عماد موسى

13 نيسان: سيل مواعظ وعبر

15 نيسان 2022

02 : 05

في كل 13 نيسان، ينبري علماء الأخلاق، والسياسيون الهابطون بالمظلات، وقادة ما يُسمّى المجتمع المدني، والوافدون إلى الوطن المنكوب، بعد طول اغتراب، وأصحاب الأيدي المالسة المعطّرة، وأصحاب نظريات اللاعنف والمواطنة، والصالحون أبّاً عن جد، وقادة المؤسسات العسكرية و"كريمة" المجتمع وزبدته الفاخرة، إلى توجيه السهام باتجاه من حمل السلاح إما دفاعاً عن وجوده وإما دفاعاً عن الدولة المتهالكة.

قبل سنوات، نشر أحد العمداء مذكراته، وقد التقيته في إذاعة الشرق وقد حللنا ضيفين في برنامج ثقافي، تحدث سيادة العميد بحماسة عن أهمية الدولة ومؤسساتها وحمل على الميليشيات التي أسقطت مؤسسات الدولة في منتصف السبعينات، والمفارقة أن العميد نفسه، ساهم في إنشاء وتنظيم وهيكلة واحدة من الميليشيات المشاركة في الحرب اللبنانية/ الأهلية/ الإقليمية كما أورد في مذكراته. ومثل العميد عمداء وعقداء ونقباء وملازمون أوائل، إنخرطوا في الحرب كتفاً إلى كتف مع "الميليشيات" الملعونة، من ميليشيا الكتائب، إلى ميليشيا الجيش الشعبي، وميليشيا المحرومين، إلى ميليشيا التنظيم إلى ميليشيا الأحزاب اليسارية، إلى ميليشيا روبير وسليمان فرنجيه...

جميع المسؤولين كانوا دون المسؤولية التاريخية.

قبل 13 نيسان العام 1975 كان سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية، ورشيد الصلح رئيساً للحكومة ووزيراً للداخلية، وقائد الجيش اسكندر غانم وزير دفاع ولم يفعلوا شيئاً لمنع الحرب.

في أيار الـ1975 جيء بنور الدين الرفاعي، على رأس حكومة شبه عسكرية، فلم تقلّع ولم تمنع امتداد الحرب.

في تموز الـ1975 سُمي رشيد كرامي على رأس حكومة إكسترا سياسية استُبعدت عن تركيبتها "الكتائب" وجاء في بيانها الوزاري "إن حكومتنا منفتحة منذ الآن على كلّ حوار يهدف، في الإطار الديموقراطي، إلى تقييم الأحداث الأخيرة وتحليل أسبابها، والتخطيط لسياسة وطنية إجماعية، كفيلة بمعالجة هذه الأسباب في الأصول والجذور. ذلك أن الحكم ملزم بتطوير أساليبه وقواعد عمل مؤسساته بما يتيح التوافق مع متطلبات العصر، فيضع سلماً للأولويات يجري على أساسه التخطيط الإنمائي لتلبية حاجات المناطق والمواطنين، خصوصاً الفئات غير الميسورة".

في عهد حكومة الإنفتاح والحوار الكرامية شهدنا، نحن اليافعون جداً، بدل الإعمار، إنهيار الدولة، وتسليم مقاليد الحكم عملياً لاثنين: ياسر عرفات وحافظ الأسد، وفي ذاك الزمن البائس دافعنا نحن الضعفاء جداً والفقراء جداً عن وجودنا فقط. قاتلنا وقُتلنا أصبنا وأخطأنا، كما سوانا. كنا ضحايا تركيبة عجزت عن بناء دولة. كما نحن اليوم ضحايا إئتلاف رؤوس الدولة مع مرشد الدولة وباني الدويلة.

كل 13 نيسان حفل إنشاء وتنديد وعواطف سخيفة وشعارات كـ "تنذكر ما تنعاد"، وسياسيون "مهفهفون" أثرياء يطلعون على المنابر لإلقاء الدروس والعبر! رجاء دعوا الذكرى في متحف الوجع والإفتخار.


MISS 3