منير يونس

أطرح فكرة تقنية بحتة... لا سياسية ولا مصرفية... تقوم على حل إبداعي للتمويل

عياط: شركتان للكهرباء يتملّكهما المودعون لإسترداد أموالهم

21 آذار 2022

02 : 00

خبيرة التمويل والطاقة كارول عياط
ليس صدفة أن يتكرر عدة مرات طرح اسم كارول عياط وزيرة للطاقة. فهي مثال التكنوقراط المستقل المحايد. لديها خبرة دولية في المصارف الاستثمارية العالمية لا سيما في تمويل مشاريع للطاقة تقدر كلفتها المتراكمة بنحو 24 مليار دولار. عملت سابقاً في بنك غولدمان ساكس العالمي في نيويورك ولندن ودبي، ثم انتقلت الى لبنان وهي الآن باختصاصها وخبرتها في بنك عوده. قدمت مساهمات عديدة لمشاريع الطاقة في لبنان ابرزها مشروع مع معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية. مشروع قائم على التمويل المبتكر. إلتقت "نداء الوطن" الخبيرة كارول، وأكدت أن «فكرتها» وصلت الى المجتمع الدولي المتابع الشأن اللبناني من ضمنه البنك الدولي، وأدخلت بعض الملاحظات البناءة في الدراسة المنشورة على موقع المعهد، لأنها فكرة تقنية بحتة لا سياسية ولا مصرفية وتقوم على حل ابداعي للتمويل. وفي ما يلي نص الحوار:




كيف تقيّم كارول عياط خطة الحكومة الجديدة والخاصة بقطاع الطاقة؟

- الخطة جيدة تشمل خطوات إصلاحية ضرورية، وهي تستند على الدراسة الأقل كلفة لتوليد الطاقة التي أعدتها كهرباء فرنسا والقانون 462/2002، الذي لحظ تشكيل هيئة ناظمة للقطاع وامكانية اشراك القطاع الخاص بالانتاج والتوزيع، على أن يبقى النقل على عاتق مؤسسة كهرباء لبنان. ولكن المشكلة كانت ولا تزال في التنفيذ وبالأخص في تأمين التمويل وتنفيذ القرارات الإصلاحية.

لم يعد باستطاعتنا أن نكمل بلا توازن مالي لكهرباء لبنان، التي وصلت الى حد الانهيار شبه الكامل. خصوصاً الامعان في سياسات دعم، في وقت لم تعد الدولة قادرة على ذلك، هذا بات من المستحيلات. فالنتيجة التي وصلت اليها المؤسسة هي أنها غير قادرة على الانتاج ولا ايصال الكهرباء للناس. لذا فان التوازن المالي واعادة النظر بالتعرفة وحسن الجباية أولويات قصوى من دونها لا كهرباء.

لامركزية التوزيع

كيف السبيل للوصول الى افضل توزيع وجباية كاملة؟

- لا يكفي الحديث فقط عن الانتاج، بل هناك أيضاً وضع شبكة النقل والتوزيع ووضع الجباية. في الدراسة الأولية التي انجزناها بالتعاون مع معهد عصام فارس في الجامعة الاميركية، قدرنا الحاجة للاستثمارات في التوزيع بنحو 400 مليون دولار على الأقل، في المرحلة الأولية لتخفيض الخسائر واصلاح الشبكة. وأنا أنصح بالنظر الى ما ما قامت به دول مجاورة. على سبيل المثال، كان لدى مصر في 2015 نفس مشكلتنا في لبنان. عندما وصل الرئيس عبدالفتاح السيسي الى سدة القرار، جاؤوا بشركة سيمنز لبناء معامل، ونقلوا معظم التوزيع الى تقنية البطاقات المسبقة الدفع على طريقة دفع فواتير الهاتف الخلوي. اذا اعتمدنا ذلك مع عدادات ذكية، وانتقلنا إلى لامركزية في التوزيع، هذا غير ملحوظ في الخطة الحكومية لكني أحبذه، فاننا سنحصل على افضل النتائج.

