مايز عبيد

الدولار تجاوز الـ 25 ألفاً وتحرّكات "فشّة خلق" في طرابلس

27 تشرين الثاني 2021

02 : 01

من تحرّكات الأمس

يستمر الدولار بالإرتفاع متلاعباً بمشاعر الناس وبأعصابهم وكذلك بمصيرهم ومستقبلهم. وفي هذا الصدد، شهدت مدينة طرابلس يوم أمس تحركات احتجاجية عدة لمجموعات شبابية تنقّلت بين أكثر من منطقة لا سيما في ساحة النور، وتخللها قطع للطرقات رفضاً لما آلت إليه الأوضاع المعيشية.

ففي ساحة النور، وعقب صلاة ظهر الجمعة، نزل عدد من المحتجين إلى الساحة، وقطعوا الطريق هناك وكذلك في الساحات والشوارع القريبة، بالحجارة ومستوعبات النفايات، وأطلقوا الهتافات المناهضة للسلطة وللحكومة وسياستها التي تؤدي إلى افقار الناس وتجويعها. كذلك قطع المحتجون طريق طرابلس - بيروت عند نقطة البالما، بالموازاة مع مسيرة شعبية كانت قد جابت شوارع مدينة طرابلس باتجاه الاسواق وساحة النجمة، احتجاجاً على ارتفاع الدولار الجنوني الذي ناهز أمس الـ 26 ألف ليرة، وانعكاساته السلبية على اوضاع المواطنين المعيشية المتردية. وسرعان ما تدخّلت عناصر الجيش اللبناني لفتح الطرقات المقطوعة.

اللافت في تحركات أمس أنها لم تشهد الزخم الشعبي المطلوب بالرغم من جنون الدولار وتحليقه غير المبرر، سيما وأن حجم الإعتراض والسخط الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي، والدعوات التي وجهت للنزول إلى الشارع كانت توحي بتظاهرات أكبر وأوسع من ذلك بكثير. واللافت أيضاً، أن مجموعة محددة من المحتجين ممن يطلقون على أنفسهم ثوار 17 تشرين هي التي لا تزال تنزل إلى الشارع من أجل الإعتراض، وآلاف المواطنين الشماليين الذين نزلوا إلى الساحات قبل عامين لأجل زيادة 6 دولارات على "الواتساب"، لم يجدوا السبيل مجدداً باتجاه الشارع والساحات، رغم أن كل شيء منذ ذلك الوقت قد تضاعفت أسعاره 25 ضعفاً. وفي هذا الشأن، دار نقاش على موقع الفيسبوك على إحدى الصفحات الطرابلسية، ولماذا لا تتحرك الناس رغم كل ما حدث ويحدث، فبرّر البعض الأمر بعوامل عدة منها:

- سبب ذلك هم من احتكروا الثورة والإحتجاجات ونصّبوا أنفسهم قيادات عليها.

- هموم الناس أصبحت في مكان آخر وهي تبحث عن علبة دواء وربطة خبز.

- فئة من المواطنين، لا تزال المساعدات والتحويلات الخارجية بالدولار الفريش تصل اليها وإذا لم تتوقف فلن يحصل أي تحرك.

تنوعت الآراء والتفسيرات حول ما يحصل بالفعل وما يدفع الناس إلى عدم التحرك رغم كل ما يجري، إلا أن ثمة تقاطعاً يمكن أن يجمع عليه الجميع، وهو أن الكثير ممن ألفهم الشارع في زمن 17 تشرين صاروا الآن إما غير مهتمين لما يجري من حراك لأنهم فقدوا الثقة بامكانية التغيير بهذا الشكل، أو أنهم أصبحوا خارج البلاد يبحثون عن فرص أفضل للحياة وللعيش.

حصل ما حصل ومع اقتراب ساعات المساء الأولى، عاد كل واحد إلى منزله وأعيد فتح الطرقات من جديد وكأن شيئاً لم يكن. تجدر الإشارة إلى أن باقي مناطق الشمال لم تشهد أي احتجاجات باستثناء ما حصل في مدينة طرابلس.

ويقول أحد أبناء طرابلس في معرض تعليقه على ما يجري: "لقد أصبحت الحركات والإحتجاجات في طرابلس مملة وروتينية أكثر من الروتين نفسه.. كل مرة يرتفع فيها الدولار، ينزل بضعة أشخاص أصبحوا محفوظين عن ظهر قلب، وبيفشوا خلقهم وبيطلعوا.. لقد امتهنت السلطة تدجين الشعب برفع الدولار وهي تعرف أن ردة فعله لن تكون أكثر من فشة خلق بكم حجر ودولاب".. فهل ستبقى الحركات الإحتجاجية في عاصمة الشمال مجرد فشّة خلق؟ أم سيأتي اليوم الذي يحصل فيه الإنفجار الشعبي الحقيقي الذي يحكى عنه؟ الأمور مرهونة بما ستحمله الأيام القادمة.