مايز عبيد

من انفجار خزان التليل إلى إحراق السراي في طرابلس

2021 عام الأزمات والتوترات في الشمال

31 كانون الأول 2021

02 : 00

إنفجار التليل

يشارف عام 2021 على الأفول، بعدما اشتعل بالأحداث المأسوية والظروف الصعبة، في بلد باتت كل تفاصيله صعبة حتى في تأمين لقمة العيش وشربة الماء.

أقفل العام 2020 وافتتح العام 2021 على إحراق مخيم للنازحين في منطقة بحنين - المنية، وأدى إلى تشرد العديد من العائلات السورية النازحة باتجاه المناطق الأخرى. في بدايات العام، واصل الدولار ارتفاعه مقابل الليرة اللبنانية، فعادت الثورة إلى الشارع بزخم جديد وبنفَس يشبه بعض الشيء بداياتها في 17 تشرين 2019 وتفاعل معها الشارع في الشمال، وفي طرابلس وزغرتا بشكل كبير. فرضت الأزمة الإقتصادية التي أسس لها انهيار العملة المحلية نفسها. بالموازاة، اقلقت تداعيات "كورونا" الشارع، فالوباء انتشر بقوة بين المناطق وفرض إقفالاً عاماً على مستوى البلد، تأثر فيه سلباً الإقتصاد الطرابلسي بشكل خاص والشمالي بشكل عام. أشعل الضغط الإقتصادي على العائلات الأوضاع الأمنية في طرابلس مع الجيش والقوى الأمنية، وهاجم شبان سراي المدينة وطالبوا برحيل المحافظ رمزي نهرا عنها، كما شهدت الأحداث تلك، إحراق مبنى البلدية والمحكمة الشرعية، واستمرت اياماً عدة، تخللتها مواجهات ليلية بين القوى الأمنية والمحتجّين.

هذا العام كان شاهداً على ظهور الخلافات وحالة الإنشقاق في الحزب "السوري القومي الإجتماعي"، وقد طفت الى العلن، لا سيما بين أسعد حردان وقيادة الحزب الجديدة. وعلى المقلب "الكوروني"، وصل اللقاح إلى مناطق الشمال، التي لم تسجّل إقبالاً كثيفاً على تلقّيه إلا في بعض المناطق كالبترون والكورة.

من جهة أخرى، اشتدّ الخلاف بين محافظ الشمال ورئيس بلدية طرابلس رياض يمق، وفي جلسة استجواب رئيس البلدية على خلفية حرق مبناها، إدّعى يمق بأن نهرا سعى إلى احتجازه في تلك الجلسة، ما زاد من النقمة الشعبية على المحافظ.

الأزمات توالت شمالاً لا سيما أزمة المحروقات، إثر تمنّع مصرف لبنان عن فتح اعتمادات لشركات الإستيراد بالدولار الأميركي، واحتدام موجة تهريب المحروقات والمواد الغذائية إلى سوريا، ما أدّى إلى إقفال محطات في عدد من المناطق، والتي فتحت منها، كانت تبيع بكميات محدودة. الطوابير أمام محطات الوقود كانت سبباً للعديد من الإشكالات المتنقلة، بينما عمد البعض إلى بيع البنزين والمازوت بالغالونات في السوق السوداء، حيث وصل سعر الصفيحة إلى أضعاف سعرها الرسمي. كما شهدت أسعار المواد الغذائية في السوبرماركت ارتفاعات كبيرة متتالية، ودهم الناشطون والقوى الأمنية، مستودعات المواد الغذائية المدعومة ومستودعات المازوت، في حين سأل الناس عن المواد المدعومة التي يسمعون بها ولا يجدونها.

في هذه السنة أيضاً أُخلي سبيل الناشطة العكارية كيندا الخطيب المتهمة بالتعامل مع إسرائيل، وقد اثارت قضيتها الرأي العام اللبناني، وذلك بعدما وافقت محكمة التمييز العسكرية على الطلب. وأمام إعتذار سعد الحريري عن تشكيل الحكومة الجديدة في منتصف السنة، كُلّف إبن طرابلس نجيب ميقاتي بتشكيلها، وتعاطى الشارع الطرابلسي مع الأمر ببرودة تامة بعدما باتت هموم الناس في مكان آخر. تشكلت حكومة ميقاتي ولكنها لم تُهدئ خواطر حشود الشارع الطرابلسي والشمالي المنتفض، فاستمروا بتحركاتهم المطالبة بتحسين أوضاعهم التي كانت تسوء يوماً بعد يوم.

إنفجار التليل

في منتصف شهر آب، انفجر خزان للوقود في قرية التليل العكارية وراح ضحيته أكثر من 20 شخصاً عدا الجرحى. اتهامات سيقت إلى شخصيات سياسية بالضلوع في هذه الحادثة وقد أثارت غضباً شعبياً عارماً. أما عن وضع الكهرباء فكان الأكثر سوءاً هذا العام مع انخفاض ساعات التغذية في معمل دير عمار، وصولاً إلى تقنين قاسٍ وغير مسبوق بلغ ساعة تغذية واحدة لكل 9 ساعات قطع. واستمرت من ناحية أخرى هجرة العديد من المؤسسات الطرابلسية والمحلات باتجاه الخارج أو إلى الإقفال التام، وكانت تحويلات المغتربين إلى أهاليهم هي البحصة التي سندت خابية العائلات المنهكة.

ولكي يكتمل المشهد المحزن، ما كان ينقص إلا غزوة الجراد التي ملأت البساتين والغابات بعد موجة حرائق شهدتها في عكار والضنية وألحقت الأضرار بمساحات شاسعة. في هذا الوقت استمرت ظواهر التسلح بالظهور في مناطق شمالية لا سيما في طرابلس وعكار، تلك الأخيرة التي شهدت أحداثاً دامية بين بلدتي فنيدق وعكار العتيقة على خلفية نزاع عقاري مزمن. كما استفحلت ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر المراكب في البحر هرباً من الاوضاع الاقتصادية المتردية.

كان التخوف في هذا العام من أن تؤدي الإحتفالات في جبل محسن بانتخاب بشار الأسد رئيساً لولاية جديدة في سوريا إلى عودة التوترات الأمنية السابقة بين جبل محسن وباب التبانة. أما على الصعيد النقابي الشمالي فقد جرت إنتخابات نقابتي المهندسين والمحامين في هذا العام، وأسفرت عن عودة الأحزاب إليهما.

وتحضيراً للإنتخابات النيابية، وأمام تبدل المزاج العام في الشارع لجهة تيار "المستقبل"، دخلت جهات سياسية على خط المواجهة، فكان الدخول الرسمي لبهاء الحريري على الساحة الشمالية بافتتاح مكاتب في عكار وطرابلس، في حين عززت قوى الثامن من آذار من حضورها في هذه المناطق عبر تأمين المازوت الإيراني.

يقفل العام 2021 في الشمال على أزمات لم تحل، ويفتتح الـ 2022 على أزمات إضافية من دون شك، في بلد باتت فيه حياة الناس عبارة عن أزمات كل واحدة أصعب من الأخرى. فكيف سيواجهون ويصمدون؟


MISS 3