تقوم شركات خاصة في المناطق، وتستعين ربما بأصحاب المولدات والعاملين معهم وعددهم نحو 9 آلاف، نستفيد من خبراتهم المتراكمة في مدى 20 سنة أو أكثر. لا ننسى أن قطاع المولدات نجح في الجباية وخفض الخسائر على شبكاته، في المقابل يمكن أن نتحدث كثيراً عن سيئات المولدات لكنها ملأت الفراغ بشكل أو بآخر.

بالعودة الى شركات للتوزيع في المناطق، فهذه الشركات، التي تعرف الواقع الذي تعمل فيه على الارض، تشتري من كهرباء لبنان، ثم تبيعها للمستهلكين بموجب بطاقات مسبقة الدفع. بهذه الطريقة نعالج مشكلة عدم قدرة كهرباء لبنان على الجباية كما يجب. واذا أرادت بلدية ما دعم الكهرباء لسكان منطقتها، تشتري من كهرباء لبنان وتوزع مجاناً إذا أرادت ذلك.

ترتفع أرباح شركات التوزيع في موازاة تخفيض الخسائر لديها. وفي العقود معها، نضع كل الحوافز المؤدية الى خفض الهدر.

ربما يصبح ممكنا لصاحب المولد التقدم للعب دور ما وفق ما تحدثنا عنه. هذا كان نموذج شركة كهرباء زحلة التي كانت تشتري من كهرباء لبنان وتوزع كما انها تنتج أيضاً. النموذج الذي اتحدث عنه قائم على شركات للتوزيع لا تنتج.. تشتري ثم تبيع فقط. هذا نموذج مجرب وناجح يجدر اعتماده في اعتقادي.

هذا ليس الحل الوحيد، ربما أيضاً يمكن الاعتماد على مقدمي الخدمات بعد اعادة النظر بالعقود معهم لجهة منحهم حوافز مع شفافية أكبر خاصة بالاستثمارات. علينا تخفيض الهدر الحاصل بسبب عدم كفاية الاستثمار في شبكات التوزيع.

حلول نموذجية لبلد مفلس

نأتي الى الانتاج، ما هي أفضل معادلة برأيك؟

- نحن اليوم في بلد شبه مفلس. نريد المضي قدماً في المعامل وتقنياتها ومواقعها وحجمها.. للحصول على أوفر كهرباء للبنان. هذه الدراسة انجزتها شركة كهرباء فرنسا تحت اشراف البنك الدولي، والنتيجة اننا نحتاج الى معامل تنتج بالغاز الطبيعي، ونخرج من الخدمة معامل قديمة مثل الزوق والجية وبعلبك وصور وغيرها من المعامل المكلفة وغير المجدية والتي يجب فصلها عن الشبكات كلياً. توصلت الدراسة الى حاجة 2400 ميغاوات طاقة مولدة بالغاز. في الموازاة، نطلق تنفيذ خطة طاقة متجددة تزيد مساهمتها سنوياً وصولاً الى 30% من الاجمالي في سنة 2030، وربما أكثر بعدما ارتفعت الجدوى المالية كثيراً مع ارتفاع اسعار النفط.

لكن علينا تجاوز المشكلات القانونية والتقنية. من جهة التشريعات، هناك الآن مشروع قانون على طاولة مجلس الوزراء يسمح للقطاع الخاص بالانتاج والبيع.

الخلاصة هي: نحتاج طاقة مولدة بالغاز لزوم الاستقرار على الشبكة، تسمى الطاقة الأساس، تضاف اليها الطاقة المتجددة. هذا هو النموذج للبنان.

بالنسبة لطاقة الأساس، فالحديث هو عن 3 معامل مع تحديد لأنواعها (في الزهراني ودير عمار ومنطقة ثالثة في الشمال) العاملة بـ3 أنواع من الفيول. قبل استخراج الغاز من لبنان، هناك شركات ستقدم عروضاً مدمجة كما فعلت شركة سيمنز لمحطة الزهراني: الشركة تتكفل بجلب الغاز والانتاج ثم بيع الكهرباء.

