جاد حداد

Archive 81... هوس جديد في الموسم الشتوي!

31 كانون الثاني 2022

02 : 00

تتلاحق التطورات المريبة في مسلسل Archive 81 (أرشيف 81) الممتاز على شبكة "نتفلكس". لا يمكن تفسير المؤامرات ومظاهر الارتياب والأحداث الخارقة للطبيعة والطقوس الجنونية في هذا العمل المؤلف من ثماني حلقات بكلمات بسيطة، إذ تُذكّرنا الأجواء العامة بأفلام الرعب الشهيرة في السبعينات، مثل Rosemary’s Baby (طفل روزماري)، وقصص العزلة التي تتخذ منحىً قاتلاً مثل The Shining (اللمعان). بعد الحلقة الأولى المدهشة، لا مفر من أن نشعر بأننا نقرأ قصة مخيفة في منتصف الليل خلال الشتاء البارد!

يؤدي مامودو آثي دور "دان تيرنر"، أمين محفوظات يحب جمع أشرطة الفيديو القديمة ويعثر على مواد لم يشاهدها سابقاً. هو يتنقل بين أسواق السلع المستعملة والعقارات بحثاً عن أفلام مفقودة ويصلح الأشرطة المتضررة. هذا ما يوصله إلى عالم "فيرجيل" (مارتن دونوفان)، المليونير الذي يوظّف "دان" لإنقاذ أشرطة فيديو تدمرت بشكلٍ شبه كامل منذ خمس سنوات. تلك الأشرطة موجودة في مكان بعيد جداً من جبال "كاتسكيل". ينتقل "دان" إلى هناك لإتمام عمله، فيعيش وحده لفترة ويستكشف المنزل القديم المريب الذي يقيم فيه ويحاول في الوقت نفسه معرفة السبب الحقيقي وراء توظيفه.

تدور أحداث القصة الثانية في المسلسل خلال فترة التسعينات وتُعرَض عن طريق الأشرطة التي يصلحها "دان". سرعان ما يتبيّن أنها تسجيلات لطالبة في علم الاجتماع اسمها "ميلودي" (دينا شهابي) كانت قد انتقلت إلى مبنى "ذا فيسر" في نيويورك بحثاً عن والدتها البيولوجية المفقودة التي شوهدت هناك للمرة الأخيرة. تسود أجواء مرعبة في ذلك المبنى، بما يشبه أعمال المخرج رومان بولانسكي. تعلو أصوات هتافات غريبة في منتصف الليل، وتُقفَل الأبواب من الخارج، ويحصل أمر مريع في القبو. تتعرف "ميلودي" على المستأجرين في المبنى وتكتشف أسراره تدريجاً. يشاهد "دان" هذه الأحداث لكنه لن يكون مجرّد مراقب على الهامش.



في أفضل الأحوال، يوحي المسلسل بوجود قوى شريرة وراء الأحداث الحاصلة. قد تكون على شكل غرفة في قبو المبنى السكني، أو شريط قديم في زاوية مكتبة للكتب المستعملة، أو قطعة فنية تشمل عنصراً له بُعد مختلف. يستمتع معظم الناس، لا سيما محبو أفلام الرعب، بحل الألغاز المشوقة. في النهاية، تعتبر معظم قصص الأشباح نفسها مستوحاة من "الحقيقة"، ويستمد هذا المسلسل قوته من تعقب ظاهرة لا يشاهدها أحد سوانا. قد تضعف قوة القصة حين تتراجع نوعية السيناريو وتنتهي الأسئلة ويحين وقت تقديم الأجوبة في آخر حلقتَين، لكن ستكون الرحلة كلها مُرضية بما يكفي بحلول تلك المرحلة لدرجة أن نغفل عن الشوائب بسهولة. تحمل النهاية مجازفة كبرى وقد تنقسم الآراء بشأنها.

من دون الكشف عن تفاصيل مفرطة، يكفي أن نقول إن حياة "دان" و"ميلودي" ستتداخل بطريقة مباشرة، مع أن كل واحد منهما يعيش بفارق عشرين سنة عن الطرف الآخر. بفضل خبرة المخرجين ريبيكا توماس (من أعمالها Stranger Things (أشياء غريبة))، وجاستن بنسون وآرون مورهيد (The Endless (بلا نهاية))، وهيفا المنصور (Wadjda)، يتنقل المسلسل الجديد بين فترتَين زمنيتَين إلى أن تبدأ الحقيقة بالانكشاف. يُذكّرنا هذا العمل بأسلوب المخرج الروسي أندريه تاركوفسكي في مناسبات متكررة، وكل من يحب أفلام الرعب والخيال العلمي التي اشتهر بها بنسون ومورهيد سيجد أجواءً مشابهة في هذا المسلسل.

القصة جريئة لأنها تحافظ على متعتها حين تتمسك بالألغاز والأحداث المربكة أكثر مما يحصل عندما تحاول الإجابة على الأسئلة العالقة. تشمل الحلقة الأولى حدثاً صادماً بمعنى الكلمة، لكن من الأفضل أن نشاهد الحلقات في أوقات مختلفة لأن مشاهدتها دفعةً واحدة تُجرّد القصة من سحرها. كان يُفترض أن تُعرَض حلقة واحدة أسبوعياً كي تأخذ الضجة التي تستحقها بدل أن يُستبدل المسلسل كله بعمل جديد على شبكة "نتفلكس" بعد مرور أسبوع.

في مطلق الأحوال، لا مفر من أن يستمتع محبو أفلام الرعب بهذه القصة. سيكون اسم جيمس وان كمنتج تنفيذي مفيداً جداً لرفع مستوى العمل، لكنه كافٍ أيضاً لإنتاج المحتوى المناسب في الأوساط المناسبة. يعجّ المسلسل بمشاهد يصعب نسيانها، وهو يتّسم أيضاً بأداء تمثيلي متقن (يمكن اعتبار آثي وشهابي من النجوم الصاعدة طبعاً). هذا العمل هو من النوع الذي ينغمس فيه المشاهدون بسهولة بدل مشاهدته بشكلٍ عابر. يجب أن تلاحق الأسرار بنفسك إذا كنت تجرؤ على ذلك!


MISS 3