ملفات دسمة على مائدة المفاوضات بين باريس وبكين

ماكرون يُتوّج زيارته للصين باتفاقات عدّة

00 : 00

شي وماكرون يتصافحان في بكين أمس (أ ف ب)

توّج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته الثانية إلى الصين، والتي بدأها في شنغهاي الإثنين، بعدد من الاتفاقات والنقاشات حول التجارة والملف النووي الإيراني وهونغ كونغ والمناخ وغيرها. وعقدت فرنسا والصين اتفاقات تجاريّة بقيمة 15 مليار دولار، وشملت مجالات عدّة. كما أُبرمت اتفاقات في مجالات الطيران والطاقة والزراعة، بما في ذلك موافقة لفائدة عشرين شركة فرنسيّة على تصدير الدواجن ولحوم الأبقار ولحوم الخنازير إلى الصين. وتتضمّن الصفقات أيضاً اتفاقيّة لحماية مئتي منتج أوروبي وصيني، أسماؤها مرتبطة بمناطقها، من التزوير، من الشمبانيا إلى جبنة الفيتا وأرز بانجين. كذلك، تعهّد الجانبان التوقيع بحلول 31 كانون الأوّل على عقد لبناء مصنع لإعادة تدوير الوقود النووي في الصين، تُشارك فيه المجموعة الفرنسيّة العملاقة للطاقة "أورانو".

وحول الملف النووي الإيراني، كشف ماكرون أن الطرفين اتفقا على تعزيز الجهود المشتركة لإقناع طهران بالعودة إلى "احترام التزاماتها بالكامل"، بموجب الاتفاق النووي. واعتبر الرئيس الفرنسي، قرارات إيران في شأن استئناف نشاطات تخصيب اليورانيوم المجمّدة حتّى الآن، خطرة، داعياً إلى "استخلاص النتائج بشكل جماعي". وقال: "للمرّة الأولى وبشكل واضح ومن دون تحديد سقف، تُقرّر إيران الخروج من إطار الاتفاق النووي، وهو تغيير كبير"، مضيفاً: "سأجري مناقشات في الأيّام المقبلة، بما في ذلك مع الإيرانيين، وعلينا أن نستخلص النتائج بشكل جماعي". وأوضح أنّه يجب ممارسة ضغط من قبل الجميع من أجل عودة إيران إلى إطار الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن "هذا ما يُفترض أن يترافق مع تخفيف لبعض العقوبات". ورحّب ماكرون بـ"تطابق فعلي في وجهات النظر" حول هذا الملف مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وبخصوص هونغ كونغ، شدّد الرئيس الفرنسي لنظيره الصيني على ضرورة الحوار في هذه المدينة التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي. وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي في ختام زيارة للصين: "بالتأكيد تطرّقت إلى الأمر مرّات عدّة مع الرئيس شي جينبينغ"، مضيفاً: "تحدّثنا في كلّ القضايا بحرّية كاملة". وتابع: "بالتأكيد عبّرت عن قلقنا وهو قلق أوروبا أيضاً"، مشيراً إلى أنّه "دعونا مراراً إلى الحوار وضبط النفس وخفض التصعيد". وكانت بكين قد حذّرت عند وصول الرئيس الفرنسي، من أن هونغ كونغ شأن داخلي صيني ولا تندرج في المحادثات الديبلوماسيّة مع فرنسا. لكن الرئاسة الفرنسيّة أكّدت أن ماكرون سيتطرّق إلى كلّ القضايا "بلا محرّمات"، بما في ذلك الوضع في هونغ كونغ ووضع الحقوق الإنسانيّة في الصين، وخصوصاً في منطقة شينجيانغ.

على صعيد آخر، أكّد شي وماكرون أن "لا عودة عن اتفاق باريس للمناخ"، الذي انسحبت منه الولايات المتّحدة رسميّاً هذا الأسبوع، بحيث قدّمت رسالة انسحابها إلى الأمم المتّحدة الإثنين، لتُصبح بذلك أكبر قوّة اقتصاديّة في العالم خارج الاتفاق. وشدّد شي وماكرون في بيان مشترك صدر بعدما عقدا محادثات في بكين، على "دعمهما الثابت لاتفاق باريس للمناخ الذي يعتبران أنّه عمليّة لا عودة عنها وبوصلة التحرّك القوي في شأن المناخ". ومن دون أن يُسمّي الولايات المتّحدة مباشرةً، قال ماكرون إنّه "يأسف لخيارات الآخرين"، وكان يجلس إلى جانب شي في "قاعة الشعب الكبرى"، القصر الرسمي المهيب في بكين. وأضاف: "لكنّني أُريد أن أنظر إليها كخيارات هامشيّة". ومع دعم الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا للاتفاق، رأى ماكرون أن "الخيار المعزول لشخص أو آخر لا يكفي لتغيير مسار العالم"، معتبراً أنّه "يؤدّي فقط إلى التهميش".

من ناحيته، وجّه شي في تصريحاته انتقادات مبطّنة للولايات المتّحدة التي شنّت حرباً تجاريّة مع الصين، وأغضبت بكين حول قضايا ديبلوماسيّة مختلفة. وقال: "نؤيّد الاحترام المتبادل والمعاملة على قدم المساواة، ونُعارض شريعة الغاب وأعمال الترهيب"، مضيفاً: "نُؤيّد الانفتاح والدمج والتعاون المتبادل المفيد ونُعارض الحمائيّة". ودعا شي، المجتمع الدولي، إلى "بذل جهود مشتركة لحماية كوكبنا الأرض"، قائلاً: "نحن ضدّ محاولة وضع المصالح القوميّة فوق المصالح المشتركة للإنسانيّة". وفي وثيقة بعنوان "دعوة بكين لحماية التنوّع البيولوجي والتغيّر المناخي"، عبّر الرئيسان عن تصميمهما على تعزيز التعاون الدولي "لضمان تطبيق كامل وفعال لاتفاق باريس". وتتضمّن الوثيقة التزاماً باستصلاح نحو ثلث الأراضي غير الصالحة، إضافةً إلى إلغاء دعم الوقود الأحفوري على الأمد المتوسّط. ومساعي الصين لمكافحة التغيّر المناخي ترتدي أهميّة بالغة، لأنّها المصدر الأوّل لانبعاثات الغازات الدفيئة المسبّبة للاحتباس الحراري.


MISS 3