الديموقراطيّون يخوضون "معاركهم الداخليّة" و"حربهم" مع ترامب

01 : 55

وارن وبايدن وساندرز خلال المناظرة الديموقراطيّة الأخيرة (أ ف ب)

في وقت أكّد فيه الديموقراطيّون أنّهم باتوا يُراكمون عناصر الاتهام بهدف عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بفضل سلسلة من جلسات الاستماع في الكونغرس، على الرغم من الرفض المتكرّر للبيت الأبيض التعاون مع التحقيق، تواجه مرشحوهم الساعون للوصول إلى البيت الأبيض أمس الأوّل، في المناظرة الرابعة للحزب لانتخابات 2020.

وهيمن ترامب كالعادة، على المناظرة الأخيرة، فيما شنّ المرشّحون الديموقراطيّون الـ12 هجماتهم على الرئيس الجمهوري، داعين إلى عزله، إذ تُخيّم إجراءات عزل ترامب على السياسة الأميركيّة منذ أسابيع. واعتبرت إليزابيث وارن أنّه "ينبغي أن تمضي إجراءات العزل قدماً". ولقيت دعوتها تأييداً كبيراً لدى زملائها الديموقراطيين على المنصّة، بينما أوضح نائب الرئيس السابق جو بايدن أنّه يعتقد أن ترامب يجب أن يخضع لإجراءات عزل، كما نفى بشدّة اتهام الرئيس له بالتدخّل شخصيّاً في أوكرانيا لحماية ابنه هانتر بايدن، الذي تحوم حوله ملفات فساد بخصوص عمله في مجموعة الغاز الأوكرانيّة "بوريسما"، عندما كان والده في البيت الأبيض، ما يحمل سمات تضارب في المصالح. وهكذا، سلّطت فضيحة أوكرانيا الضوء على بايدن.

وتصدّت وارن لأقوى الهجمات من زملائها الديموقراطيين، حول مسائل عدّة تتعلّق بالرعاية الصحية والضريبة وصولاً إلى السياسة الخارجيّة وأتمتة الشركات. وواجهت وارن هجوماً قاسياً من المعتدلين، الذين تحدّوها لكشف كلفة خطّة "ميديكير للجميع". وقالت عضو مجلس الشيوخ ايمي كلوبوشار: "الفرق بين خطّة وحلم صعب التحقيق، شيء يُمكنك تحقيقه"، فيما وصف بايدن خطّة وارن للرعاية الصحية بـ"الغامضة". واتهم عضو الكونغرس السابق بيتو أورورك، وارن، التي تدعو إلى فرض ضريبة على الثروات الكبيرة، باتباع "سياسات عقابيّة والزجّ ببعض أجزاء البلد ضدّ الآخر".

وتفرّدت وارن في الدعوة إلى "خروج الولايات المتّحدة من الشرق الأوسط"، فيما ركّز منافسوها على مهاجمة قرار ترامب سحب الجنود الأميركيين من شمال سوريا. وقال بايدن: "هذا معيب"، مضيفاً: "معيب ما فعله هذا الرجل هناك"، فيما أكّدت عضو مجلس الشيوخ كمالا هاريس أنّها "ستوقف هذا الجنون" في حال انتُخبت. ومع التوافق الواسع للمرشّحين في معارضتهم لترامب وكرههم له، تمحورت المناظرة في مجملها حول الأداء أكثر منها حول الجوهر. وجهد المرشّحون الـ12 على المنصّة، ومن بينهم الملياردير الناشط توم ستاير، الذي كان يخوض أوّل مناظرة له، لإسماع صوتهم. وفي حين أن المرشّحين الثلاثة الأكثر حظاً، أيّ بيرني ساندرز وجو بايدن وإليزابيث وارن، في السبعينات من العمر، وجّه لهم مديرو المناظرة أسئلة مباشرة حول مسألة العمر الحسّاسة، وكانت الأجوبة من قبيل: "العمر والخبرة تأتي معهما الحكمة". وفي الموازاة، استأنف الكونغرس عمله بعد أسبوعين من التوقف، وهي فترة استفاد منها النوّاب الديموقراطيّون لدفع تحقيقهم حول الرئيس الأميركي قدماً. وهم يسعون إلى تحديد ما إذا كان ترامب قد استغلّ منصبه ليُجبر كييف على التحقيق في شأن جو بايدن. ودانت زعيمة تكتل الديموقراطيين في مجلس النوّاب نانسي بيلوسي والمسؤول عن التحقيق في المجلس آدم شيف، خلال مؤتمر صحافي، رفض إدارة ترامب تقديم وثائق للكونغرس.

