوضى والعشوائية، وهو مشروع قد يدرّ الأموال على البلديات التي تعاني من الشح المالي؟

قبل أشهر، علّقت يافطة في إحدى القرى الشمالية تقول: (الحاج... وأولاده فلان وفلان وفلان يهنّئون أخاهم فلاناً لأنه حصل على شهادة جامعية). إنها عيّنة ممّا يُكتب على بعض اليافطات التي تبدو في بعض الأحيان يافطات بلا معنى.

ومع أن لبنان يمر بأزمة اقتصادية ومالية صعبة، وسعر اليافطة تضاعف أضعافاً، إلا أن ثقافة اليافطات لا تزال قائمة. جرّب أن تمر في عكار أو المنية قبل زيارة وزير أو مسؤول ما وشاهد بنفسك كم يبلغ عدد اليافطات المزخرفة المزينة على الطرقات، عدا عن تلك المعلقة دائرياً على طول المستديرات. وانتشرت في طرابلس أخيراً إبان تشكيل حكومة ميقاتي موجة يافطات للترحيب به وبوزير الداخلية بسام مولوي وبالحكومة، تلك الحكومة التي لم تستطع إلى اليوم أن تقدم للناس حتى ثمن تلك اليافطات التي رُفعت لأجلها.


MISS 3