لورا مقدسي

كتابات تستحق النشر

إلى شيرين... (في ذكرى الأربعين)

20 حزيران 2022

02 : 01

في شهر أيّار

غنّتِ الصلعاءُ أغنيتَها الأخيرة،

ماجَ الليلكُ

ونثرَ الخزامى أبعادَہفوقَ الأبعاد،

وفي ارتحال الصباحِ بين القدس وجنين

سقطت شيرين

كما الريحُ

تتكّسر من غدرِ المطر

قبَّلت بجبينها التراب

وتلاشى الضبابْ

بعيدًا

بعيدًا

فوق مروجِ الغيابْ

وعويلٍ

يعلو منذ أوّل التكوين.

***

كان زمنُ الانفصام بين الموج والزبد

بين الجرحِ والأبد

وكان الطريقُ مزنّرًا بالنار

وكانت هناك...

تشهر دمَها سلاحًا

وصوتَها الساطعَ سلاحًا

والحقيقةُ

في صدرِ الحقيقةِ

خنجر.

***

أيقنت موتها المؤجَّل

منذ جاءها مزيّنًا بقرنفلة

وكانت تعرف القاتلَ

وتعرف أنّها القتيلة،

هل كانت فلسطينُ قيدًا

أم قضيّة

أم صليبًا تحمله وتمشي

إلى جبل الزيتون

حيث تركت أحلامَها تضحك

فلا تغرق

في حمام الدم النازف

من الفجر إلى الغسق.

***

وكانت تواعدُ موتَها

تلاعبه ككلبٍ ودود

تتحدّث عن مزاياه

كما لو كان خلطة أعشابٍ طبيّة،

وفي هدأة الليالي المالحة

تبتسم...

كما ابتسمت في تابوتها وهو يتأرجح فوق الأكفّ

لرنين أجراسِ الكنيسة

ولمشيّعين يقرأون الفاتحة

كأنّما الموتَ طائرٌ غفورْ

كأنّما لجنازتها جذورْ

وللزمان جسورْ،

كأنمّا كُتبَ على السنابل

أن تكابدَ كلَّ الفصول.



آه... يا شيرين

يا ابنة كنعان

يا امرأةَ المستحيل

من سيُصابُ بعدكِ بفلسطين؟

الأحياءُ ماتوا... كالموتى

كمومياوات القصور

كالنخل السقيم،

من سيكتبُ مرثيّةً غدًا

عن احتراقِ الياسمين

في الصباحِ الذي كان يجولُ بين القدس وجنين؟


MISS 3