مايا الخوري

سيرينا الشامي: المنصات الرقمية حفّزت المنافسة

5 كانون الثاني 2022

02 : 00

حققت الممثلة سيرينا الشامي مسيرة مهنية لامعة في المسرح والسينما والتلفزيون، حيث قدّمت شخصيات متنوّعة آخرها "نور" في المسلسل العربي المشترك "خرزة زرقا"، و"ريتا" في مسلسل الرعب "الزيارة" وفي المسلسل الميلادي "قبل نصّ ليل". عن مسيرتها وأدوارها تحدّثت إلى "نداء الوطن".

بعد سلسلة من الأعمال المسرحية والدرامية المحلية، تخطين نحو الدراما المشتركة، كيف تقيّمين هذه المسيرة؟

مسيرة متنوعة وغنيّة على صعيد التجارب والخبرات والتعرّف إلى أناس كثيرين في القطاع. شاركت في أعمال مختلفة أكسبتني خبرة مهمة في مسيرتي الفنية مفسحة في المجال أمام تعرّفي إلى أفكار متميّزة.

قدّمت شخصية "ريتــــــا" في مسلسل "الزيارة" المقتبس من أحـــــــــداث رعب حقيقية، ما ميزة هذا العمل؟

لم تُنتج مسلسلات رعب عربية كثيرة سابقاً. نُفّذ المسلسل بشغف كبير من قبل القيّمين على الإنتاج والإخراج والتقنيين والممثلين، فكان تصويراً ممتعاً ومتعباً في آن. أنا فخورة بمشاركتي في هذه التجربة الغنية، خصوصاً أن شركة الإنتاج سعت إلى تقديم عمل متكامل رغم كل الظروف المحيطة بنا.

"نور" في مسلسل "خرزة زرقا"، شخصية إنفعالية، هستيريـــــــة، ما هي العناصر التي تنطلقين منها لبنـــــــــــاء شخصية مماثلة؟

أركّز بداية على تفاصيل النصّ، لأفهم ماضي هذه الفتاة الذي ساهم في تكوين شخصيتها. لاحظت أنها يتيمة أي تفتقد إلى سندٍ في الحياة ما يجعلها أضعف من الفتيات الأخريات ومتعلّقة أكثر بمن يحيط بها. لذا إعتبرت عائلة "زين" بمثابة عائلتها و"عليا" بمثابة شقيقتها. رغم صداقتهما، تغار منها لأنها حققت برأيها طموحها في الحياة فيما لا تزال هي تناضل في سبيل أهدافها. فانعكست هذه الحقائق مجتمعة عصبية وإنفعالية في تصرفات "نور" التي تضع نفسها في مواقف خاطئة نتيجة التخبّط الداخلي المسيطر عليها.

أي إنعكاس لشخصية مماثلـــــــة على نفسية الممثل الذي يؤديها؟

كلّما بُنيت الشخصية على الحزن وعلى وضع نفسي متطرف جداً، صَعُب الأداء، لأن الممثل يواجه في هذه الحال، إضافة إلى تركيب الشخصية، مواقف محيطة بها، تتطلّب منه تركيزاً عالياً. تستنزف الأحاسيس القويّة التي نختبرها في الشخصيات الشبيهة "بنور" و"بريتا" طاقتنا، كونها تحتاج إلى مجهود جسدي مضاعف للتعبير. رغم ذلك، أترك شخصياتي في موقع التصوير فاصلة بينها وبين شخصيتي الحقيقية، لئلا تؤثر على حياتي اليومية.

حقّقت الدراما العربية المشتركة إنتشاراً واسعاً في سبعينيات القرن الماضي ببطولة نجوم من مصر ولبنان وسوريا، فهل توازي الدراما الحالية أهمية تلك المرحلة؟

أفضّل عدم المقارنة بينهما، لأنني لست مطلعة كفاية على تلك الحقبة. أرى تقدماً حالياً في الدراما بفضل المنصّات الرقمية التي حفزّت المنافسة العالية، ما يصبّ في مصلحتنا ويرفع من شأن الكتابـة والإخـراج والأداء والإنتاج.

