جاد حداد

After... قصة حب سطحية

17 كانون الثاني 2022

02 : 00

يبدأ فيلم After (فيما بعد) بسرد عبارات حول تأثير بعض لحظات الحياة على شخصية كل فرد، ثم تتلاحق الأفكار المبتذلة حتى النهاية. إذا أردنا معرفة اللحظة الحاسمة في حياة "تيسا يونغ" (جوزفين لانغفورد)، فلا يمكن التكلم عن لقائها بـ"هاردين سكوت" (هيرو فيان تيفين)، أو انزعاجها منه في البداية، أو وقوعها في غرامه ثم انفطار قلبها بسببه، أو اجتماعها به مجدداً.

"تيسا" شابة ساذجة تفتقر إلى الخبرة في الحياة وتأتي من الضواحي. في المقابل، يبدو "هاردين" شاباً سيئاً ظاهرياً لكنه يخفي شخصية لطيفة ومجروحة وراء تأكيداته على عدم وجود الحب، ونوبات العنف التي تجتاحه أحياناً، وجسمه المغطى بأوشام متنوعة، منها صف من صور خنازير غينيا التي تضع نظارات شمسية على ساعده. ستكون العلاقة العاطفية التي تجمع هاتين الشخصيتَين باهتة لدرجة أن نلتهي بهذا الوشم بسهولة. الفيلم مقتبس من أول كتاب أصدرته آنا تود من سلسلة رواياتها، وهذا ما يفسّر على الأرجح غياب أي حدث حاسم ومفصلي في القصة رغم الوعود التي تطلقها مقدمة الفيلم. على غرار معظم الأعمال المقتبسة التي تلقى رواجاً واسعاً في الفترة الأخيرة، لن نشاهد قصة متكاملة، بل إننا أمام ثلاثة أحداث رئيسية تبلغ ذروتها حين تُمهّد التطورات في النهاية لصدور أجزاء مستقبلية أكثر إثارة للاهتمام.

على عكس بعض النماذج الشائعة في القصص الرومانسية المتقلّبة، لا وجود هذه المرة لأي كائنات خارقة للطبيعة أو مشاهد جنسية غريبة. أقصى ما نشاهده في هذا الفيلم هو أداء تمثيلي نائم لدرجة أن نُشَبّه الممثلين في بعض المشاهد بكائنات الزومبي أو بشخصيات مهذبة أكثر من اللزوم.

بالعودة إلى تفاصيل القصة، تستعد "تيسا" للذهاب إلى الجامعة وترافقها والدتها "كارول" (سيلما بلير) وحبيبها "نواه" الذي لا يزال في المدرسة الثانوية (ديلان أرنولد). يتصرّف هذا الأخير مع "تيسا" وكأنه شقيقها إلى أن يُقبّلها سريعاً أثناء توديعها. إنه أقصى ما يمكن توقّعه من أي حبيب توشك بطلة القصة على الانفصال عنه، لكن تبقى علاقتها العاطفية الخافتة مع "هاردين" لاحقاً خطوة كبيرة في حياتها.



يتقابل الحبيبان الجديدان حين يكون "هاردين" جالساً في غرفة "تيسا" في مهجع الطلاب، فيرفض المغادرة حين تنهي استحمامها. ثم يتجادلان لاحقاً حول كتاب Pride and Prejudice (كبرياء وتحامل) ويُفترض أن يُذكّرنا شجارهما بالثنائي الشهير في تلك الرواية. إنه هدف صريح لأن سيناريو سوزان ماكمارتن يقيم هذه المقارنة بكل وضوح، وهو رابط جريء بعض الشيء نظراً إلى اختلاف مستوى العملَين.

سرعان ما يتقرّب "هاردين" و"تيسا" من بعضهما بسبب حبهما المشترك للروايات، ثم تتهرب "تيسا" من تقبيله خلال لعبة الحقيقة أو الجرأة وتشعر بالصدمة حين تعثر على نسخة من كتاب Wuthering Heights (مرتفعات ويذرنغ) في غرفة "هاردين".

تتصاعد الأحداث في المرحلة اللاحقة لكن ليس بالوتيرة الكافية على الأرجح. يصعب أن نفهم إذا كانت المخرجة جيني غايج لا تعرف ما يتوقعه المشاهدون من القصص الرومانسية الشبابية، فهي تكتفي في هذا الفيلم باستعمال الإيحاءات وتقدم المشاهد العاطفية بطريقة سطحية. يقيم الحبيبان علاقة حميمة بعدما يطلب "هاردين" الذي كان يشكك بالحب من "تيسا" أن تنتقل للعيش معه، ولا مفر من ظهور عوائق عدة في العلاقة بعد فترة قصيرة، وهي تتعلق هذه المرة بأصدقاء "هاردين" المتعطشين للدراما في حياتهم. ثم تتلاحق المشاكل بين الحبيبَين.


MISS 3