كريستابيل نجم

الدورة 63 من معرض بيروت للكتاب... احتفاءٌ بالثقافة رغم العقبات

28 شباط 2022

02 : 00

رغم الظروف الاقتصادية المتردية واستمرار تداعيات فيروس "كورونا" أصرّ معرض "بيروت العربي الدولي للكتاب" على مجابهة الصعاب والعراقيل لينطلق مجدّداً في الثالث من آذار وحتى الثالث عشر منه في دورته الثالثة والستين وبعد انقطاع دام ثلاث سنوات متتالية بعد انفجار المرفأ. "نداء الوطن" تحاورت مع مجموعة من أهل الأدب والفكر للوقوف على رأيهم بشأن المعرض وفعالياته.

يعود الدكتور عدنان حمود، مدير معرض "بيروت العربيّ الدوليّ للكتاب" إلى تاريخ المعرض مشيراً الى أنَّ الدورة الأولى منه نُظّمت في نيسان 1956 بقاعة "الويست هول" بالجامعة الأميركيّة في بيروت.

ويحمّل حمود تداعيات ثورة تشرين الأوّل 2019 وما تلاها من أزمات إقتصاديّة وانفجار مرفأ بيروت مسؤولية توقف المعرض، اذ تدمّر القسم الأكبر من قاعة البيال فاستحيل قيام المعرض قبل إعادة بناء ما تدمّر.


عدنان حمود


وأكد حمود أن استئناف نشاط المعرض هو تأكيد على الرغبة في إعادة بثّ الحياة الثقافيّة في شرايين العاصمة مجدّداً، موضحاً بأنّ الوضع الإقتصاديّ الصعب دفع بالقيمين عليه الى تخفيض إيجار الأجنحة بنسبة 90%، فباتت الرسوم المستوفاة من الناشرين رمزية مع حسومات استثنائية للتشجيع على شراء الكتب.

ووفق حمود يستضيف المعرض عشرات الندوات والأمسيات الشعريّة إضافةً إلى جولات توقيع الكتب، وأُطلق عليه لقب "رأس السنة الثقافيّة".

وينوّه حمود بالجهد الذي بذله الإعلاميّون للتسويق للمعرض. وتزامن هذا الجهد مع تعميم لوزير التربية على المدارس والجامعات كافة بضرورة زيارته. أمّا بالنسبة إلى إحجام نقابة اتّحاد الناشرين عن المشاركة فمرده تزامنه مع عدد من المعارض العربيّة التي يُعوّل عليها الناشرون للحصول على "الفريش دولار".

بدوره شدّد الكاتب والناقد الأدبي الدكتور وجيه فانوس على أهمية المعرض لنشر الكتب وتسويقها، وكدليلٍ على مدى اهتمام المجتمع اللبناني بالكتاب وحرصه على مدّ الجسور بين الحضارات.


الدكتور وجيه فانوس


ويؤكد فانوس استطراداً بأنّ "الكاتب هو أكثر من يُهدَر حقُّه في لبنان لضعف إمكانيَّاته الماديّة في مجال النشر" ويعلّق على عودة الجيل الرقميّ إلى القراءة قائلاً بأنَّ "المطالعة لم تغب على الإطلاق عن دنيا المعرفة والثقافة، سواء كانت الوسيلة ورقية أم إلكترونية.

الكاتبة والصحافيّة مي ضاهر يعقوب اعتبرت بأنّ المعرض بمثابة رئة البلد الثقافية فإن توقفت عن التنفس حكمنا على نفسنا بالموت الفكريّ.


مي ضاهر يعقوب


أما بالنسبة الى الجهود الآيلة لتشجيع المعرض إعلاميّاً فقد اعتبرت ضاهر بأنّ محطات التلفزيون "مقصّرة" عموماً بالترويج، داعية الى ضرورة الاهتمام به عبر إجراء مقابلات يوميّة والإهتمام بالجديد فيه وليس اقتصار الأمر على تغطية الإفتتاح مع ما يرافقه من خطابات رسميّة. وتبقى المشكلة الاساسية التي يواجهها المعرض في تخبّط الشعب في أوضاعٍ ماديّة صعبة واضطرارهم الى الاختيار الموجع بين لقمة العيش والغذاء الفكري مع تراجع قدرتهم الشرائيّة إلى أدنى المستويات، فضلاً عن معاناة دور النشر اللبنانية مادياً ما يجعلها عاجزة عن دفع بدل أتعاب الكُتاب فتلجأ مثلاً الى اعطائهم نُسخاً من أعمالهم كتعويض عن التقصير في هذا المجال. وتقيم يعقوب مقارنةً بين الكُتّاب في الغرب والكُتّاب في بلادنا مشيرة الى أنَّ "سوق الكتاب عندهم في ازدهار دائم، إذ تدفع دور النشر بشكلٍ مُسبق للكُتّاب للتفرّغ لكتابة مؤلّفاتهم.

الاختصاصيّة في علم الإجتماع الدكتور مي مارون ندّدت بواقع المجتمع اللبنانيّ الذي لا يقرأ موضحةً أنّ وتيرة القراءة انخفضت لدى اللبنانيين بعد الحرب في التسعينيات. و أشارت مارون إلى أنَّ الصحف كانت تُباع مجاناً آنذاك فانتشرت مقولة: "مصر تكتب، لبنان يطبع والعراق تقرأ". وتضيف: "على الرغم من أنَّ المكتبات في لبنان تمتدّ على مساحة البلاد إلّا أنَّ الجيل الرقمي الحالي لا يهمه التعرّف الى كُتّاب وطنه، علماً أنَّ أبناء فرنسا بنفسهم يطلعون على رواياتٍ أمين معلوف وأندريه شديد.


مي مارون


وتوضح مارون بأنّ الشعب العربيّ يقرأ ثلاثة كتبٍ في السنة كحدّ أقصى، فيما يطالع المواطن الفرنسيّ بمعدل سبع ساعات خلال الأسبوع الواحد وحوالي الخمسة عشر كتاباً في السنة. ويبقى شعب الهند الأكثر توجّهاً نحو القراءة. وتوقّعت مارون أن يكون الإقبال على المعرض ضعيفاً بسبب الوضع الاقتصاديّ المتردي واعتماد الجيل الرقميّ على الكتاب للقيام ببحثٍ جامعيّ ليس إلا. ودعت الاختصاصية إلى خفض أسعار الكتب لتحفيز المدارس والأهل والشباب على شرائها، إضافةً إلى ضرورة اعتماد ثقافة تبادل الكتب كما يفعل الغرب.


MISS 3