بشارة شربل

الدهر يومان... يا سلطة الفُجَّار والتُجَّار

4 شباط 2022

02 : 00

يمكن الجزم بأن أهل السلطة يتمنّون لو يمنعون برامج تلفزيونية يبوح عبرها الناس بأوجاعهم جراء سرقة ودائعهم أو إذلالهم أمام جمعية سليم صفير وزميله "السارق المركزي"، أو شعورهم بالعجز إزاء فحش الأسعار وجشع التجار.

لم يعد وجع الناس يطاق. نتحدث عن جريمة متمادية تمتد من الناقورة حتى النهر الكبير ومن بيروت الى البقاع، وتطاول كل مواطن بقوت أبنائه وتدفئتهم وتعليمهم وتطبيبهم وبمستقبلهم الهارب أمام عيونهم.

لا حدود لرداءة التعاميم الصادرة عن رياض سلامة، ولا لحقارة حسبة الخسائر في الموازنة العتيدة، ولا لسفالة المحتكرين والمتلاعبين بالأسعار، مثلما لا حدود لتراخي مؤسسات الدولة المستمر منذ سادت في ظل "الجمهورية الثانية" والوصاية السورية قيم الاستزلام والفساد والإفساد بين الرؤساء والوزراء والنواب والأحزاب، وصولاً الى كبار الموظفين وصغارهم والقضاة والضباط ورجال الأعمال والنقابات واتحادات العمال.

ما نشهده من جريمة كبرى بحق كل الناس تُرتكب في المتاجر والسوبرماركت وفي جلسات السراي ليس وليد اللحظة أو بفعل الانكشاف بعد 17 تشرين. إنه التحالف الجهنمي بين أهل السلطة والمال والميليشيات، وهو الذي تعايشنا معه قابلين بالفتات وبالتمتع بسعر صرف ثابت وبقروض مصارف النصب والاحتيال، فيما كانت أسماك القرش تتقاسم الصفقات، وتلتهم المال العام، وتغرق البلاد في الديون على حساب الخزينة العامة وعرق المواطنين.

لا تُعفي الجريمة المتمادية الحكومة الحالية ووزراءها المخلَّعين من تحمّل التبعات. لم نناشدهم تولي المناصب، بل أتوا مثل حسان دياب على أنقاض ودماء "ثورة المواطنية" التي انتفضت ضد كل فاسد وسارق ومتخلّ عن حق اللبنانيين في دولة تحفظ أمنهم وحدودهم وكرامتهم وتوقف انهيار الاقتصاد.

الذين في سدة المسؤولية حالياً، رؤساء جمهورية وحكومة ومجلس نواب ولفيفهم من المنظومة المعروفة، متهمون بالجرم المشهود بالمشاركة في جريمة إفقار الشعب وحرمانه شراء الأساسيات، وبالتسبب بوفاة أطفال على أبواب المستشفيات وبدفع أمهات الى تسول ربطة خبز لعشاء الأولاد. وهي تهمة توازي في فداحتها تدمير علاقات لبنان مع دول الخليج والاغتيالات السياسية و"مجزرة النيترات" وخيانة الأوطان.

قال لكم اللبنانيون في 17 تشرين: إرحلوا، "خذوا ما شئتم لكن إرحلوا". فأصررتم على الاستمرار، إما بفعل الاستكبار الذي أوهمَكم بأنكم آلهة إنقاذ أو بسبب الخوف من الارتماء وراء القضبان.

نجحتم في غرز ما تبقى من نصل خنجركم في ظهور اللبنانيين لسببين: وحشيتكم وخوف الناس... هي الدنيا يوم لك ويوم عليك. وسيأتي يوم الحساب.


MISS 3