جاد حداد

A Perfect Pairing... كوميديا رومانسية ممتعة لكن سطحية

28 أيار 2022

02 : 00

يتمحور فيلم A Perfect Pairing (ثنائي مثالي) للمخرج ستيوارت ماكدونالد، على شبكة "نتفلكس"، حول ناقدة نبيذ تصاب بفقدان الذاكرة موَقتاً، وتقع في حب صاحب مصنع للنبيذ كانت قد انتقدته بقسوة. إنها حبكة مثالية في عالم الكوميديا الرومانسية. يحمل هذا الفيلم جوانب كوميدية خفيفة وأفكاراً رومانسية مألوفة، لكنه ممتع على نحو مفاجئ، على عكس معظم الأعمال التي تدخل في هذه الخانة.

تؤدي فيكتوريا جاستس دور "لولا ألفيراز"، مديرة تنفيذية مجتهدة وبارعة وواحدة من أكبر محبّي النبيذ. بعد العمل لسنوات لدى رب عمل عديم الجدوى (كريغ هورنر) وإقدام أحد زملائها على سرقة عميل مهم منها، تقرر "لولا" العمل على حسابها، فتنشئ شركتها الخاصة لتوزيع النبيذ. للتفوق في هذا القطاع، تتطلع "لولا" إلى "عائلة فون للنبيذ" (العميل الذي سُرِق منها). توضّب "لولا" أمتعتها وتسافر إلى أستراليا لاسترجاع ما يعود إليها، ثم تتطوع للعمل في مزرعة أغنام تملكها عائلة "فون" كي تثبت براعتها أمام سيدة الأعمال الشهيرة "هايزل فون" (سامانثا تولج). لكنها مضطرة أولاً للتدرب على عملها والتعاون مع مدير المزرعة الوسيم "ماكس" (آدم ديموس)، فيحصل بينهما انجذاب فوري. يشكّ "ماكس" بنوايا "لولا"، لكنه يقع تحت تأثير سحرها وطموحها، ما يعني أن قلبه المغلق قد ينفتح لها.

يتميّز مدير التصوير بن نوت بأدائه مقارنةً بمعظم أفلام الكوميديا الرومانسية الأخرى، فهو يختار ألواناً منعشة ومتنوعة مثل الأخضر، والأزرق، والبنفسجي، والزهري، ويعرضها على الشاشة بدرجات ساطعة. المناظر الطبيعية في أستراليا مدهشة ليلاً نهاراً، فتبدو المقاطع المعروضة أشبه بإعلان سياحي ذكي. لكن يبقى السيناريو ركيكاً ومألوفاً والتمثيل متوسط المستوى. مع ذلك، تخلق التقنيات التي يستعملها نوت أجواءً جاذبة بمعنى الكلمة.

ثمة كيمياء مقبولة بين فيكتوريا جاستس وآدم ديموس، لكنها لا تصل إلى المستوى المتوقّع. يتمتع كل واحد منهما بكاريزما طاغية، لكنها لا تنعكس على علاقتهما المشتركة. يمكن اعتبار هذا الفيلم نموذجاً مثالياً عن الكوميديا الرومانسية المتحفظة التي تخلو من المشاهد الجريئة، لكن تناسب هذه الميزة أجواء العمل عموماً.

لا مفر من أن نشعر بأن البطلَين يقعان في الحب سريعاً. تتعدد المشاهد التي يتعرفان فيها على بعضهما، لكن تخلو القصة من أي لقطات رومانسية حقيقية أو شغف قوي. ومع ذلك، يتمتع هذان الممثلان بقدرة نادرة على إضفاء نفحة من الشغف على أدائهما، ما يسمح ببلوغ مستوى مقبول من الرومانسية. كذلك، يبرع ديموس في التعبير عن حبّه بالنظرات، ما ينعكس إيجاباً على القصة ككل.

لكن من المستغرب أن تفشل قصة رومانسية بطبيعتها في تقديم المحتوى الرومانسي المتوقع منها. نادراً ما تتطور مشاعر الحب عن طريق الصدفة بهذا الشكل بدل أن يحاول الثنائي تطوير العلاقة بنفسه. الانجذاب المتبادل بين البطلَين واضح، لكن يتجاهل الفيلم اللحظات التي يُعبّر فيها الثنائي عن مشاعره، فيضطر المشاهدون أحياناً للتساؤل: هل أمضى "ماكس" و"لولا" وقتاً مشتركاً في حوض السباحة، في وقتٍ متأخر من الليل، من دون تبادل القُبَل رغم نظراتهما العميقة وضحكاتهما المتكررة؟ لم يحصل شيء بينهما على الأرجح. وعندما يعبّران أخيراً عن مشاعرهما، سرعان ما ينغلق "ماكس" على نفسه لأنه يخفي سراً عن "لولا". ثم نشعر بأن الفيلم يريد إنهاء فصله الثالث في أسرع وقت عبر تصوير قبلة أخيرة. تتوقف اللحظات الرومانسية عند هذا الحد. وعلى عكس ما يوحي به العنوان، يمكن اعتبار هذا الثنائي مثالياً بفضل عوامل مفتعلة، لا لأن الحبيبَين يناسبان بعضهما عاطفياً.

يعوّض الفيلم عن قلة جوانبه الرومانسية عبر تقديم وفرة من المشاهد المؤثرة ودروس الحياة المفيدة. طاقم التمثيل حيوي ولطيف وتستحق جميع القصص المتابعة. قد يكون "ماكس" و"لولا" البطلَين الرئيسيَّين، لكن يشمل العمل أيضاً شخصيات ممتعة أخرى وكان الفيلم ليستفيد حتماً من زيادة مشاهد الآخرين. في النهاية، يتحسّن مستوى الفيلم بفضل طابعه الإنساني والمسار الذي تتخذه شخصية "لولا". يسهل أن نتأثر بقوة تصميمها وتفاؤلها الدائم، ومن الممتع أن نشاهد رحلة تكيّفها مع محيطها الجديد.

قد لا يكون هذا الفيلم مميزاً على معظم المستويات، لكنه خليط متكامل من الأبطال الساحرين والتصوير الجميل. إنها عناصر كافية للاستمتاع بمشاهدة العمل. ينجح الفيلم في نقل أجواء دافئة ومنعشة إلى المشاهدين. قد لا يحبّذه محبو الكوميديا الرومانسية التي تشمل جانباً رومانسياً مفرطاً وتطغى عليها الأجواء الكوميدية، لكنه يبقى ممتعاً بما يكفي بانتظار صدور أعمال أكثر قوة.


MISS 3