مايا الخوري

المخرجة فاديا أحمد: لتوثيق الأحداث التاريخية من خلال الثقافة والفنّ

11 أيار 2022

02 : 05

مشروع 10452 خطوة
يروي فيلم Beirut Aftermath شهادات حيّة ومشاهد معبّرة للإنفجار الذي هزّ لبنان والعاصمة. أرادته المخرجة والمصوّرة الفنية فاديا أحمد صوتاً للناس ومنبراً ليعبّروا من خلاله عن آلامهم وتجربتهم في 4 آب. بعدما جال في مهرجانات عالمية حطّ الفيلم الوثائقي رحاله في صالات لبنان علّه يُنعش ذاكرة اللبنانيين بعد محاولة لمحو الحدث. عن مشروع "بيروت بيروت" 10452 خطوة وفيلمها تتحدث أحمد إلى "نداء الوطن".




صوّرت عام 2019 الأبنية التراثية في بيروت وشوارع العاصمة وبعد عام عدت إلى هناك لتصوير ما أحدثه انفجار 4 آب من خراب، أخبرينا عن هذه التجربة؟

عندما انطلقت في مشروع "بيروت بيروت" كانت رحلة 10452 خطوة في العاصمة على مدار سنوات من أجل إعادة التواصل بيني وبين هويتي ومدينتي وجذوري. إنما بعد الإنفجار تهدّم كل شيء معنوياً، لذلك رأيت أن تنفيذ فيلمٍ عن "بيروت" واجب يجب أن أقوم به كفنانة وصانعة أفلام بهدف تخليد ذكرى ما حدث، والمحافظة على خطوط التاريخ الذي يحاولون محوه. لذلك أفسحت في المجال أمام كل من عاش هذه الفاجعة لرفع صوته كما ارتفع صوت بيروت التي عبّرت بشوارعها وبيوتها عن وجعها والآثار الجسدية والنفسية جراء الفاجعة. شكّل مشروعي وسيلة تأريخ لما حدث في العاصمة بعد 4 آب.



ما هي اللحظة الأكثر تأثيراً؟


تأذّى بيتنا كثيراً بسبب الإنفجار لأنه مواجه للمرفأ فاحتاج 8 أشهر من الترميم حتى استعاد حلتّه القديمة، لذلك مررت بمرحلة ما يسمّى إرادة البقاء. لقد انصبّ تفكيري بعدها في إيجاد الطريقة الأمثل لإيصال صوت الوطن واللبنانيين حول العالم، والدعوة إلى عدم نسيان هذه الفاجعة ومحوها من تاريخ بلدنا. تأثرت بصوت الناس ووجعهم وصراخهم واندمجت بقصصهم. لبيروت دور كبير في هذا الوثائقي، وكأن المدينة تحكي بشوارعها وبيوتها ما أثر فيّ شخصياً كفنانة ومخرجة.



ما الخلاصة التي توصّلت إليها بعد انتهاء التصوير؟


إقتنعت بأن ما عشناه في 4 آب، والتجارب التي مررنا بها نموذج لما يحصل في العالم، لكننا لن نشهد أسوأ مما شهدناه كشعب ووطن. لبنان هو أصغر بكثير من البلدان الأخرى إنما ما نواجهه أكبر بكثير مما تستطيع أي دولة عظمى تحمّله.




بوستر فيلم Beirut Aftermath




وثّقت أفلام كثيرة جريمة 4 آب، ما الذي يميّز فيلمك الخاص؟

نحن نكمّل بعضنا البعض كفنانين ومخرجين لأننا ننقل رسالة مؤثرة إلى لبنان والعالم. لذلك أعتبر أن تنفيذ وثائقيات كثيرة نقطة مهمّة جداً كوننا نشكّل سلسلة مترابطة تهدف إلى إيصال صوتنا أكثر.



