"حماية حقوق المودعين" تطالب لجنة الرقابة على المصارف بتطبيق القانون ووقف اعتباطية البنوك

15 : 19

بتكليف من نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار، تقدمت "لجنة حماية حقوق المودعين لدى نقابة المحامين" برئاسة المحامي كريم ضاهر بكتاب إلى لجنة الرقابة على الصارف، بلّغت من خلاله عن المخالفات المصرفية الجسيمة التي تتخهذها المصارف بحق مودعيها. مطالبة باتخاذ الإجراءات الرقابية والعقابية الطارئة والصارمة تجاه المصارف اللبنانية التي تقوم بإقفال حسابات المودعين بغير وجه حق وبغية ترهيبهم، وخاصة التي تقوم بالإقفال بسبب الجنسية. وفي ما يلي نص الكتاب حرفياً

في سياق العلاقات المصرفية المتردية القائمة بين المصارف اللبنانية وزبائنها والتّي أصبحت تتّسم بالشواذ وعدم إحترام القوانين المرعية الإجراء وأصول العمل المصرفي ، كما وعدم إقامة أي وزن أو إحترام للهيئات الرقابية المعنية بإنتظام عمل المصارف وعلى رأسها لجنتكم الكريمة، بالإضافة إلى الإستخفاف بالقضاء.

نتوجه إليكم اليوم بصفتكم المسؤول المُباشر عن مراقبة عمل المصارف وذلك للتنبيه من إستفحال الإجراءات التعسفيّة التّي تقوم بها معظم المصارف اللبنانية والمتمثّلة بإجراء عروض إيداعات فعليّة لدى الكتاب بالعدل لشيكات مصرفية تمثّل قيَم ودائع المودعين على الورق فقط وليس في الواقع، وذلك بعد إغلاق حساباتهم المصرفية إستنسابياً ودون أي وجه حقّ، ولأسباب واهية وإعتباطية كردّة فعلٍ مثلاً على المُطالبة بنسخة عن عقد فتح الحساب أو كشف حساب.

إن هذه الإجراءات وبالإضافة إلى كونها تضرب أصول العمل المصرفي كما تضرب جميع القوانين اللبنانية والدولية والأعراف المصرفية عرض الحائط هي مُستمّرة منذ حين دون أي رادع وذلك بسبب عدم التّدخل الكافي من لجنتكم المسؤولة بموجب القانون.

لقد جرى مؤخراً مراجعة لجنتنا من قبل العديد من المودعين وسيما المحامين منهم للتبليغ عن إقدام بعض البنوك على إغلاق حسابات عدّة وأيداع شيك مصرفي لدى الكاتب بالعدل بكامل قيمة الحساب وذلك لمجرد قيام المودعين بطلب نسخة عن عقد فتح حساب مشترك؛ وقد جرى التبليغ عن ذلك لمقام لجنتكم الكريمة، بصورة مستقلة من قبل الوكلاء القانونيين اكعينين ومنهم أعضاء في لجنتنا النقابية.

وخلال صياغتنا لهذا الكتاب تفاجئنا، وبالتوازي مع صدور قرار من المحكمة العليا البريطانية بتاريخ 2022/02/28 (والذي قضى بإلزام بنك عودة ش.م.ل وبنك سوسيتيه جنرال ش.م.ل بتحويل ودائع مالية تبلغ حوالي 4,5 مليون د.أ لأحد المودعين اللبنانيين الذين يحملون الجنسية البريطانية)، بقيام بنك عودة ش.م.ل بإغلاق أعداد كبيرة من الحسابات العائدة لمودعين يحملون الجنسية البريطانية وإيداع ودائعهم بصيغة شيكات مصرفية لدى الكتّاب بالعدل في لبنان، وقيام المصرف بإبلاغ المودعين المقيمين في الخارج بواسطة الهاتف وهو أمر غير قانوني طبعاً. والأكثر خطورة هو قيام المصرف بإبلاغ المودعين بإستعداد المصرف لإعادة فتح الحساب وإعادة الوديعة كما كانت شرط موافقة المودع على توقيع تعهّد غير قانوني ويفتقد للمشروعية، كونه أولاً يلتزم ويعترف بموجبه بأحقية المصرف برفض التحويل، حيث يعتبر خدمة التحويل إختيارية وليست إلزامية، وبالتالي يعفي المصرف من ترتّب أي مسؤولية عليه نتيجة هذا الرّفض، وثانياً يقر ويعترف بصورة نهائية غير قابلة للنقض بأن الشيك المصرفي سواء كان مسحوباً على مصرف لبنان أو على مركز مصرف المودع الرئيسي يعتبر وسيلة إبرائية مقبولة من المودع لإسترجاع ودائعه من المصرف ويعتبر إصدار الشيك إيفاءً صحيحاً لقيمته وإبراء لخدمّة المودع، هذا وبالرغم من إدراك المصرف بأن الشيك قد فقد من قيمته الحقيقيّة حوالي 80% من قيمته الفعلية، لتصبح قيمته الدفترية تساوي 20% من قيمته الورقية الحقيقية، وبالرغم من عدد من الأحكام القضائية التي صدرت وإعتبرت أن الشيك في ظل ظروفنا الحالية لا يُعد إيفاءً على الإطلاق لما يسببه من خسائر وصلت للثمانين بالمائة وأحياناً أكثر.

