مايز عبيد

خبير بيئي لـ"نداء الوطن": "غير المفتعلة" احتمال واحد بالمليون

عكار تشتعل... حرائق متنقلة في الشمال والنيران تلتهم الزيتون

16 تشرين الأول 2019

00 : 00

فجأة وبسحر ساحر إشتعل لبنان من أقصاه إلى أقصاه في مشهد لم تألفه البلاد في تاريخها المعاصر، وساهمت موجة الحر في اشتداد الحرائق وتمددها.

وعاش الأهالي في عكّار ثلاثة أيام أشبه بـ"الجحيم". فاللهيب في كل مكان وطاولت الحرائق الأراضي الزراعية والبساتين، واحترقت مئات الهكتارات والبساتين من الزيتون والأشجار، حتى وصلت الحرائق إلى المنازل.

فما بين بلدتي برقايل ووادي الجاموس اشتعل حريق كبير مساء الأحد وقضى على مساحات من أشجار الزيتون. وكانت مناطق وقرى وبلدات عدة على موعد مع حرائق بالجملة والمفرّق يومي الإثنين والثلثاء. ففي قرية قشلق في الدريب العكاري اشتعلت النيران بشكل واسع وقضت على مساحات كبيرة من أشجار الزيتون. كما اندلع حريق كبير مساءً بين قرى (مشحة - النفيسة والشيخ محمد) وطاولت الأراضي وأشجار الزيتون بشكل كبير، وسط مناشدات واسعة من المواطنين والفاعليات للدفاع المدني وكل المعنيين للمساهمة في إطفاء الحريق الذي اقترب من المنازل المأهولة. كما اندلع حريق كبير في قرية "ديردلوم". واللافت في هذه الحرائق أنها تحصل في الليل ما يصعّب عمليات الإطفاء والوصول إلى مكان الحريق.


صرخات المواطنين

وانتقد الأهالي والناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي تقاعس الدولة والمسؤولين عن القيام بأبسط المبادرات لإنقاذ الناس وموسم الزيتون، وكان الأهالي ينتظرون هطول الأمطار لتحسّن وضع المحصول من الزيتون والزيت، وإذا بالمحصول كله يطير من خلال الحرائق التي قضت على الكثير من بساتين الزيتون في العديد من القرى، ومن الأشجار الحرجية والمثمرة التي خسرتها المنطقة.

وفي بلدات النفيسة والشيخ محمد وكروم عرب ومشحا العكارية، التهمت النيران، خلال أقل من 7 ساعات، أكثر من 8 كيلومترات مربّعة نتيجة الرياح الجافة والحارّة، وقضت على آلاف أشجار الزيتون والصبّار واللوزيات ولامست البيوت القريبة، ونزح سكان البلدات ليلاً.

وانتهت عملية إخماد النار قرابة الساعة الثالثة من فجر الثلثاء إثر جهود مضنية لعناصر ومتطوعي الدفاع المدني في مراكز حلبا وخريبة الجندي وببنين العبدة وبزبينا وبمؤازرة من الجيش وقوى الأمن الداخلي وأهالي البلدات التي نكبتها الحرائق، حيث حجب الدخان فضاء المنطقة ونثرت الرياح رماد الحرائق على مدى واسع في محيط هذه البلدات.

وعمل عناصر الدفاع المدني على تبريد رقعة الحريق خصوصاً القريبة من المنازل خوفاً من تجدّدها.

كما اندلع بعد ظهر الثلثاء حريق في الحرج بالوادي الفاصل بين بلدتي "مجدلا" و"برقايل". وسارعت عناصر الدفاع المدني فوج برقايل إلى "العمل على إطفاء الحريق قبل أن تمتد النيران إلى المنازل المجاورة".

موجات الحر

يقول الخبير البيئي والزراعي الدكتور مازن شبيب لـ"نداء الوطن": "ليس هناك شيء اسمه حرائق غير مفتعلة هذا احتمال واحد بالمليون. لكن عندما نتحدث عن موضوع الحرائق فإن هناك مسؤوليات مختلفة تتوزع بين المواطن والدولة والبلديات وهي مسؤولية إستباقية بمعالجة السبب قبل معالجة النتيجة". وبحسب شبيب "إنّ العلاج الإستباقي والوقائي يكون بالتوعية بالدرجة الأولى. يجب توعية المواطنين على عدم إشعال النيران في الأماكن العامة أو في المنتزهات وخلال الرحلات، وإذا كان ولا بد فالمفترض التأكد من إطفاء النيران بعد انتهاء الرحلة وتطويق مكانها بالأحجار. كما يجب توعية المواطن على ضرورة الإهتمام بالأشجار وعدم قطعها سواء للمشاحر أو لأي سبب كان. فبحسب دراسة نُشرت مؤخراً كل شجرة قادرة على تأمين الأوكسجين لأربعة أشخاص. كما أن هذه الأشجار قادرة على حماية التربة من الإنزلاق من جهة، وعلى الحد من أثر الفيضانات بنسبة كبيرة".

واعتبر شبيب أن "المعدّل الوسطي للحرائق سنوياً 1000 هكتار وأن الحرائق قضت في العام 2018 على 600 هكتار من المساحات الشجرية والمزروعة، 543 هكتاراً منها في عكّار وحدها".

وأشار إلى أن "مسؤولية الدولة تكون في زيادة عدد مأموري الأحراج في المناطق واعتماد مبدأ المحاسبة على كل من يفتعل الحرائق، ومن المهم تجهيز الدفاع المدني بالمعدات والآليات اللازمة وتأمين برك وسدود مائية في أكثر من مكان لهذه الغاية".


الضنية

أحراج وبساتين الضنية لم تسلم من مسلسل الحرائق. حيث اندلع بعد ظهر الثلثاء حريق كبير في بلدة "بخعون" في الضنية، وامتدت النيران إلى المنازل المجاورة وهرعت فرق الدفاع المدني لإطفائه والسيطرة عليه، وعلت أصوات المواطنين مطالبة بالإسراع في الإنقاذ والإطفاء.


MISS 3