هل من تمايز في الأداء المسرحـــــي والتلفزيوني والسينمائي برأيـــــك، وما أهميــــــة الدراسة الأكاديمية في هذا الإطار؟

رغم نيلي شهادةً في الهندسة الداخلية، تخصصت في المسرح الذي أحبه منذ صغري، لأنني قررت الإنطلاق من مقاعد الدراسة الأكاديمية بدلاً من الإتكال على الموهبة فحسب. يرتكز الفنّ على الموهبة والخبرة، فلا يشبه أي مجال مهني آخر، لذا تشكّل الدراسة الأكاديمية إضافةً نوعية إلى مسار الممثل وقاعدة أساسية لإنطلاقه. إلى ذلك تساهم في إطلاعه إلى مسار الممثلين السابقين للتعلّم وإكتساب المعرفة ما يُغنيه فكرياً وإبداعياً. إنما لا أقصد بالدراسة الأكاديمية الإنتماء إلى كلية الفنون فقط، بل المشاركة في ورش عمل أيضاً وقراءة أبحاث عن كيفية التعبير عن المشاعر وعن النفس البشرية والإطلاع على تجارب ممثلين عالميين كبار تركوا بصمة في هذا المجال. كما لا تتوّقف عملية التثقيف الذاتي برأيي، لأنها تساهم في صقل الموهبة والتوّسع في الخيال عند قراءة النص لتكوين الشخصية. أمّا بالنسبة إلى الأداء، فلا أجد فارقًا ما بين التعبير الجسدي على المسرح أو في السينما والتلفزيون، لذا لا أوافق على نظرية أن الممثل المسرحي يبالغ أمام الكاميرا، إلا أن الخشبة وبسبب نطاقها الأوسع تتطلّب وضوحاً أكثر في التعبير وتمتلك لغة خاصة بها وتقنيات مختلفة.


مع الممثلة رندا كعدي في مسلسل "قبل نص ليل"


شاركت في أعمال محلية منبثقة من الواقع، وأخرى تتغذّى من الخيال، أي منهما برأيك أكثر جماهرية؟

لكل منهما جمهورها الخاص، هناك من يفضّل مواجهة الحقيقة ومتابعة قصة صادقة من صلب المجتمع، فيما هناك من يحبّ التماهي مع عالم خيالي يحلم من خلاله بحياة مختلفة كنوع من الهروب من الواقع، خصوصاً في لبنان حيث نعيش وضعاً مأسوياً. شخصياً أحترم الذوقيْن، ولا مفاضلة بينهما.

هل تحافظ الدراما المحلية على مكانتها في يوميات اللبناني الرازح تحت أثقال التحديات الصعبة؟

لا يزال اللبنانيون ينعمون ببعض ساعات تغذية كهربائية تفسح في المجال أمامهم لمشاهدة التلفزيون، ولكن إذا إزداد الوضع سوءاً وحُرموا من الكهرباء، فلن يكون للدراما حيز في يومياتهم. برأيي، يبقى الفنّ الدرامي وسيلة سرد للقصص التي يحتاج الإنسان إلى متابعتها.

يحتاج الفنان إلى هدوء وراحة بال من أجل التطوّر الذاتي والإبداع، كيف يتحقق ذلك في ظلّ الوضع الراهن في لبنان؟

لا يستطيع الفنان الجائع أو الذي يعيش في حال مواجهة أن يبتكر. إنما لا بدّ من أن يتضمّن كل عمل فنيّ إحدى المشكلات التي يعاني منها الإنسان في يومياته. برأيي يولّد الوضع غير الطبيعي في الوطن إبداعاً فنياً حيث يبتكر أعمالاً درامية وشخصيات متنوّعة من صلب الواقع، كونه يشكّل إلهاماً لسرد قصص الناس وتجاربهم الإجتماعية.

يتوجّه فنانون كثر نحو الخليج بهدف العمل والإستقرار بعيداً من المشكلات في لبنان، ألا تفكرين وزوجك الممثل فؤاد يميّن في خطوة مماثلة لتأمين مستقبل ابنكما "وسيم"؟

نعيش ضياعاً كبيراً أسوة بكل الناس. نشكر الله أننا نعمل ونكسب لقمة عيشنا لكننا نتمنّى أحياناً لو كنّا عاطليْن، فيكون ذلك دافعاً للهجرة من أجل مستقبل "وسيم". فؤاد متعلّق كثيراً بالوطن وأنا أيضاً، لكنني ناقمة وأفكّر بأننا نعيش حياة واحدة، لذا لا أريد التعلّق بأرض أناضل فيها بالقوّة من أجل العيش الكريم ومن أجل أن يحقق ابني أحلامه الكبيرة. يحقّ لنا العيش في وطنٍ طبيعي. إن التعلق العاطفي بالوطن جميل وصعب في آن، ففي مقابل تواجد كل من نحبّ في لبنان، نعيش ضياعاً وغصة في كل الأوقات.


MISS 3