إن هذا الخرق وبالإضافة إلى عدم قانونيّته وعدم مشروعيته وعدم أخلاقيّته، فهو يؤدي بشكلٍ واضح وصريح إلى الإضرار الفعلي والمحدق بمصلحة كلّ من يرد بحقه إذ يُحرم من الإستفادة من حسابه من خلال التعاميم والقوانين التي صدرت وقد تصدر (مع العلم أن بعض التعاميم غير دستورية وغير قانونية). كما أن هذا الإجراء يدفع المودع لإتّخاذ الإجراءات القانونية والقضائية الموجبة لحماية حقوقه وهو ما يُرتّب تكاليف ومصاريف قانونيّة باهظة على المودع الذي يرزح أصلاً تحت معاناة غير مسبوقة على المستوى المالي لناحية حجز الودائع والتي تترافق مع الحرمان من الإستفادة من أبسط مقومات الحياة الكريمة.

أخيراً وليس آخراً، فإن هذا التعامل يضرب مبدأ الشمول المالي في الصميم كما ودوره الأساسي في مكافحة عمليات تبيض الأموال وتمويل الإرهاب؛ لجهة ما تقوم به المصارف من إجراء نقيضه وهو الإقصاء المالي عند قيامها بإخراج المودعين لديها من النظام المصرفي عبر القيام بإغلاق الحساب وإيداع الشيك المصرفي لدى الكاتب العدل كما حصل مع الآلاف من المودعين إنّ هذا الأمر يكتنف خطورة كبيرة وغير مسبوقة لناحية خلق سوقٍ مالي موازٍ حيث يضطر المودع الذي تمّ إقصائه من المصرف على التَّعامل المالي والنقدي خارج الإطار المصرفي وهو ما يُنتج حكماً مخالفاتٍ تتناقض والمبادئ العالمية للحوكمة والشفافية ومبادئ الإدارة المالية الرشيدة للمنظمات الدولية المعنية ومنها منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي (OECD) ومجموعة العمل المالي الدولي (FATF) كما ومخالفات فادحة للقوانين والأنظمة اللبنانية المرعية الإجراء وسيما منها قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 44 تاريخ 24/11/2015 المطلوب من المصارف كما ومن نقابتنا التقيد به وتتبع تنفيذه.

إن هكذا إجراءات سوف تعرّض لبنان للإدراج على لوائح الدول غير المتعاونة والمتعلّقة عن الإمتثال للمعايير الدولية والتي تسمى " اللوائح السوداء". كما تؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة عمليات تبيض الأموال وتمويل الإرهاب في ظلّ أوقاتٍ حسّاسة على المستويات المحلية، الإقليمية والدولية، وهو جرم تُسأل عنه المصارف كونها شاركت بالتسبّب به، كما سوف تُسأل عنه الجهة الرقابية التي تتمثّل بالمصرف المركزي والذي أولى عبر نظامه مسؤولية ضبط عمل المصارف إلى لجنتكم، كون عملية الإقصاء المالي سوف تؤدي حُكماً إلى زيادة عمليات تبييض الأموال.

إن هذا الكتاب هو بمثابة نداء إستغاثة قبل فوات الأوان وهو دعوة صادقة للجنتكم، والتي تُتّهم بالتقصير والإهمال منذ بداية وقوع الأزمة أي ما يُقارب الثلاث سنوات، لناحية عدم التدخّل لوضع المصارف المُخالفة عند حدِّها وتطبيق المواد 208 (نقد وتسليف) وأحكام القانون رقم 110 الصادر 1991/11/07 وغيرها من النصوص القانونية الواضحة والصريحة الواجبة التطبيق، بالإضافة إلى الأحكام التنظيمية التي ترعى عمل لجنتكم وتُعطيها الصلاحيات المُطلقة لتنظيم العلاقة بين المصرف ومودعيه ومُعاقبة المصارف المُخالفة.

بناءً على ما تقدم، جئنا بموجب هذا الكتاب نطلب منكم وبإصرار بأن تبادروا إلى تطبيق القانون عبر الطلب من جميع المصارف بالتوقف على إغلاق الحسابات بالشكل الإعتباطي الحاصل وإستعادة الشيكات المودعة وإعادتها إلى الحسابات التي تم إعادة فتحها كما لو لم تُغلق.

MISS 3