موازنة مُفخّخة: تلاعُب فاضح بالأرقام!

01 : 29

على وقْع الغضب الشعبي العارم، أطلّ مجلس الوزراء الذي انعقد في بعبدا بإعلان إقرار موازنة العام ٢٠٢٠ وسلسلة من الإجراءات التي كشف أحد الخبراء الاقتصاديين عن احتوائها لمجموعة من الأفخاخ بهدف امتصاص النقمة الشعبية والالتفاف على مطلب الناس بإستقالة الحكومة.

أبرز الأفخاخ، ما تضمّنه بند قطاع الكهرباء بإعلان خفض السلفة من 2500 إلى 1500مليار ليرة في الوقت أنَّ الخطة تنصّ على سلفة بـ800 مليارليرة وبالتالي تكون الموازنة قد أقرّت ارتفاعاً ضخماً بـ700 مليار ليرة.

كما تمّ إقرار بند وجوب تعديل قانون الكهرباء وتعديلاته على أن يتمّ تعيين الهيئة الناظمة بعد التعديلات، في مخالفة صريحة للقانون وعودة لمطلب الوزير جبران باسيل في تأجيل تعيين الهيئة بهدف نسفها وإلغاء دورها في مرحلة اقرار الخطة والاجراءات الكبرى وإبقاء القرار بيد الوزير دون غيره.

بندٌ فاضحٌ آخر ارتبط بمساهمة القطاع المصرفي والبنك المركزي بخفض العجز بـ5100 مليار ليرة كما زيادة الضريبة على أرباح المصارف، بينما الاجراءات التي ستُعتمد لن تطال المصارف بل ستزيد الضغط على البنك المركزي والمودعين اللبنانيين.

وفي ما خصّ قرار تحويل فائض الإنفاق الاستثماري إلى الخزينة، يتفاجأ الخبير بالمطروح، خاصّةً أنّ الواقع يتكلّم عن عجز لا فائض، كما افتقرت الموازنة إلى خطة واضحة تُفسّر كيفية تعزيز الحماية الاجتماعية التي تمّ إعلانها.

في موضوع الخلوي، لم تتطرّق المقرّرات إلى الجزء المتعلّق بتعيين هيئة ناظمة في قطاع الاتصالات، ما يدفع إلى التساؤل عن مستويات الشفافية في هذه المسألة.

من النّصوص التي تضمّنتها الموازنة "قانون التقاعد"، حيثُ أنّ ما طُرح هو مجرد أفكار لا نصاً أو خطة جاهزة، في الوقت أنَّ هذا البند يحمل أهميّة كبرى ويتطلّب مجهوداً مُطوّلاً لإعداده وإقراره، شأنها شأن البند المرتبط بالحدّ من التهريب عبر المعابر غير الشرعيّة حيثُ أنّ القرار قد اتخذته الحكومة منذ أشهر من دون أن يرتبط بإجراءات ميدانيّة، كما تمّ إقرار دعم القروض السكنية بقيمة 160مليون دولار من دون تحديد كيفيّة تأمينها ما يطرح علامات استفهام عديدة عن جدّية هذا القرار.

توحيد المناقصات والجهات الضامنة، أتى غير واقعي خاصّةً أنَه من غير الممكن إقرار مناقصة واحدة للدواء بحيث أنَّ الشركات الخارجية لا تقبل إلا بالدفع المسبق ولا تُديّن الدواء، ففي لبنان مجموع الاستدانة وصل إلى 150مليار ليرة غير محجوزة من شركات الأدوية إضافةً إلى 120مليار ليرة غير مدفوعة من وزارة المالية.

وفي قرار تراجعي أقرّت الحكومة تخفيض موازنة مجلسي الجنوب والإنماء والإعمار بنسبة 70% بينما المطروح كان إلغاء المجلسين تحت عنوان إلغاء مجالس الهدر والفساد، بالتوازي مع تخفيض موازنة المجالس والهيئات بالمحاصصة في إشارة جدّ سلبيّة على انعدام أطر مكافحة الفساد.

لا شكّ أنَّ ما قدّمه مجلس الوزراء ليس سوى قرارات بعيدة كلّ البعد عن التطبيق خاصّةً في رقم العجز المُحدّد، حيثُ يصفه الخبير بالوهمي في ظلّ استناده على أرقام غير واقعية في النموّ والنفقات والإيرادات، إضافةً إلى انعدام أبسط الاجراءات والتي يُذكر منها عدم إلغاء التوظيفات غير القانونيّة والتي تبلغ 5300 وظيفة.

أمام كلّ ما تقدّم وأمام استمرار الاعتراض الشعبي حيثُ فُقدت الثقة بطبقة سياسية تردّ على المطالب المحقّة بشعارات فضفاضة، باتَ المطلوب واحداً، التغيير الجذري ولا شيء آخر.


MISS 3