الكركم... لا تشتروه من بنغلادش!

01 : 35

هل تطلق النزعة إلى استهلاك الكركم ظاهرة خطيرة؟ يناقش تقرير جديد تداعيات إقدام شركات بنغلادش على إضافة كرومات الرصاص إلى الكركم لتقوية لونه الأصفر.

كرومات الرصاص عنصر كيماوي مؤلف من الرصاص والكروم، وهو عبارة عن صبغة صفراء تُستعمَل لتقوية لون المواد. لكنه يصبح سمّاً عصبياً حين يستهلكه البشر أو يتنشقونه.

يعتبر الخبراء الرصاص غير آمن، بغض النظر عن الكمية المستهلكة منه، لأنه يُسبب اضطرابات معرفية. في الحالات العادية، تستعمل شركات التصنيع كرومات الرصاص لتلوين الزيوت والطلاء بالأصفر والبرتقالي.

لكن اعتبرت أبحاث سابقة الكركم سبباً للتعرض للرصاص في مناطق كثيرة من بنغلادش.

الكركم تابل أساسي يستهلكه الكثيرون يومياً في جنوب آسيا. كذلك، تتعدد استعمالاته الطبية، كونه يسهم في معالجة الالتهابات وينعكس إيجاباً على أمراض كثيرة، منها السرطان.

لا يُعتبر الغش في تصنيع التوابل غريباً، ومن الشائع أن تُضاف العناصر السامة إليها أيضاً. لكن تطرح إضافة كرومات الرصاص إلى الكركم تهديداً على الصحة العامة في بنغلادش. أراد الباحثون في الدراسة الأخيرة تقييم أثر هذه الممارسة وتنظيماتها.

صمّم باحثون من "معهد ستانفورد وودز للبيئة" في كاليفورنيا دراسة لتقييم مستوى كرومات الرصاص في الكركم، علماً أن السلطات منعت استعمال هذا العنصر كمضاف غذائي.

في البداية، اكتشف العلماء أن مشكلة احتواء الكركم على كرومات الرصاص تعود إلى الثمانينات، حين استعمله الناس للمرة الأولى لتقوية لون الكركم بعدما أصبح باهتاً بسبب الفيضانات.

سبق وحلل أعضاء الفريق الأسباب المحتملة لتلوث دم الناس في بنغلادش بالرصاص من خلال مراقبة نظائره المختلفة، ما سمح لهم بابتكار بصمة كيماوية لرصد الكركم الملوث بالرصاص.

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "علم البيئة والتكنولوجيا" وكشفت أن الكركم أبرز سبب لوجود الرصاص في دم الناس. إنه أول بحث يربط مباشرةً بين الرصاص في الكركم ومستويات الرصاص في الدم.

نتائج الدراسة

حدّد الباحثون في البداية تسع مناطق كبرى تنتج الكركم في بنغلادش (فضلاً عن منطقتَين صغيرتين) وزاروها لتقييم النزعة إلى الغش في تصنيع الكركم، وأجروا مقابلات مع 152 عاملاً في أنحاء مواقع الإنتاج.

في المرحلة اللاحقة، جمعوا عينات من الأصباغ الصفراء والكركم من أسواق الجملة الأكثر شيوعاً، ثم أخذوا عينات من التربة والغبار في مطاحن تلميع الكركم لتقييم الأدلة على تصنيع منتج مغشوش.

استعمل الباحثون تقنية قياس الطيف الكتلي وفلورية اﻷﺸﻌﺔ اﻟﺴﻴﻨﻴﺔ لرصد كميات الرصاص والكروم في 524 عيّنة جمعوها.

سجلت منطقتا "دكا" و"مونشيغانج" (تشملان أصغر عدد من منتجي الكركم) أعلى مستويات الرصاص والكروم، وبلغت أقصى كمية هناك 1152 ميكروغراماً/غرام، مقارنةً بـ690 في تسع مناطق كبرى لإنتاج الكركم.

كذلك، اكتشف الباحثون أدلة على وجود كرومات الرصاص في سبع مناطق كبرى لإنتاج الكركم من أصل تسعة، ولاحظوا أن 2 إلى 10% من الأصباغ الصفراء في مطاحن التلميع يحتوي على كرومات الرصاص. وحتى عينات التربة في تلك المطاحن احتوت على 4257 ميكروغراماً/غرام من الرصاص كحد أقصى.

على صعيد آخر، أكدت المقابلات على بدء نزعة إضافة كرومات الرصاص إلى الكركم منذ أكثر من 30 سنة واستمرارها حتى اليوم.

يبدو أن رغبة المستهلكين في استعمال توابل صفراء وملوّنة ساطعة هي السبب الأساسي وراء هذه الممارسة. يقول المزارعون إن تجار الكركم يستطيعون بيع جذور رديئة وزيادة هوامش أرباحهم من خلال المطالبة بإضافة ذلك الكركم السيء الذي يحتوي على أصباغ صفراء.

حلول في الأفق؟

هذه الممارسة مضرّة بالصحة لأقصى حد! لم تبرز أي أدلة مباشرة على تلوث الكركم خارج بنغلادش، لذا يظن الباحثون أن حرص البلدان المستورِدة على التحقق من سلامة الأغذية يشجّع مصنّعي التوابل في بنغلادش على الحد من كمية الرصاص المضافة إلى الكركم المُعَدّ للتصدير.

لكن يضيف الباحثون أن نظام التحقق من سلامة الأغذية يستهدف راهناً جزءاً بسيطاً من الكركم المغشوش حول العالم.

توضح المشرفة الرئيسة على البحث الجديد، جينا فورسيث: "يستهلك الناس من دون علمهم عنصراً قد يُسبب لهم مشاكل صحية كبرى. نعرف أن الكركم المغشوش سبب للتعرض للرصاص ويجب أن نتحرك لمعالجة الوضع".

في المرحلة المقبلة، ثمة حاجة إلى تحسين التوعية حول الأصباغ السامة وتشجيع المستهلكين على الامتناع عن تناول المنتجات الملوثة. كذلك، يُخطط الباحثون لإنشاء فرص مهنية لتقليص مستوى التعرض للرصاص.


MISS 3