أنا كنت أفضل ان تعتمد المعامل على نوعين من الوقود وليس 3، لأن الثالث هو الفيول الثقيل وهو ملوث جدا حتى لو انه ارخص. ما اقترحه يحتاج الى تكبير المعملين من دون مشاكل تذكر خصوصا مع توفر الأراضي والبنى التحتية والشبكة اللازمة، على أن يصار لاحقاً الى الاتفاق على أين نبني المعمل الثالث.

باعتماد 3 انواع وقود، المعامل أصغر لأن التوربينات أصغر، والانتاج 820 ميغاوات في كل من الزهراني ودير عمار، اما اذا اعتمدنا معامل تنتج بنوعين من الوقود فيمكن الوصول الى 1100 ميغاوات في كل معمل كما ورد في دراستنا الخاصة بمعهد عصام فارس. الى ذلك، نضيف استثمارات شبكات النقل والتوزيع.

الدولارات شحيحة.. ما الحل؟ تبقى مشكلة المشاكل في التمويل.. ما العمل؟

- اذا كان هناك من نقص ما في خطة الوزير فياض فهو التمويل، او لنقل انه من غير الواضح كيفية التنفيذ.

دعنا نطرح اسئلة من نوع: هل سنوقع اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي أم لا؟ اذا تقدمت المفاوضات بسرعة وحصلنا على اتفاق، علينا انتظار 2023 للحصول على التمويل. وماذا نفعل في خلال سنة أو أكثر؟؟

في السنة الماضية، وقبل صعود اسعار البترول والغاز الى مستويات قياسية، كنا في كل يوم تأخير لتنفيذ الخطة، نحرق على مستوى البلد عموماً 5.5 ملايين دولار. فبقياس ميزان المدفوعات، ندفع لاستيراد المحروقات وكلفة تشغيل المعامل والمولدات الخاصة نحو 6 مليارات دولار على سعر برميل 70 دولاراً. الهدر اليومي اليوم أكبر مع ارتفاع النفط.

مع الخطة التي أعددتها مع معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية يمكن خفض الكلفة نحو ملياري دولار في السنة، اي أن الخفض اليومي هو أكثر من 5.5 ملايين دولار.

نسأل أيضاً ما الخيارات؟

منذ 10 سنوات ونحن نقرأ تقارير سنوية صادرة عن البنك الدولي تحدد لنا ما يجب فعله في هذا القطاع. أما على أرض الواقع فلا تنفيذ يذكر.

هل نعتمد النموذج العالمي السائد، ونأتي بشركة عالمية تبني وتنتج وتشغل وندخل معها بعقد شراء؟ لطرح مناقصة لذلك يمر 6 اشهر، ولتحصل الشركة على تأمين تمويلها تمر سنة. لا بداية للورشة على الأرض قبل سنتين بعد تأمين الإصلاحات والبيئة اللازمة لاستقطاب الاستثمارات الخاصة، ويحتاج البناء والتجهيز نحو سنتين أيضاً. فهل نبقى نتحمل خسارة يومية 5.5 ملايين دولار خلال كل تلك المدة الطويلة؟

الى ذلك، قبل الانهيار المالي والتوقف عن السداد، كان يمكن للدولة أن تقترض لبناء المعامل، ثم تبيعها لشركة تشغيل وتطوير وتسدد الدين. لم يعد هذا الطرح صالحاً الآن بفعل استحالة وصول الدولة الى أسواق الدين بالعملة الأجنبية.

نحن في حالة طوارئ ونزيف يومي، لذا نقترح على الدولة اللبنانية نموذجاً آخر... أسرع وأوفر وافعل.

صرف 500 مليون دولار شهرياً

قبل التفاصيل، يجدر التذكير بأن مصرف لبنان يضطر للتدخل في السوق. كان يدعم السلع بنحو 500 مليون دولار شهرياً، تحول الآن لدعم سوق القطع بنفس المبلغ تقريباً. رغم الغلاء، لكن المواطن يجد ما يريده تقريبا في الاسواق. ماذا لو توقف مصرف لبنان عن التدخل، سندخل في كوارث ربما.

