بشارة شربل

نواب "التجريب"... عساه "العرض الأخير"

16 حزيران 2022

02 : 00

كي يستقيم ما يلي من كلام، يجب الاعتراف بأن ثورة 17 تشرين التي اغتالها "الثنائي" فشلت في إحداث "التغيير". وكان يعني فعلياً كنسَ المنظومة الحاكمة التي دمّرت كل مقوّمات السيادة والحياة، وإقامة سلطة بديلة تضع كل المرتكبين في السجون وتعوّض تضحيات من ماتوا أو فقدوا عيونهم على تخوم مجلس النواب.

لا نستهين طبعاً بإيجابيات جمَّة أحدثتها الثورة على مستوى الوعي الوطني العام، لكن التوازنات التي فرضت نفسها أمْلت أن يسلِّم الجميع بوجوب الانضمام الى لعبة الانتخابات، وأن يصير نواب التظاهرات "منتَجاً ثانوياً" للحراك الشعبي بديلاً من المُنتَج الأصلي الموعود... ولِعلم سعادة النواب الجدد فإن لعبتهم داخل المجلس ليست مجرد عزف منفرد بل يجب أن تمزج المبدئي بالواقعي.

وإذ أُطلقَ على "مجموعة الـ 13" ـ التي شاءت التفرق في الاستشارات ـ وصفُ "نواب التغيير" أو "التغييريين" فإنه يتوجّب التصويب، ليس افتئاتاً على رغبة هؤلاء في تقديم المختلف والجديد، بل لوضع الأمور في نصابها ورفع الإجحاف اللاحق بنواب "تغييريين" آخرين يطالبون بالسيادة والإصلاح ولم يعرف عنهم التورط في صفقات أو التلكؤ في الدفاع عن مفهوم الدولة الحقيقي. أما الأهم، فهو توضيح أن المفردة فقَدت في لبنان مدلولها الأساسي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن اسم التكتل العوني هو "التغيير والإصلاح"، فيما معناه العملي "النفاق والتشبيح". ثم إن "التغيير" بحد ذاته صفة غير وثيقة الصلة بالسير إلى الأمام والتحسين.

هي فترةُ سماح استطاع "النواب الـ 13" التمتع بها، لكنها ليست مفتوحة لتكرار المسار الاستعراضي الذي شهدته جلستا انتخاب نائب رئيس المجلس النيابي واللجان حيث المعمل التشريعي الفعلي. فما وضعوه في خانة إثبات النفس والتمايز عن الآخرين أثمر استبعاداً لهم وإضراراً بمن يشاركونهم معظم الأهداف. وهو سلوك تجريبي يغرف من شعار "كلن يعني كلن" التعبوي المرحلي اللذيذ، لئلا نقول إنه ممارسة سياسية طابعها ساذج وطفولي.

اختبار تكليف رئيس جديد للحكومة محكٌ جديد. فالاستفادة من دروس شهر كامل باتت مُلزمة لكل نائب صادق ونبيه ويحمل تكليفاً واضحاً من ناخبيه. أما اعتقاد "مجموعة الـ 13" بأنها مكتفية بذاتها ولا تحتاج الى حليف أو تنسيق فهو عملُ هواة يذكِّرنا بما قالته بطلة مسرحية سارتر "الأيدي القذرة" لشبان تحمسوا للانتساب والتطوع ضد الاحتلال النازي: "الحزب ليس مدرسة ليلية"، أي "روحوا تثقفوا وتدربوا قبل الاحتكاك بمحترفين". وهكذا فإن تحوّلَ مجلس النواب مختبراً للتدريب ومسرحاً للتجريب جاز وصَف الواحد منهم بأنه "نائب تجريبي" ومجموعتهم بأنها "الكتلة التجريبية".

الأمل معقود على إسدال الستارة، فيُلغى "العرض التجريبي المقبل" في "خميس الاستشارات" ليحل محله العمل السياسي المسؤول والمفيد، خصوصاً أن الممانعين ينغلون في الكواليس.


MISS 3