سناء الجاك

ترشّحوا وتشرشحوا

8 كانون الثاني 2022

02 : 00

فظيعة هذه الثقة التي يصر عليها مسؤولو "حزب الله" عندما يؤكدون أن "المشهد الإنتخابي المستقبلي سيكون كمشهد التحالفات التي عقدناها مع الجميع، كل حلفاء "حزب الله" سيتعاون معهم الحزب في الإنتخابات النيابية بشكل طبيعي".

والفظاعة ليست في المسرحيات المملة لخلافات الحلفاء من أوغاد المنظومة بين بعضهم البعض، لينضووا عندما تحين الساعة تحت راية ضابط إيقاعهم. وليست في توزيع الأدوار بين بعضهم البعض بحيث تختلط معايير التحالف أو التخاصم. وليست كذلك في الإنتهاك المستمر للدستور والقوانين.

وليست في تهديد المملكة العربية السعودية من لبنان، إلتزاماً بالأجندة الإيرانية، في حين يتحدث عن إيجابية الحوار مع السعودية وزير الخارجية الأيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي التقى نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، في العشرين من الشهر الماضي.

الفظاعة في أن "حزب الله" لا يرى أن في لبنان ما يستدعي أي تغيير للمشهد الإنتخابي. فهو يعتبر أن كل شيء يجب أن يبقى على حاله منذ العام 2005، عندما ورث الوصاية السورية وطورها إلى إحتلال إيراني.

والفظاعة تكمن في تبسيط الأمور إلى هذه الدرجة مع الإستخفاف باللبنانيين كل اللبنانيين، وأولهم بيئته التي يجب ألا تخرج عن الطاعة مهما كلف الأمر.

ففي حساباته، لم تحصل إنتفاضة في تشرين الأول من العام 2019. لم يتغير سعر صرف الدولار الأميركي من 1500 ليرة إلى ثلاثين ألف ليرة والخير لقدام.

لم تحتجز المصارف أموال اللبنانيين، وتحوِّلهم إلى مستعطين لحقوقهم.

لم تقع جريمة تفجير مرفأ بيروت، ولم تحصل عرقلة مستمرة لعمل القاضي طارق البيطار ويصار إلى التهديد بقبعه والعمل على قبعه.

لم تتم جملة إغتيالات ممنوع التحقيق فيها، حولها علامات إستفهام كثيرة ومنطقية عن علاقتها بجريمة تفجير المرفأ.

لم يفتقر اللبنانيون إلى رغيف خبزهم وحليب أطفالهم وحبة دوائهم ومسكّن أوجاعهم.

لم ترتفع نسبة الإنتحار في لبنان إلى أرقام مخيفة.

لم يحصل إي شيء من كل هذا وأكثر منه ليُنتهك شعب بأمانه وإستقراره المعيشي والإقتصادي والإجتماعي. لم يُنفذ سيناريو شارك فيه أوغاد المنظومة السياسية والإقتصادية بالتكافل والتضامن، وراح كل من هؤلاء يتراشقون بالإتهامات والمسؤوليات وفق متطلبات الشعبوية وإذكاء قرف الغرائزية الطائفية ليلموا جمهوراً بدأ ينبذهم.

والأفظع أن في رؤية الحزب أن هذا الزلزال الذي يطيح بكل مكونات الدولة وأسسها، وإن حصل، فهو لا يستوجب التغيير في المشهد الإنتخابي. و"ليست القصة نائب بالزائد أو بالناقص"...

القصة وما فيها أن لا شيء يجب أن يتغير، ليس فقط بما يمكن أن تفرزه صناديق الإقتراع، ولكن بما يرسم للبنان وفق أجندة المحور الإيراني ومتطلباتها. وكرمى لهذه الأجندة تتكثف جهود الحزب في البحث عن كل ما يضر اللبنانيين في معتقلهم الكبير داخل الحدود اللبنانية أو في دول لجوئهم بحثاً عن عيش كريم.

القصة وما فيها أن "حزب الله" لا يضع في حساباته إمكانية أن شيئاً يمكن أن يتغير بما يناقض إمساكه بمفاصل البلد بإستعلاء وإحتقار للبنانيين كل اللبنانيين، بدءاً من بيئته وليس إنتهاءً بمن يندد بالإحتلال الإيراني ويطالب بتحرير لبنان منه.

"حزب الله" يستخف بالجميع، بمن يرى أنه أداة للمشروع الإيراني، أو بمن لا يرى ذلك ويبحث عن وسيلة لبناء دولة من خلال الإصلاح في الندوة البرلمانية، ويقول للجميع: "ترشحوا وتشرشحوا".. فالأمر لنا..

ولكن ماذا لو إنقلبت الآية؟!..