على النحو السائد الآن، نفقد من احتياطي العملات 500 مليون دولار شهرياً، الأموال تذهب للاستيراد عموماً والمحروقات خصوصاً. لذا فان الكلام عن ان الاحتياطي مقدس وهذه أموال المودعين ولا تمس.. هو كلام غير واقعي.

هذا هو البديل الأنسب

هل المشروع الذي تقترحينه يشكل البديل الأنسب؟

- يمكن أن نبدأ غداً، لأن القانون جاهز لهذا المشروع، نطلب من مصرف لبنان مليار دولار أو ملياراً ونصف.. لبناء معملين. اذا حصلنا على مليار مثلاً، هناك 400 مليون للشبكة، يبقى لدينا 600 مليون للحصول على ألف ميغاوات. هذا لا يكفي، لكنه أفضل من اللاشيء الذي نحن فيه.

بنحو 2 مليار دولار نؤمن حاجة لبنان من الكهرباء على مدار الساعة، (خطة فياض تتحدث عن 3.5 مليارات).

فالقانون موجود، وعند اقراره في البرلمان ننتقل فوراً الى التنفيذ. ودفاتر الشروط موجودة في الوزارة.

الأموال المطلوبة تصرف اليوم، ولا يحصل المودع على شيء مقابلها، علما بأننا نطرح الأمر اختيارياً لمن أراد.

فبدلاً من شطب تلك الأموال، نعطي مقابلها أسهماً في شركتي كهرباء، وترتفع قيمة الأسهم مع الوقت مع توزيع ارباح فصلية. بهذه الطريقة لا نتملك أصولاً من الدولة بل نخلق استثماراً ينتج ربحاً يبقى في الداخل للمودعين، في مقابل ربح يخرج من البلاد اذا تولت شركة أجنبية الانتاج والبيع.

في المشروع المقترح نمنح الشركة الأجنبية عقد الادارة والتشغيل مع ما يعني ذلك من حوكمة نحتاجها، ونبقي الربح في الداخل وخصوصاً للمودعين.

الاولوية لصغار المدوعين

هل هناك قبول من مودعين لهذا الطرح؟

- حسب استطلاعاتنا، هناك مودعون كثر يفضلون الخيار الذي نطرحه، علما بأنه اختياري كما قلنا 100% ولمن يريد فقط. اذا حصل اقدام كبير نعتمد التوزيع النسبي مع اولوية لصغار المودعين مع تحديد سقوف تملّك لا تتجاوز 2 الى 3% من الاسهم، ومنع دخول المعرضين سياسياً أو ما يسمى PEPs وإدارات المصارف. الملكية توزع على الآلاف من المساهمين اذا أقبلوا على الاكتتاب بكثافة. ونخرج من معادلة هذا المعمل لهذه الطائفة او تلك في هذا المكان أو ذاك. هذا النموذج ممكن تطبيقه على مرافق أخرى مثل المطار والمرفأ. للمثال، اتصلت بي شركة عالمية تقبل تمليك المرفأ للشعب اللبناني وهي تدير فقط، اي أن الربح للمواطنين وليس للشركة الاجنبية.

كيفية سداد الفجوة

لماذا لا يدرج طرحكم في الخطة الحكومية لتوزيع الخسائر؟

- الفجوة المالية تقدر بأكثر من 70 مليار دولار، لن نسد هذه الفجوة بكل اصول الدولة والمصارف. واذا وضع مصرف لبنان 1.6 مليار في المشروع المقترح فانه يخفض الفجوة لديه بنحو 3.4 مليارات لأنه يستطيع شطب 5 مليارات مقابل 1.6 مليار تذهب للمشروع باسم مودعين. الافادة الأكبر هي خفض النزيف العام بنحو ملياري دولار سنوياً. نزيف يؤثر تباعاً على سعر الصرف والاحتياطي الباقي. إذاً في سنة واحدة نسترد كلفة المشروع.

