مايز عبيد

سوق خضار طرابلس يصطفّ بجانب المرافق المعطّلة وسرقة واسعة لموجوداته

4 كانون الأول 2021

02 : 00

تعرّض لسرقة بأكثر من مليون دولار

مرت بضع سنوات على انتهاء العمل بمركز سوق الخضار الجديد في مدينة طرابلس على الطريق البحري، لكن حتى اللحظة لم يتم افتتاحه أمام التجار وأصحاب محلات الخضار والفاكهة، كما لم تعتمد آلية محددة لتشغيله من قبل بلدية طرابلس أو نقابة معلمي الفاكهة والخضار، وكثيراً ما كان يحكى عن خلاف بين النقابة والبلدية على إدارة السوق وشؤون أخرى لزوم مرحلة ما بعد التشغيل.

وكانت بلدية طرابلس تسلمت السوق الجديد من مجلس الإنماء والإعمار منذ أكثر من سنتين من الزمن، وهو منحة من المملكة العربية السعودية. وقبل أشهر، اجتمع رئيس جمعية "إمكان" أحمد هاشمية في طرابلس، مع رئيس البلدية رياض يمق، وقيل في حينه إن الإجتماع خصص لبحث موضوع سوق الخضار الجديد، وأن "إمكان" هي من ستقوم بتشغيل سوق الخضار والفاكهة الجديد في طرابلس، كما يحصل مع سوق الخضار في "قبة شمرا" في عكار، وسيأتي الرئيس سعد الحريري وسيقيم مهرجان الإفتتاح الرسمي على أبواب الإنتخابات. ومرت أشهر على تلك الزيارة ولم يطرأ أي جديد. بالتوازي، كانت محتويات سوق الخضار والفاكهة تتعرض للسرقة والنهب، وينقل مواطنون وأعضاء في مجلس بلدية طرابلس ما يحصل على وسائل التواصل الإجتماعي ولا أحد من المعنيين يحرّك ساكناً أو يتدخّل، إلى أن أتى الحدث الأبرز قبل يومين، وتمثّل بتعرّض سوق الخضار والفاكهة هذا إلى سرقة محتويات وموجودات منظمة وواسعة وشاملة، حيث قدّرت قيمة المسروقات بأكثر من مليون دولار. عملية السرقة هذه أعادت الحديث عن السوق الجديد إلى الواجهة، وكيف أنه تُرك من دون نقطة حراسة من الجيش أو القوى الأمنية ولا حتى من الشرطة في بلدية طرابلس، رغم تكرار وتوالي المناشدات بهذا الأمر، سيما وأن السوق قد تعرض لأكثر من عملية سرقة في السابق ولو بحجم أقل من هذه المرة.

في مسألة سوق الخضار والفاكهة هذا، كلامٌ كثير يقال في أروقة المدينة. هناك من يعتبر أن عدم بتّ انطلاقة العمل فيه مردّه إلى الخلافات السياسية بين الحريري وميقاتي.. عاد الحريري وميقاتي واجتمعا وتحالفا بعد الإنتخابات لكن العمل بالسوق لم يبدأ. هناك من يعتبر أن عدم انطلاق السوق يعود إلى الخلاف بين نواب المدينة أنفسهم على تقاسم الحصص داخله وهناك من يرى أن خلاف البلدية والنقابة هو ما يؤخر انطلاقة العمل فيه. كل تلك الأسباب قد تكون واردة، إلا أن حقيقة واحدة ساطعة تبقى الأبرز في الحسبان، وهي أن سوق الخضار والفاكهة الطرابلسي الجديد لن يختلف عن أي مشروع من مشاريع الإنماء والإعمار في طرابلس أو أي مرفق طرابلسي، فهي موجودة في طرابلس من أجل "الفرجة" وليأكلها الصدأ لا من أجل الإستفادة، وهناك المعرض وفندق "الكواليتي إن" وغيرها من المرافق خير شاهد على ذلك.

ويحمّل رأي عام طرابلسي المسؤولية في ما آلت إليه أوضاع سوق الخضار والفاكهة والسرقة الحاصلة إلى رئيس بلدية طرابلس الذي لم يقم بما يمليه عليه القانون لحماية هذه المنشأة الحيوية، وتركها عرضة للنهب والتخريب، وكذلك إلى نواب المدينة الذين لم يستطيعوا جلب مشروع واحد إلى طرابلس كما لم يحافظوا على مشاريعها الموجودة. هكذا يصطفّ سوق الخضار والفاكهة الطرابلسي إلى جانب العديد من المشاريع والمنشآت في مدينة طرابلس، الموجودة هيكلاً بلا عمل، ولا تستفيد منها المدينة وأهلها بسبب خلافات سياسية، أو مناكفات، أو سوء إدارة، أو نية عامة بجعل هذه المدينة تبقى الأفقر على ساحل المتوسط وتدفع مرافقها وأهلها الثمن في النهاية.