ولم يمتثل نائب الرئيس الحالي مايك بنس ووزارة الدفاع وإدارة الميزانيّة في البيت الأبيض ورودي جولياني، المحامي الشخصي لترامب، لطلب المثول أمام المجلس الثلثاء. وفي السياق، قال شيف: "هناك مزيد من الأدلّة على عرقلة عمل الكونغرس من قبل إدارة ترامب". ويأخذ البيت الأبيض على بيلوسي خصوصاً، عدم تنظيم جلسة تصويت بكامل أعضاء مجلس النوّاب لبدء هذه الإجراءات لاتهام الرئيس، خلافاً لحالات سابقة سجّلت في التاريخ الحديث (ريتشارد نيكسون في 1974 وبيل كلينتون في 1995). وفي هذا الصدد، أوضح شيف أنّه "لسنا ملزمين إجراء تصويت، وفي هذه المرحلة لن نُجري تصويتاً"، مستنداً في ذلك إلى قراءة مخالفة للدستور. وأكّد أنّه "سنُواصل على الرغم من كلّ شيء جمع معلومات جيّدة ومهمّة من شهود شجعان"، في إشارة إلى جلسة الاستماع قبل يوم للديبلوماسيّة فيونا هيل، التي كانت مستشارة في البيت الأبيض لشؤون أوكرانيا وروسيا حتّى هذا الصيف.وذكرت وسائل إعلام عدّة أن هيل أوضحت للنوّاب أن المستشار السابق للبيت الأبيض جون بولتون، شعر بالقلق من جهود يبذلها جولياني لدى حكومة كييف لجمع عناصر مربكة في شأن جو بايدن. وكشفت أن بولتون كان يُشبّه رئيس بلديّة نيويورك السابق جولياني بـ"قنبلة يدويّة نُزِع فتيلها وباتت جاهزة لتفجير الجميع"، واقترح إبلاغ قانونيي البيت الأبيض بالأمر.



وسعى جولياني لأشهر إلى إقناع كييف بفتح تحقيق حول مجموعة الغاز "بوريسما"، التي وظّفت نجل جو بايدن، وأقام شبكة اتصالات مع وسطاء، موازية للقنوات الرسميّة للديبلوماسيّة الأميركيّة. والديموقراطيّون مقتنعون بأنّ جولياني "وضع أسس" الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ويُشكّل محور الفضيحة بالنسبة إليهم، بينما يؤكّد ترامب أن "لا مأخذ" على اتصاله الهاتفي، ويُشدّد أيضاً على أنّه أراد مكافحة فساد بايدن ونجله بشكل شرعي.

من ناحيته، أعلن زيلينسكي أمس أن بلاده "لن تفعل شيئاً" إزاء التحقيق الهادف إلى عزل ترامب، وقال: "لن أتدخّل بصفتي رئيس أوكرانيا في شؤون دول أخرى، على عكس آخرين يُحاولون ذلك". وفي الوقت الذي تسير فيه الاستجوابات في البرلمان، قال النائب الديموقراطي مارك بوكان: "نُريد التقدّم بسرعة"، مذكّراً بأنّ الهدف هو عرض عناصر اتهام ضدّ الرئيس الجمهوري للتصويت عليها في مجلس النوّاب قبل نهاية العام الحالي. وبعد ذلك، سيعود لمجلس الشيوخ البت في تنظيم محاكمة ترامب، ولأنّ الجمهوريين يُسيطرون على المجلس، تبدو إقالته شبه مستحيلة ومعركة الديموقراطيّة خاسرة.


MISS 3