الثورة بعين الرياضيين

ثورتنا اليوم كسباق الماراتون

03 : 22

أنا كرياضي وكمواطن لبناني في الدرجة الأولى، كنتُ ناشطاً في هذه التظاهرات مع زوجتي وأولادي وأصدقائي وكثير من أهل وطني الذين آمنوا بأنّ التغيير صار أمراً مُحقاً وحتمياً في هذا البلد.

نحن فخورون جداً بالثورة التي حصلت في هذه الايام التاريخية من عمر الوطن، والناس تسأل اليوم، ماذا بعد والى أين؟ أنا أشبّه الوضع الراهن كسباق الركض السريع لمسافة قصيرة وسباق الماراتون للمسافات الطويلة. نحنُ أنهينا بالأمس السباق القصير بنجاح، لكننا ما زلنا نركض في سباق الماراتون الطويل ولا بدّ أن نصل الى خطّ النهاية.

الجولة الاولى تحققت عبر استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري تحت ضغط الشارع واستجابة لوجع ومطالب الناس المحقّة، وأنا برأيي كانت شجاعة وجرأة كبيرتين من الرئيس الحريري في هذه الخطوة التي شكّلت نقطة تحوّل كبيرة ومفصلاً مهمّاً في الحياة السياسية في لبنان من جهة، وللثوار الأحرار الذين نزلوا الى الشوارع والساحات في مختلف المناطق اللبنانية من جهة أخرى.

إذاً الجولة الاولى أُنجزت بنجاح وانتقلنا اليوم الى المرحلة الثانية، وهي تشكيل حكومة تكنوقراط من ذوي الإختصاص، والمطلوب في هذا السياق أن نأتي بوزراء أكفّاء أصحاب شخصيات قوية ويملكون النفس الثوري اللازم، وأن تكون لديهم النيّة والتصميم على إحداث التغيير الإيجابي المنشود. بالطبع نحن نتمنى أن يكون هؤلاء الوزراء من أهل الثورة والحراك المدني، إنما نعلم جميعاً بأنّ الظروف الراهنة والتركيبة السياسية الحالية للبلد لا تسمح بذلك، لذا نهدف الى أن يكونوا قريبين جداً من الثوار إذا لم يكونوا من نواتهم.

أعودُ وأشدّد على ان يكونوا وزراء أقوياء وشرفاء ويوحون بالثقة، قادرين على أن يقولوا للمدراء العامّين "المشلّشين" في وزاراتهم منذ عشرات السنوات والمحسوبين على الأطراف السياسية أنّ هذا خطأً يجب تصحيحه وهذا صواب يجب تفعيله، لا أن يعرقل هؤلاء عمل وزرائهم خدمة لزعمائهم أو أحزابهم أو طوائفهم.

أعتبرُ أنّ المهمة الأولى والرئيسية للحكومة الجديدة ملاحقة الفاسدين والسارقين واسترجاع الأموال المنهوبة، ثم تنتقل لحلّ المشاكل الحياتية والإجتماعية المستعصية مثل المياه والكهرباء والتعليم والطبابة وغيرها، ومن بعدها يأتي دور الإنكباب على وضع قانون جديد عصري ومدني غير طائفي للانتخابات النيابية، وإذا أمكن تقصير ولاية مجلس النواب الحالي. وأنا أعرف تماماً أنّ كلّ هذه المسائل تحتاج الى نفسٍ طويل، ولكن لا بدّ من اتخاذ المبادرة والبدء بها تدريجياً.

وأخيراً يجب علينا أن نُبعد عن التداول والنقاش الملفّات السياسية الكبيرة التي يمكن أن تخلق الاشكالات وتشرّع الأبواب نحو إحتمالات معقّدة ومجهولة المصير، ويجب ألا نسمح لأيّ كان ان يُملي علينا أجندات داخلية أو خارجية لكي لا يتفكك الحراك ويضعف، لا سمح الله.

الغراند ماستر سامي قبلاوي

رئيس الإتحاد اللبناني للمواي تاي


MISS 3