جاد حداد

3 دقائق من الأشعة الحمراء العميقة تحسّن نظرك!

11 كانون الأول 2021

02 : 00

وفق دراسة أجراها باحثون من جامعة "كوليدج لندن" البريطانية، تبيّن أن استعمال النوع المناسب من الأشعة لفترة وجيزة قد يُحسّن النظر المتدهور. تذكر الدراسة أن التعرّض للأشعة الحمراء العميقة طوال 3 دقائق في الصباح، بمعدل مرة في الأسبوع، قد يُحسّن النظر الذي يتراجع بسبب التقدم في السن لمدة تصل إلى أسبوع كامل.

بدأ الباحثون دراستهم على الذباب والفئران قبل أن ينتقلوا إلى المشاركين البشر. يقول المشرف الرئيسي على البحث، البروفيسور غلين جيفري: "لا يؤثر نوع الحيوان ولا طبيعة الخلايا، بدرجة معينة، على مفعول الأشعة". كانت الأشعة الحمراء التي استعملها الباحثون بدرجة لون محددة، وبلغ طولها الموجي 670 نانومتراً. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "التقارير العلمية".

المتقدرات في شبكية العين

يظن جيفري أن التحسّن الذي رصدته الدراسة ينجم عن تأثير الأشعة المستعملة على المتقدرات: "تكون هذه المتقدرات مصادر طاقة يمكن الحفاظ عليها داخل الخلايا، ما يعني أنها أشبه ببطاريات للخلايا. تزيد الأشعة شحنة المتقدرات وتسمح لها بتكثيف إنتاج الطاقة التي تتراجع مع التقدم في السن أو بسبب الأمراض".

يكون الأدينوسين ثلاثي الفوسفات المصدر الكيماوي لتلك الطاقة. يتدهور النظر بعد عمر الأربعين وترتبط المشكلة بتراجع مستوى الأدينوسين ثلاثي الفوسفات بنسبة 70%، ما يعني أن الخلايا تفتقر إلى الطاقة لمتابعة العمل بشكلٍ سليم.

يضيف جيفري: "تعطي المتقدرات الموجودة في العين تحديداً منافع فريدة من نوعها في الأبحاث. من الناحية الإيجابية، تشمل الشبكية متقدرات تفوق بعددها جميع الأعضاء الأخرى لأنها تستعمل مستوىً مرتفعاً من الطاقة. في الوقت نفسه، يمكن توجيه الأشعة نحو متقدرات شبكية العين مباشرةً، وهو أمر مستحيل مع متقدرات الكبد أو الكلى. ولا ننسى أن الشبكية تشيخ بوتيرة أسرع من الأعضاء الأخرى، ويمكن فحص وظيفتها بكل بساطة حين نسأل الناس عن ما يرونه، وهذا ما يعطينا هدفاً مثالياً للعلاج بالأشعة الحمراء".

رؤية الألوان المتباينة

تراوحت أعمار الرجال والنساء المشاركين في الدراسة الصغيرة بين 34 و70 عاماً. قاس الباحثون درجة تحسّن رؤية المشاركين عبر تقييم قدرتهم على التمييز بين مختلف الألوان. تمكّن جميع المشاركين من رؤية الألوان المتباينة بشكلٍ طبيعي في بداية التجربة.تعرّض بعض الأفراد لثلاث دقائق من الأشعة الحمراء العميقة في الصباح، وتعرّض لها البعض الآخر في فترة بعد الظهر. كانت الأشعة الحمراء ساطعة أكثر من الأشعة الإجمالية في منطقة الاختبار بمرتَين تقريباً.

خضعت قدرة المشاركين على رؤية الألوان المتباينة للاختبار بعد ثلاث ساعات على التعرض للأشعة الحمراء ثم بعد مرور أسبوع.

تحسّنت رؤية المشاركين الذين تعرضوا للأشعة الحمراء في الصباح بنسبة 17%. لذا استنتج الباحثون أن التعرض للأشعة يجب أن يحصل في الصباح كي تعطي مفعولها. لكنهم لم يرصدوا في المقابل أي تحسّن في القدرة على رؤية الألوان المتباينة لدى من تعرضوا للأشعة بعد الظهر.

يتعلق سبب محتمل بتماشي المتقدرات مع إيقاع الساعة البيولوجية، ويظن جيفري أن تلك المتقدرات تكون مشغولة على الأرجح في فترة بعد الظهر. يرتبط احتمال آخر بمتطلبات الطاقة الاستثنائية في بداية النهار. يوضح جيفري: "ربما يتعلق العامل الأساسي بالقدرة على النهوض في الصباح والاستعداد لأداء المهام. هذه العملية تجذب الطاقة التي تحتاج إلى بديل عنها. بغض النظر عما نفعله، لا تتجاوب المتقدرات مع بقية ساعات النهار أو الليل".

على صعيد آخر، تكشف الدراسة أن الدقائق الثلاث هي المدة المثالية للتعرض للأشعة وأن تحسّن النظر يدوم حتى أسبوع كامل. تكون الدقائق الثلاث فاعلة بقدر التعرّض للأشعة طوال 45 دقيقة، ما يعني أن التعرّض لها لساعات طويلة غير فاعل.

تداعيات واسعةتتجاوز تداعيات الدراسة حدود تحسّن النظر. يوضح جيفري: "تتحكم المتقدرات بجوانب عدة من حياتنا، ونحتاج إلى طريقة معينة لتحسين صحتنا، لا سيما في مرحلة الشيخوخة. بدأنا نستعمل الأشعة الحمراء اليوم في عدد كبير من المختبرات وفي التجارب العيادية أيضاً، ومن المتوقع أن نتوصّل إلى طريقة بسيطة وغير مكلفة لتنفيذ هذه المهمة على نطاق واسع. في تجربة على نماذج من القرود المصابة بمرض الباركنسون، تبيّن أن الأشعة الحمراء تحمي الأعصاب. على نطاق أوسع، نحن نستعين أيضاً بنماذج من النحل لأن جزءاً من المبيدات الحشرية المهمة، من نوع النيونيكوتينويد، يعطي مفعوله عبر إيذاء المتقدرات وقتل النحل. لقد استعملنا تكنولوجيا شبه مطابقة لحماية المتقدرات".


MISS 3