جنى جبّور

جبيل... لا خروج من الشارع "حتّى لو استقال الحريري"

21 تشرين الأول 2019

00 : 39

مطالبات باستقالة رئيس الجمهورية والوزير باسيل

المشهد نفسه يتكرر لليوم الثالث على التوالي في جبيل، كما في غالبية المناطق اللبنانية. أعداد تزداد يوماً بعد يوم في ساحات الاحتجاج، صوت واحد في فضاء لبنان يطالب "بإسقاط الحكومة"، إضافة الى مطالب إجتماعية مختلفة. وأظهرت هذه المشهدية بالفعل أنّ "انتفاضة لبنان"، باتت خطوة لا مهرب منها، وأنّ هذه التظاهرات لا بدّ من تشكيلها ورقة ضغط سياسية تجاه مجلس الوزراء، ومن خلفه مجلس النواب، وصولاً إلى رئاسة الجمهورية.

في ساعات الصباح الأولى أمس كان الحضور خجولاً في جبيل، ولا سيما أنّ المحتجين في المنطقة بقوا في ساحة الاحتجاج حتّى الخامسة صباحاً. عند الظهر، بدأ التوافد الى المكان، وقام المحتجون بتقديم الورود الحمراء الى عناصر الجيش اللبناني، فتقدموا نحوهم وأدّوا لهم التحية، صافحوهم وقبّلوهم. تزامناً وصلت مؤازرة من قوى الأمن الداخلي، فعاملوها بالمثل، مشيرين الى أنّ "صرختنا هي صرخة القوى الأمنية نفسها، الّا أنّ العناصر العسكرية غير قادرة على التعبير عنها، ونحن نريد حقوقنا وحقوقهم فهم أولادنا".

بعد الظهر، بدأ المحتجون بالوصول، حتّى تخطوا الألف شخص نحو الساعة الخامسة. مواكب مستمرة مزينة بالأعلام اللبنانية والأغاني الوطنية تنقلت على الطريق المحاذية للأوتوستراد المغلق. الأعلام اللبنانية ترفرف في أيادي المحتجين على وقع قرع الطبول. الزخم يبدو واضحاً على وجوه المنظمين، الذين جهزوا مكبرات الصوت تحضيراً لحضور الفنانين ماريو حدشيتي وكريس حواط، لاحياء سهرة وطنية.

سيطر على "الانتفاضة" في جبيل الطابع السلمي، رغم محاولة بعض المندسين الملثمين القيام بأعمال شغب ليل أمس الأول، فتصدى لهم المحتجون وطردوهم من المكان. على الأثر عمم على الجميع أمس، منع أي ملثم من الوقوف في الساحة. الشعارات نفسها يرددها الجميع "ثورة… ثورة"، "وايه يلّا حكومة طلعي برّا". كذلك المطالب التي تستمر بالتزايد يوماً بعد يوم. تؤكد ريتا نجم أنها "لن تترك الشارع قبل أن يسقط الجميع"، "كلن يعني كلن"، وحتّى لو استقال الرئيس الحريري الاثنين، فهذا لا يكفينا، ونطالب الرئيس ميشال عون بالاستقالة وكذلك الوزير جبران باسيل". وتتابع: "قرفتونا، جوعتونا يا وقحين، حلّوا عنّا بقا".

يتبادل المحتجون الأحاديث الجانبية بين بعضهم؛ يتحدثون عن ديونهم وصعوبة معيشتهم، وآخر يتساءل اذا كانت هذه الإنتفاصة ستحقق مطالبها. نسأل أنطوني صفير عن يوم الخروج من الشارع، فيشير الى أنّ "المحتجين إتفقوا على البقاء حتّى لو استقال الرئيس الحريري الإثنين، فلن يخلوا الساحة قبل تحقيق مطالبهم ولا سيما إستعادة الأموال المنهوبة، تشكيل حكومة إختصاصيين، وخلق فرص عمل".

ردة فعل الشارع في جبيل كانت إيجابية من ناحية إستقالة وزراء "القوات اللبنانية" من الحكومة، والإمتعاض كان واضحاً تجاه قرار الحزب "التقدمي الإشتراكي" الذي أعلنه الوزير وائل أبو فاعور وعلّق استقالة وزراء الحزب رهناً بتنفيذ الإصلاحات. وفي السياق، أشار أحد الموجودين الى أنّ "إستقالة رئيس الجمهورية أمر غير واقعي، لأننا لسنا في نظام رئاسي بل برلماني، فالأصح هو استقالة المجلس النيابي، واجراء انتخابات مبكرة". ورأى أنّ "إطالة أمد الأزمة غير مريح للسياسيين والمتظاهرين على حد سواء، ولا سيما بعد خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي ركز فيه على أنه في حال توجه الى الشارع فلن يخرج منه حتّى تحقيق مطالبه، ما يؤشر الى إمكانية تحضير "الحزب" لحراك أمني، يدفع فيه الشارع المقابل الى الوقوف في وجهه، وعندها قد تقع الواقعة وتتحول المطالب المعيشية الى مطالب أمنية. كذلك، هناك تخوف فعلي على مصير السلم الأهلي، ولا بد من الإشارة الى دور الجيش اللبناني والقوى الأمنية في وقف هذا الاحتمال، والأمثلة عديدة منها الثورة السورية التي بدأت بتظاهرات سلمية الى أن هاجم الجيش السوري المتظاهرين في درعا، وعندها تحول الحراك المدني الى آخر عسكري بين المتظاهرين والجيش السوري الأمر الذي يعيد إلى الأذهان الحرب اللبنانية التي نشبت في 1975. وبالتالي نعتبر أنّ الكرة اليوم هي في ملعب الرئيس الحريري وعليه أن يتقدم باستقالته ساحباً فتيل الاشتعال من الشارع، رغم معرفتنا أنه ستعاد تسميته رئيساً للحكومة الجديدة".