جنى جبّور

حرب لـ"نداء الوطن": إذا لم يعد رئيس الجمهوريّة قادراً على إدارة البلاد فليستقل

المطالب وفق القراءة الدستوريّة

25 تشرين الأول 2019

23 : 55

هل سينجح الحراك في التغيير؟ (أ ف ب)

منذ اليوم الأول في شارع "الانتفاضة"، تعدّدت المطالب، منها ما كان معيشياً واجتماعياً، ومنها ما كان باسقاط النظام والحكومة ورئيس الجمهورية، في حين أنّ المخاوف كانت كثيرة من إحداث فراغ في ظلّ غياب وعي عن الآلية الدستورية المتبعة في هذه الحالات.

لم يعش لبنان فراغاً شاملاً في تاريخه، بل إنّ الفراغات اقتصرت على رئاسة الجمهورية أعوام 1988، 2007، 2014. وفي كل هذه الحالات، كانت هناك حكومة تسيّر أعمال الدولة. أمّا بالنسبة إلى الفراغ الشامل، فإذا حصل، يكون لبنان قد عاشه للمرة الأولى.

وفي هذا السياق، يقول النائب السابق والمحامي بطرس حرب، الذي شارك في اتفاق الطائف إنّ "إستقالة رئيس الجمهورية خطوة يوقّع عليها شخصياً، ومن غير الممكن إرغامه على الاستقالة. ومن الناحية الدستورية، إذا رأى رئيس الجمهورية أنّ هناك حاجة لاستقالته، وإذا لم يعد قادراً على ادارة شؤون البلاد، يتخذ مبادرة شخصية بالاستقالة، تماماً كما فعل الرئيس بشارة الخوري في العام 1952، عندما دخل البلد آنذاك في إضراب عام لمدّة 3 أيام".

أمّا في ما يخص المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة، فيقول حرب إنّ "القصة معقدّة، فالمجلس يُنتخب لـ4 سنوات، ولتقصير هذه المدّة يجب على المجلس الحالي التصويت على قانون ينص على تقصير ولاية المجلس إلى سنتين مثلاً. وإنّ استقالة المجلس من دون إصلاح قانون الانتخاب، استقالة بلا فائدة، لأن القانون الحالي يسمح بعودة أكثرية القوى السياسية التي أوصلت البلاد الى هذه الحالة".

التدرج المنطقي، بحسب حرب، يجب أن يكون على الشكل الآتي: "إذا لم يكن رئيس الجمهورية مقتنعاً بأنّ هذه الحكومة لم تعد صالحة، وإذا لم يكن قادراً على التفاهم مع رئيس الحكومة لتقديم استقالته، يجب على رئيس الجمهورية حينها ان يقرر أن يبقي على هذه الحكومة ويواجه الشعب اللبناني مع ما سيترتب عن هذه الخطوة من نتائج، وليس فقط على مستوى الاحتجاجات بل على التصادم الذي يمكن أن يشهده الشارع. في المقابل، إذا كان مقتنعاً بأنّ هذه الحكومة لا يمكن أن تستمر وهذا ما لمّح اليه في رسالته أمس الأول، قد يتجه الى تشكيل حكومة لارضاء الشعب اللبناني، وتنفيس احتقان الشارع. وهنا يمكن أن يعطي الشعب فرصة للرئيس في حال لمس الناس مبادرات جدّية منه، لا سيما إذا أفسح المجال لتشكيل فريق عمل كفوء من أشخاص غير فاسدين وغير تابعين لأحزاب سياسية على أن يتولوا ادارة البلاد ووضع خطة لحل المشكلة الاقتصادية، بالاضافة الى إرسال قانون انتخاب جديد الى مجلس النواب لمناقشته. مع التشديد على أهمية أن تنجح هذه الخطة وأن تتنحى القوى السياسية جانباً من أجل تحقيق الانجازات".

وأضاف: "لست مقتنعاً أنّ هذه القوى السياسية مستعدة للتخلي عن مكاسبها، ونعلم جيداً أنها تمارس الضغط لحقن الاجواء ومنع الرئيس عون من رؤية الحقيقة، وهذا ما أوصله الى الوقوف ضد الشعب بدل أن يأخذ رأيه في الاعتبار. وهذا ما يفسر خطابه المخيّب للآمال، الذي يوحي وكأنّه صادر عن رئيس دولة أخرى شعبه ليس في الشارع. من هنا أتمنى، ألا يرتكب الرئيس خطأ كبيراً باجرائه تعديلاً جزئياً للحكومة وأن يعيد بموجبه الفساد والصفقات اليها، بدءاً من اقرب الناس اليه الذين يعتبرون موضع شك من قبل الرأي العام بكامله، مروراً بكل شخص مرفوض من قبل الشعب اللبناني".

تصريف الأعمال

تشير الأصول الدستورية الى أنه عندما تتقدم الحكومة باستقالتها الى رئيس الجمهورية، تتحول الى حكومة تصريف أعمال، على أن يجري الرئيس استشارات نيابية لاختيار رئيس للحكومة ومن بعدها تشكيل الحكومة. ويوضح حرب أنه "إذا كانت توجد جدّية في التعاطي، لن تنجز الامور بهذا الشكل الكلاسيكي، بل يجب أن تجرى الاتصالات للاتفاق على فريق عمل بديل، قبل استقالة الحكومة. إلاّ أنّ هذا لا يحصل للأسف بحسب معلوماتنا التي تشير أيضاً الى أنهم يحاولون اجراء بعض التعديلات ويعيدون النظر في وضع الحكومة، بمعنى إبعاد عدد من الوزراء. ولكن اذا لم يتم استئصال رموز الفساد الاساسية، تكون خطوة بلا فائدة، فكيف سيقنعون الشعب بالخروج من الشارع؟ ويجب أن ينجح رئيس الجمهورية بعد الانتهاء من اتصالاته واستشاراته، بتشكيل فريق عمل جديد والتوجه الى مجلس النواب لنيل الثقة والبدء بالعمل، وإلا سيقع البلد في فراغ يتحمل مسؤوليته عون الذي حلف اليمين على المحافظة على الدستور ولبنان وسلامة أراضيه، وهذه مسؤولية تاريخية".


MISS 3