سحر الخطيب

كتابات تستحقّ النشر

4 كانون الأول 2021

00 : 00

أستطيع الزعم بأني صحوت في ليال كثيرة، ولم أفعل شيئاً يُذكر. شاهدت الليل وتركته يمشي، لا استيقظت له ولا نمت فيه.. سمعت تكات الوقت من ساعة قديمة ظلّت تقاوم الوقت. ومكّنني السكون من التقاط خفّة صوت الجسد حين يتقلّب النائم، وأنفاس النيام، ووداعة ما تحدّث به وجوههم وهم في استسلامهم لغياب موقت.. مرات كثيرة رقّ القلب لهم، ومثلها ابتسمت لهم، وأقل منها تركت النيام في عهدة صلاة..



وإذ تتوالى أمسيات الجفون وقد خاصمها النعاس، أدرك أن الليلة لا تأتي إلا مرة واحدة وأن الليلة التالية ليست تكراراً، إنها ارتجال.. قد يستيقظ أحدهم ليؤنس الليل لبرهة، وقع خطواته، صرير باب الحمام، وقع خطواته مجدداً عائداً..كل ذلك في دقيقة مؤانسة مرت من غير كلام.. كل هذا الهدوء يغذي الذكريات وبشكل أقلّ صور أحلام تريد أن تتحقق. وفي كل ذلك ارتجال. ارتجال حوار كان يفترض أن يكون، ارتجال غد يفترض أن يأتي، ارتجال بدايات لعوالم كان يمكن أن تكون واختراع نهايات لأخرى كان يُفترض ألا تكون.

المؤرّقون قبيلةٌ من أفراد، أفراد فرادى، مجموعة من متفرّقين تحت سقف مساء داكن. أولئك الذين لا ينتمون إلى صباحات الجماعات، لا يريدون هذا الانتماء، لا يريدون أي انتماء فكيف اذا كان انتساباً الى نادي النيام. الفرادى أولئك لهم منافي المساء وحين يحضر الصباح يدارون هالات العيون السوداء ويعدون أنفسهم بالنوم هذا المساء... هذا المساء...ربما !


MISS 3