تلحظ خطة الوزير فياض امكان التنفيذ بخطط ابداعية ما، كما أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اطلع على المشروع، ويميل لتنفيذه، وشكل لجنة لدراسته، وعلمنا أن محامياً أعد قانوناً متكاملاً لهذا المشروع.

ملاحظات واستجابات

لماذا واجهتم انتقادات؟

- تلقيت العديد من النقد البناء وقمنا بتحديث الدراسة لتشمل العديد من التعليقات الواردة من خبراء المال والطاقة. بالطبع هناك متشككون اتهموا الخطة بأنها خطة البنوك أو أنها مسيسة. هذه ليست خطة المصارف، وانا لست قريبة من أي فريق سياسي. كنت في الخارج وعدت الى لبنان لخدمة بلدي فقط لا غير. كل من توالى على المسؤوليات كنت دائما حاضرة لمساعدته تبعاً لاستقلاليتي وحيادي واختصاصي.

ما نقترحه ليست خطة للمودع فقط وليست خطة للمصارف بتاتاً، هي لتأمين الكهرباء بأسرع ما يمكن من الوقت. لا تعافي اقتصادياً من دون كهرباء ومع سعر 50 سنتاً للكيلوواط من المولدات. بكلفة كهذه لا مستقبل للبنان ولا اقتصاد ينمو. قد نتعرض لتوقف الانترنت ونفقد الأمن الغذائي والصحي.. المشكلات الآتية علينا كارثية ربما.. وأنا أحذر منها.

بامكان الشركتين المذكورتين في الخطة المتضمنة لحلول الانتاج والتوزيع والنقل، الحصول لاحقاً على تمويل بنحو 5 مليارات دولار فوق المليار ونصف، وذلك في موازاة تطور البيئة الاقتصادية والاستثمارية وتحسنها والوصول الى جذب للاستثمارات والتمويل. هاتان الشركتان المملوكتان من لبنانيين باستطاعتها القيام بكل مشاريع الطاقة المتجددة في لبنان.

خلاف ذلك، أنا اضع العنوان الأساس وهو: «كلفة الوقت». من يتحملها؟

انه القرار التقني الصح مع أكبر معملين في موقعين تملكهما الدولة، وبنى تحتية لاستيراد المحروقات في الزهراني ودير عمار وشبكة موجودة، ومع لامركزية بالتوزيع وبطاقات تشريج... بجمع كل هذه العوامل ومقارنة بواقعنا هذا هو الانسب على الاطلاق.

ويمكن تطبيق هذا النموذج على أصول لا تعرف الدولة كيفية ادارتها بشكل مربح جيداً. للمثال، اذا كان على الدولة ان تساهم في الخسائر، فلنأخذ قطاع الاتصالات وبنسبة 20% منه في شركة يملكها المودعون وبادارة اجنبية أو ادارة مهنية، نحصل على حوكمة أفضل وادارة أفعل ونعيد حقوقاً للمودعين.

مسألة الوقت

هل المشروع الذي تطرحينه أسرع تنفيذه من اي طرح آخر؟

- نحن نتحدث عن نموذج عمل جديد، يحتاج الى نحو سنتين للتنفيذ، بخطط متوازية للانتاج والتوزيع والنقل. المعمل هو عبارة عن جزأين: الأول قائم على توربينات الغاز، والثاني يضمن انتاج طاقة ثلثها من دون كلفة. الجزء الاول ينجز في 18 شهراً، وثم الجزء الثاني من 6 أشهر الى سنة. بعد هذه الفترة لدينا معامل تخدم لبنان 40 سنة، علما بان الملكية تنتقل الى الدولة بعد 20 سنة اي بعد استرداد المودعين لاموالهم. في المقابل، ما يطرح من خطط حكومية هو انتظار 4 الى 5 سنوات للحصول على التمويل والتنفيذ وفي الانتظار نحتاج الى طاقة موقتة.

