طوني عطية

طوابير الأزمات المعيشية "راجعة" من جديد... ومن هنا طريق الخروج من النفق

18 أيار 2022

14 : 28

عندما أدلى اللبنانيون بأصواتهم في طوابير الإنتخابات النيابية، كانوا يأملون أن تبتعد عنهم كؤوس "طوابير الذلّ" ومشاهد الإزدحام أمام محطات الوقود والأفران وغيرها، التي واجهتهم منذ الإنهيار الإقتصادي الكبير. غير أن الأزمات التي نشأت منذ عامين، نتيجة السياسات الخاطئة التي اتخذتها الدولة اللبنانية قبل عقود، لا تزال تطلّ من جديد إلى صحن يومياتهم، مع عودة الحديث عن أزمة الخبز والبنزين والمازوت والكهرباء والأدوية في ظلّ ارتفاع قياسي متواصل لسعر صرف الدولار.




الخبير الاقتصادي نسيب غبريل


يقول الخبير الإقتصادي نسيب غبريل، في حديث إلى موقع "نداء الوطن" الإلكتروني، إن "المال الإنتخابي الذي تمّ توزيعه بالعملة الوطنية، يتم تحويله اليوم إلى الدولار، ما أدى إلى ارتفاع سعر صرفه في السوق السوداء، حيث لم يشهد الوضع الإقتصادي أي تحسّن في النمو، لا في الزيادة على الطلب ولا في فاتورة الإستيراد، كما أن حدّة الخطاب السياسي التي شهدناها في فترة الحملات الإنتخابية وبعدها مباشرة، إنعكست سلباً على الليرة اللبنانية".


وعن أزمة الخبز وتأخّر مصرف لبنان في تسديد ثمن بواخر القمح المستورد، "لأسباب مجهولة" حسب بيان نقابة الخبز والأفران في لبنان، يرى غبريل أن "التصويب الدائم على المصرف المركزي ليس بمحلّه، فهو المؤسّسة العامة الوحيدة في لبنان القادرة على اتخاذ القرارت، كتعميم رقم 161 الذي جرى بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء ووزير المال، للجم تدهور سعر صرف الليرة بالسوق السوداء، من خلال ضخّ دولارات في السوق، وسحب 9 آلاف مليار ليرة لبنانية في أول 3 أشهر من العام الحالي، وهو نجح بتخفيض سعر صرف الدولار في السوق الموازي عبر منصّة صيرفة.


واعتبر غبريل أن "هذا الحلّ هو إجرائي وموقّت، بانتظار بدء العملية الإصلاحية الإقتصادية الشاملة البنيوية والمالية، من خلال توقيع الإتفاق المبدئي غير النهائي، بين الدولة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، بانتظار إقرار الشروط الـ 9 التي طلبها المجلس التنفيذي للصندوق من لبنان، ومعالجة أزمة شحّ السيولة التي يعاني منها لبنان منذ أيلول 2018، والتي أدّت حُكماً إلى وجود السوق السوداء وعملية المضاربة التي لا تخضع للقوانين والمراقبة اللازمة، بسبب التوقف التام لتدفّق رؤوس الأموال".



وعن بداية الخروج من النفق، أشار الخبير الإقتصادي نسيب غبريل، إلى أن "الحلّ يبدأ مع البرلمان الجديد، في بتّ مشاريع القوانين "المجمّدة" في مجلس النواب، أبرزها "الكابيتال كونترول" وموازنة 2022، وتعديل قانون السريّة المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي لم تنته الحكومة حتى الآن من صياغة نصّه القانوني وإرساله إلى مجلس النواب"، لافتاً إلى أن المواطن اللبناني، لم يعد يريد سماع الخطابات والشعارات والوعود، إنما تنفيذ الإصلاحات وتطبيقها، في سباق مع الزمن، لأن كل يوم هدر ومماطلة في إنعقاد جلسات المجلس النيابي، وبتّ المشاريع والقوانين هو استنزاف خطير لحياة المواطنين وعيشهم".


واعتبر، أن "إستعادة الثقة، تبدأ بالعملية الإصلاحية، وتتجسد نتيجتها بعودة تدريجية لضخ السيولة من خلال تدفق رؤوس الأموال الخارجية إلى لبنان".


وختم: "نحن في صراع مع الوقت، وعلينا عدم إضاعة البوصلة، فالمسؤولية الأكبر هي على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية، من أجل مرافقة إجراءات المصرف المركزي بقرارات إصلاحية لا تحتمل التأجيل، فمجلس النواب مدعوّ فوراً للبتّ بالقوانين العالقة في لجانه و"جواريره"، كإقرار "الكابيتال كونترول"، حيث بلغ حجم احتياط "المركزي" بالعملات الأجنبية نحو 11 مليار دولار حتى منتصف أيار الجاري، أي بتراجع مليار و800 مليون دولار منذ بداية السنة".

MISS 3