نغم شرف

في male: الجندرية في أبهى حللها

1 تموز 2019

17 : 38

تطلّ كارلا حداد في بداية برنامجها “في male" كعارضة أزياء وليس كإعلامية. تؤدي رقصتها ومن ثم تبدأ مقدمتها التي يظنّ المستمع أنّها تخدم المرأة، لكنها غير مترابطة، تفتقر الى العمق ومفصّلة بحسب الضيف الـ male الذي ستستقبله.
ظاهرياً، البرنامج قائم على محاولة إظهار قوة وذكاء المرأة وفرض حضورها عبر العامل النسائي المسيطر في الاستوديو، وكارلا التي تحاور وتتحدى ضيفها في فقرات عدّة، تجعل هذا الأخير يعبّر عن فرحته لإحاطته "بالجنس اللطيف" بقوله: "طلعت عالجنة والحوريات كلها حواليي".
تطرح كل أنواع الأسئلة التي تكون زوجة الضيف زميلته أو إحدى معجباته مصدرها، فتظن كارلا أنها في طور صنع فئة جديدة من البرامج الخادمة والهادفة ، لكنها في الحقيقة تستخدم المرأة كوسيلة لكشف طريقة تفكير ضيفها. مثلًا: تظهرعلى الشاشة صورة مركّبة للممثلتين نادين الراسي ودانييلا رحمة، وتسأل الممثل وسام صباغ عن رأيه بالنساء اللواتي ينشرن أخبارهن الخاصة على العلن كما فعلت نادين. لا تشكل الأخيرة سوى مادة ليعبّر من خلالها وسام صباغ عن رأيه بكيفيّة تعامل المرأة مع مشاكلها الشخصية. المقارنة بين النساء وتقييمهن لـ"ملء الحلقة" من دون وجود حدث فعلي هو  أمر غير مقبول أو لائق.

مهنيّاً، يعرّف البرنامج عن نفسه بأنه ترفيهي، وهو كذلك، وتملك كارلا القدرة على الإنتقال من فكرة إلى أخرى بخفّة ورشاقة، لذلك من الضروري تجنّب استخدام حقوق النساء كمادة ترفيهية.
في الواقع، البرنامج قائم في صلبه على الذكورية والهوية الجندرية الإجتماعية. فمن المعيب أن تطرح إعلامية سؤالًا حول جريمة الشرف، وإعطاء الضيف حق تأييدها على الهواء. الجرائم التي تنهي حياة أحدهم أو إحداهن على أساس جنسي ليست مادة رأي أو نقاش.
"لو كنت امرأة" فقرة يتحوّل فيها الرجل إلى خبير في أمور التحرّش، التعنيف، الجسد، العذرية، المساكنة... وهو غير قادر على اختبار هذه القضايا من منظور اجتماعي – قانوني، فيتفوّه بمثاليات بعيدة عن الإطار الشخصي والواقعي الذي تعيشه المرأة. كما أن غالبيّة الأسئلة مبرمجة لتناسب الصورة النمطية الجسدية عن النساء، مثلاً: لو كنتَ امرأة صدرها صغير هل ستجري عملية تكبير؟ أي مذيعة أخبار كنت تحب أن تشبه بالشكل؟ كيف كنت ستزيل شعر جسدك؟ كنت سترتدي الحجاب؟ كنت ستستخدم أنوثتك للحصول على وظيفة؟ وحتى الأسئلة التي تحمل محتوى جدّياً تنتهي بالتنكيت.
في فقرة أخرى، ولكي يختبر الرجل جزءًا من حياة المرأة، تظهر على الشاشة 4 فتيات كبديل عن أرقام 1و2 و3 و4 ويختار الضيف واحدة منهنّ بعد أن يراها وتقول اسمها، فتكشف له عن التحدي. سالم زهران حاول أن يحضّر طفلًا للذهاب إلى المدرسة قبل قدوم الباص، فارس اسكندر حلب البقرة والشيف انطوان كوى الملابس.
يعكس هذا البرنامج الصورة المفروضة على النساء والرجال أيضًا، ففي إحدى الفقرات التي كان يتعرّض فيها علاء زلزلي للوخز بالإبر أثناء استجوابه بهدف الحصول على الحقيقة، شعر بالألم ولم يستطع أن يجيب، فقالت له كارلا: "معليه، هذه قدرة الرجل". أما باسم ياخور فتم استجوابه وهو يختبر آلام مخاض الولادة، بديع أبو شقرا أثناء إزالة شعر قدمه بالشمع، ومعين شريف عبّر عن عدم قدرته على البكاء أمام أحد. الرجل يشعر بالألم مثله مثل المرأة، والأسئلة الجدية خطيرة أكثر بكثير من الوجع وتعطي إجابات واقعية قد تفيد الجميع.
البرنامج يعكس كل ما يجب تغييره كي يحظى كلّ من المرأة والرجل بحقوقهما الإجتماعية بمعزل عن جسديهما، ومفهوم الأنوثة والرجولة.
كارلا تناسب معايير الشاشات اللبنانية، فاشينيستا تناقش بمحتوى شبه جدّي، أكسسواراتها ترنّ في أذن المشاهد، تجاهر بالأرقام على تويتر وتشبّه منتقديها بالدجاجة التي حاولت أن تلتقطها بغنج لكنها خافت أن "تنقرها" أو كما قالت باللبناني: بخاف مش تنتقدني، بخاف تنقدني.


MISS 3