الطاقة الموقتة

حتى الطاقة الموقتة تحتاج 6 أشهر لاعداد دفتر الشروط، بالاضافة الى 6 الى 9 أشهر لطرح المناقصة. اذاً نحن امام سنة بأقل تقدير لتحضير المناقصة. يأتي الفائز لاصلاح البنى اللازمة والشبكات وتهيئة الارضية ما قد يحتاج من 6 الى 9 أشهر اضافية. اذا نتحدث عن فترة طويلة، في الوقت الذي لا يمكننا فيه انتظار اسابيع او اشهر قليلة. لم يعد مقبولا في لبنان الحديث عن حلول موقتة.

جزء لا يتجزأ من الاصلاح

هل يمكن القول ان المشروع الذي تطرحينه اصلاحي؟

- المشروع اصلاحي. يخفض استيراد المازوت، ينفذ مع شركات اجنبية للادارة ويخفض التلوث باستخدام الغاز ويقضي على معظم الهدر ويلغي اي غموض في العقود، وينظم الجباية بعد تعديل التعرفة ويطلق انتاج الطاقة المتجددة..

ويذكر أن الرئيس السيسي قام بتمويل توسعة قناة السويس باصدار شهادات خاصة بالمشروع، وموله خلال سنة فقط بدل انتظار 3 سنوات ليستطيع الحصول على تمويل دولي. ومشروعنا هذا يقوم على حل لبناني ولا يحتاج رضى الممولين الدوليين.

وعن بعض القراءات لنصوص الدستور التي تعتبر ان الهيئة الناظمة تنتقص من صلاحيات الوزير، تؤكد عياط: ان البند 66 من الدستور كلف الوزير بالتأكد من تطبيق واحترام جميع القوانين المتعلقة بالقطاع. يدعو القانون 462/2002 إلى تعيين الهيئة الناظمة. والهدف اصلا من الهيئة الناظمة (اية هيئة ناظمة) ان تبعد عن قطاع ما الطابع السياسي والسلطة التنفيذية المباشرة. ولو كانت الهيئات الناظمة تتعارض مع المادة 66 من الدستور لكان طُعن بالقوانين التي انشأتها. من الضروري عدم افراغ الهيئة من صلاحياتها واستقلاليتها. أي هيئة ناظمة مسيسة تعود بنا الى المحاصصة كما حصل في نيجيريا التي ازداد فيها وضع الكهرباء سوءاً بفعل التسييس. كما أن الحل ليس بشكل الهيئة الناظمة، بل في مضمون التطبيق بالصلاحيات اللازمة والاستقلالية المطلوبة.

كما يجب ادارة كهرباء لبنان كشركة خاصة. هذا ما يجب تطبيقه في كثير من القطاعات العامة الأخرى. بعدما وصلت الدولة الى الافلاس أو التعثر أصبح من الضروري ادارة القطاع العام بمنهجية مختلفة، وإلا فلن نصل إلى مكان. لذا أنا أحبذ اشراك القطاع الخاص لتحقيق خدمة أفضل للمواطن بأسعار تنافسية.


ارتفاع كبير في جدوى الاعتماد على الطاقة المتجددة... شمس وهواء وماء!


عن الطاقة المتجددة وأهميتها تتحدث كارول عياط باسهاب وحماس وتقول: ارتفعت كلفة المحروقات بشكل كبير وهي تهدد اليوم أمن الطاقة في لبنان، وبالتالي يجب الحديث عن استراتيجية لتركيب محطات طاقة متجددة بسرعة علماً ان الخطة الحكومية تلحظ مساهمتها بنسبة 30% في عام 2030. الجدوى المالية لانتاج الطاقة المتجددة الآن أضعاف ما كانت عليه قبل سنوات و لا تعتمد على استيراد النفط لإنتاج الكهرباء. للمثال، فان استعادة استثمار تركيب طاقة شمسية كانت تحصل خلال 4 سنوات، بينما المدة أقل من ثلاث سنوات اليوم، ويحصل المستهلك بالتالي على كهرباء شبه مجانية لمدة عشرين سنة لاحقة. حتى استخدام البطاريات بات مجدياً قياساً بالكلفة المعتمدة على المحروقات المرتفعة الأسعار في سوق الطاقة العالمي. وهذا يشمل الطاقة الشمسية ومن الرياح والمياه. البقاع على سبيل المثال افضل منطقة للطاقة الشمسية، إذ وفقاً لمناقصات سابقة نحصل على كلفة بنحو 5.7 سنتات فقط للكيلوواط. أما طاقة الرياح فمن عدة مناطق مثل عكار ومرجعيون ومناطق أخرى، وبالنسبة للطاقة الكهرومائية لدينا جبل لبنان ومناطق الأنهر. مع الطاقة المتجددة، لبنان أقوى واكثر استقلالية عن اي عامل خارجي واستنزاف العملات الصعبة لإستيراد المحروقات. نحتاج لجميع مصادر الطاقة المتجددة بتكامل في ما بين مصادرها لتجاوز مشكلات مثل ان الكهرباء تتلاعب حسب الشمس والهواء وكميات المياه. استخدام جميع المصادر معاً يوفر الاستقرار.