ما القيمة الفنية لأعمالك وما دورها على صعيد توثيق الأحداث والتركيز على التراث خصوصاً أن لا كتاب تاريخ يستعرض تراثنا وحضارتنا؟

أضفت قيمة شعرية وإنسانية ونفسية لهذا الوثائقي لم تكن متوافرة في الأفلام الأخرى كوني فنانة معاصرة. أظنّ أن عالم الثقافة والفنّ مهمّ جداً لأنه يستطيع توثيق الأحداث التاريخية التي عشناها في ظلّ غياب كتاب تاريخ مدرسي. سيؤدي هذا الفيلم الوثائقي بعد سنوات عديدة دوراً مهماً جداً لأنه يسلّط الضوء على التاريخ الذي خبرناه، وعلى الحياة التي عشناها في مدينة تضمّ سنين من الحضارة والأبنية التراثية التي ميّزت خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، والتي تجسّد ثقافتنا وحضارتنا لكنها للأسف لم تعد موجودة. أتمنى من خلال هذا الفيلم الوثائقي ومن خلال كتاب "بيروت بيروت" ومعرض الصور ترك أثر عن تراثنا وجذورنا يُمحى عن مدينة بيروت.



بعدما نشأت في الخارج، عدت إلى لبنان من أجل الدراسة والعمل، كيف تصفين العلاقة التي تربطك بأرض الوطن؟

إضطر أهلي أن يهاجروا عام 1975 إلى إسبانيا من أجل حمايتنا من الحرب في لبنان، ما أبقى في نفسهم صراعاً كبيراً وتمزّقاً لأنهم أُجبروا على ترك جذورهم وبلدهم. نشأت على عشق لبنان بفضل قصصهم عن الوطن وعن أهمية التشبث بجذورنا. أختار لبنان دائماً كفنانة وإنسانة لأنني عشت ألماً كبيراً بسبب الفراق وبسبب ترك وطني ومدينتي وشعبي. في الوقت الذين هم بأمسّ الحاجة للتعبير عن صوتهم، من واجبنا كفنانين البقاء في الوطن والنضال بالصوت والصورة والفنّ.



يتزامن عرض الفيلم مع انطلاق الإنتخابات النيابية، أي رسالة وطنية يوجّه إلى اللبنانيين؟

يجب أن يناضل كل لبناني من أجل هويته اللبنانية، من دون النظر إلى الإنتماء الديني والسياسي أو غيره من الإنتماءات التي لا تمت إلى الهوية اللبنانية بصلة. ومن واجب اللبنانيين التصويت للتغيير لأنه يكفينا ما عانيناه حتى اليوم.



هل تؤمنين بأن الشعب اللبناني قادر على إحداث التغيير بعد الانتخابات؟

لا أدري ما إذا كان سيتحقق التغيير أم لا، إنما أملي الأول والأخير هو في تصويت كل الطامحين له من أجل المحافظة على الهوية اللبنانية وأن يتعاونوا معاً للسير في طريق تحقيق التغيير يوماً ما.



ما تفاصيل مهرجان الفيلم اللبناني في فرنسا وما انعكاسه على الصناعة السينمائية اللبنانية؟

عرض فيلمي في فرنسا مهم جداً في حضور الإغتراب اللبناني. يدعم المهرجان السينما اللبنانية من خلال مساهمته في نشر الفيلم المحلي في فرنسا. لذلك كان عرض الوثائقي في فرنسا حدثاً عظيماً ومهماً، حيث اعتبر منظمو المهرجان أنه من أهم الإحتفالات منذ انطلاق المهرجان هناك.



كيف يمكن تفعيل الصناعة السينمائية اللبنانية بعدما تراجعت بسبب الأوضاع الأخيرة في لبنان؟

ندرك جميعنا أن انهيار الأوضاع الإقتصادية لم يؤذِ السينما اللبنانية فحسب، بل القطاعات كافة. عندما نواجه أزمة قوية وذات تأثير عميق، تفرض غريزة البقاء نفسها فتتغيّر الأولويات.

أتمنى عودة السينما والفن والثقافة والمسرح فيعود لبنان من خلالها إلى أفضل حاله. نحتاج كفنانين إلى دعم كبير لن نجده محلياً بل في الإغتراب اللبناني الذي يساعد كثيراً في هذا المجال.



من أرشيف "بيروت بيروت"



كلمة أخيرة

أشجع كل لبناني على مشاهدة الفيلم قبل الإنتخابات. أؤمن بأننا نستطيع تحقيق التغيير بفضل التضامن، أثبت الشارع أننا مجموعون ومتضامنون كشعب لبناني لكنّ الحكومة تشعرنا بأننا منقسمون على أنفسنا.


MISS 3