عماد موسى

أجندات الجرّاح

25 تشرين الأول 2019

09 : 25

قبل أن يجفّ حبر قرار إقالة الزميلة لور سليمان من منصبها في "الوكالة الوطنية للإعلام" في توقيت أقل ما يُقال فيه أنه توقيت سيئ وينطوي على سلوك إنتقامي لا يليق بأي مسؤول، طلع وزير الإعلام جمال الجرّاح في حديث إلى "سكاي نيوز عربية" ليقول إن "هناك أجندات سياسية خارجية وداخلية تدفع لبقاء الناس في الطرقات وربما احتكاك الناس مع الجيش".

أي أن كل هذه الحشود الغاضبة، المتنوعة، التي تجمعت في ساحات طرابلس، البترون (معقل ولي العهد)، جبيل، صور، النبطية، صيدا، بيروت، زحلة، جل الديب، زوق مصبح، غزير وغير المنتمية إلى أي تشكيل حزبي، هي مجرد دمى تحركها سفارة من هنا أو موقع سياسي من هناك، كما أوحى كلام الوزير التلفزيوني.

لم يسمّ جهة بل زاد في تسميم الأجواء. وجاء الحديث والقرار متلازمين ويصبان في نفس الإتجاه المعادي للثورة.

كأني بوزير الإعلام، المنتهية صلاحيات وزارته، الساكت عما يُحاك للإعلام، فقد جزئياً، في لحظة غضب، حاستين: النظر والسمع. فهو إما لم يرَ الناس ووجوههم الحقيقية أو رأى في الثورة ما لا يُرى. كما أنه سمع فقط صدى مطالب "الثائرين" التي "روعيت " في ورقة الحريري الإقتصادية، ولم يسمع عشرات الآلاف يطلقون العنان لحناجرهم في أهازيج تعكس عمق "محبتهم" وقوة "دعمهم" وشدة "تمسكهم" وغلو "ثقتهم" بالعهد القوي والصهر القوي وبحكومة اقتسام المغانم والمناصب.

إنها مسألة ثقة، السيد الوزير.

أكنت تعتقد حقاً أن ورقة إصلاحية، أو خطاباً إنشائياً متأخراً، أو الإدّعاء على رئيس حكومة سابق بتهمة الإثراء غير المشروع، أو تقديم موظفين كأضاحٍ أو التهويل بشارع مضاد، (وكانت تباشيره عصياً وأفعالاً ميليشياوية) أو الخضوع لأجندة "حزب الله" سيعيد الناس إلى بيوتهم؟

الناس غاضبون، وسحبوا الثقة حتى من ممثليهم المنتخبين والمعينين المتمسكين بكراسيهم، صارت الكرسي أثمن من دم سال في جل الديب والنبطية وقد يسيل في غير منطقة. غالبية الناس، أيها الوزير، لا تفقه ماهية الأجندات السياسية، تحركها الحاجة والعوز والشح والكذب، يحركها وجعها، تحركها روائح صفقات أهل الحكم، وتحركها الرغبة في إحداث تغيير الوجوه المستفزة، والدنيا يا صاحب المعالي، ولو سقطت الألقاب، وجوه وأعتاب.


MISS 3