تعرفة تصاعدية تحفظ الأمان الاجتماعي لصغار المستهلكين

عن كيفية تحديد اسعار مبيع الكهرباء توضح كارول عياط أن ذلك بالسعر العادل حسب تعرفة تصاعدية تستند إلى شريحة الاستهلاك مع الحفاظ على شبكة أمان اجتماعي لشريحة الاستهلاك المنخفض للتوازن المالي الذي تحدده الهيئة الناظمة، مع ربحية طفيفة لضرورة النقل. لأن كهرباء لبنان ستركز أكثر على النفل وفقاً لنموذج العمل الذي نحن بصدده، بحيث تشتري كهرباء لبنان من شركات الانتاج الخاصة وتبيع لشركات التوزيع. هذا هو مضمون القانون 462، وحسناً فعل الوزير فياض في إيراد ذلك في خطته.

هناك خوف دائم في لبنان من القطاع الخاص المحتكر، لكن الخبيرة كارول عياط تجزم بأنه ليس أمامنا إلا زيادة التنافس لمنع الاحتكار. وهذا ملقى على عاتق الهيئة الناظمة ودفاتر الشروط التي تضعها، وتشجيع قدوم شركات أجنبية بعد تخفيض المخاطر الائتمانية الخاصة بلبنان. شركات أجنبية كثيرة راغبة في الاستثمار في لبنان الذي يعاني الآن من فقدان أساسيات الاستثمار مثل الاستقرار المالي وشفافية العقود والحوكمة والقضاء والأمن المستتب..


تشجيع الاستثمار الأجنبي


تقول كارول عياط أن القانون 462 لحظ قيام هيئة ناظمة، منافعها كثيرة ابرزها الإشراف على كل العلاقات بين كل الأطراف المتصلة بقطاع الطاقة، لا سيما مع اشراك القطاع الخاص. ترعى الهيئة كيفية طرح التراخيص ومنحها وفق أي دفاتر شروط، والحصول على أفضل العروض والأسعار التنافسية وزيادة التنافس في القطاع بما يؤدي الى خفض التعرفة وتخفيف الأعباء على المستهلك والاقتصاد عموماً. كما انها تحدد جدول التعرفة للكهرباء. وتجدر الإشارة إلى أن رؤية واستراتيجية القطاع وحسن تطبيق القوانين تبقى في يد الوزير.

كلما انخفضت التعرفة تزيد تنافسية الاقتصاد، وما إلى ذلك من نواح أخرى مثل التوازن المالي وتحديد التعرفة العادلة لخدمة جيدة للمواطن.. والأهم هو أن عمل الهيئة يفترض إبعاد هذا القطاع عن السياسة، وضمان الاستقرار فيه حتى لو تغير الوزير. ففي الهيئة فريق تقني يتابع كل تلك الأهداف والأطراف ذات الصلة بمهنية عالية ومن دون تسييس. نحتاج هذه الهيئة اليوم أكثر من أي يوم مضى، لأننا نعاني من فقدان الثقة. لذا وضعها المجتمع الدولي كشرط مسبق للتمويل.