جاد حداد

Don't Look Up... سيئ رغم أبطاله المشهورين

30 كانون الأول 2021

02 : 00

إذا كان فيلم Don't Look Up (لا تنظر إلى الأعلى) يستحق أي جائزة، فلا أحد باستثناء المسؤولة عن اختيار الممثلين، فرانسين مايزلر، يستحق الإشادة. يعجّ هذا الفيلم الذي تعرضه شبكة "نتفلكس" بأسماء مشهورة غالباً ما تجتمع في الإطار نفسه. في أحد المشاهد، يجلس ليوناردو ديكابريو إلى جانب أريانا غراندي وكايت بلانشيت وتايلر بيري وجينفير لورانس، ويظهر "سكوت ميسكودي" (كيد كودي) في فيديو لزيادة ثقل المشهد.

تتعلق أول نكتة فاشلة في الفيلم بأشهر ممثل فيه، ليوناردو ديكابريو، الذي يؤدي دور عالِم فلك منخفض الرتبة من ميشيغان. يستغل المخرج آدم ماكاي طاقة ديكابريو الهائلة التي جعلته يترشّح لجوائز الأوسكار على مر السنوات لكنه يحوّله هذه المرة إلى شخصية مضحكة كتلك التي يقدّمها الممثل ويل فيريل. يسوء وضع الدكتور "راندال ميندي" (ديكابريو) حين تقوم مساعدته "كايت ديبياسكي" (جينفير لورانس) باكتشاف مريع: يوشك مذنب على الوصول إلى كوكب الأرض خلال ستة أشهر و14 يوماً. يريد العلماء أن يبلغوا العالم بما يحصل في أسرع وقت، لكنهم يدركون خلال الأيام اللاحقة أن الناس لا يهتمون بالأنباء السيئة حول مستقبلهم.

ثم يقرر "ميندي" و"ديبياسكي" نقل رسالتهما إلى وسائل الإعلام، لكنهما يظهران في برنامج صباحي تطغى عليه الأجواء المرحة (من تقديم شخصيتين فارغتَين يؤديهما بيري وبلانشيت). يحاول منتجو البرنامج تخفيف وقع قصتهما وتحويلها إلى اكتشاف علمي لطيف قبل التكلم عن الحادث الكبير. يخرج واحد من علماء الفلك فقط من الاستوديو من دون التحوّل إلى مادة سخرية للمشاهدين. لا أحد يأخذ كلامهم على محمل الجد، لكنهم يكسبون شعبية واسعة ويصبحون أداة ترفيهية في وسائل الإعلام.



من بين الأسماء الكبيرة التي يهدر الفيلم مواهبها لتقديم مشاهد فكاهية محدودة، تحتل بلانشيت المرتبة الأولى. من المعروف أنها من أفضل الممثلات على الإطلاق، لكن يقدّمها ماكاي على شكل امرأة بلاستيكية ورخيصة، وهي واحدة من الشخصيات التي لا تتطور مطلقاً في هذه القصة الساخرة. يواجه ممثلون آخرون المصير نفسه، لا سيما لورانس، وميريل ستريب، وبيري، وميلاني لينسكي، وتيموثي شالامي الذي يقدّم مجدداً دور شاب سطحي وضعيف ورث المظهر. ولا ننسى روب مورغان الذي يقدّم دوراً ثانوياً إلى جانب لورانس وديكابريو مع أنه بارع بقدرهما.

على صعيد آخر، تفتقر الحبكة في هذه القصة إلى عامل التشويق والإثارة وسرعان ما تتّضح شوائب العمل. يبذل الفيلم جهوداً مفرطة لانتزاع الضحكات من المشاهدين عبر مشاهد كوميدية فارغة، كما أنه لا يطرح أي فكرة جديدة حول تحوّل حملات التضليل اليوم إلى قضية سياسية بحد ذاتها، أو إدمان الرأي العام على الفضائح سواء تعلقت بنجوم البوب أو رئيس البلاد. في غضون ذلك، لا يتطرق الفيلم إلى دور التكنولوجيا في ما يحصل. يؤدي الممثل مارك رايلانس دور خبير تكنولوجيا يتمتع بمواصفات مشابهة لشخصيات مثل إيلون موسك وجو بايدن، فيتولى اتخاذ القرارات الحاسمة أكثر من الرئيس الأميركي شخصياً. قد يدّعي الفيلم أنه يتناول مسائل سياسية عدة بأسلوب ذكي، لكنه يعرض أفكاراً بديهية ومتكررة بكل بساطة.

يستعمل ماكاي أسلوباً اختزالياً مُحبِطاً لتقديم هذا السيناريو الذي يؤثر بالعالم أجمع، لكن تقتصر هذه المقاربة على لقطات معينة. تبدو المشاهد مبهمة أحياناً لدرجة أن يتحول الوجود البشري إلى فراغ شامل، كما أن المونتاج المرتبط بمحتوى مواقع التواصل الاجتماعي يفتقر إلى الذكاء، إذ يظهر هاشتاغ جديد بعد كل تطور علني في الأحداث، بما في ذلك العبارة الواردة في عنوان الفيلم. استعان المخرج أيضاً بمدير تصوير موهوب آخر (إنه لينوس ساندرغرين الفائز بجائزة أوسكار)، لكنه يجعله يحرك الكاميرا بطريقة عشوائية لبث طاقة ظاهرية في المشاهد. في إحدى اللقطات، لا مفر من أن نشعر بأن الكاميرا سقطت أرضاً قبل قطع المشهد مباشرةً.

قد يكون هذا الفيلم أسوأ عمل أخرجه آدم ماكاي، والأسوأ بعد هو أنه يوحي للوهلة الأولى بقصة واعدة ومختلفة. يتمحور العمل طبعاً حول تداعيات الاحتباس الحراري وامتناع البشر عن بذل جهود كافية لمكافحة تلك الظاهرة، لكن تُطرَح هذه الفكرة في إطار قصة كوميدية ومليئة بالنجوم، لذا من الطبيعي أن يرفع الناس سقف توقعاتهم. لكن أخطأ ماكاي في اختيار طريقة طرح هذه الحكاية الرمزية، فقد أراد أن يبهر المشاهدين لكنه عاد وتعثّر بسبب وفرة النكات المبتذلة.


MISS 3