ريتا ابراهيم فريد

قلق وتوتّر قبل الامتحانات الرسمية

المعالجة النفسية أيفي كرم: لا تحمّلوا الطلّاب فوق طاقتهم

20 حزيران 2022

02 : 01

يواجه طلاب لبنان ظروفاً إستثنائية هذا العام، خصوصاً طلاب الشهادتين المتوسّطة والثانوية الذين يتحضّرون للامتحانات الرسمية. هم الذين يعيشون منذ أكثر من سنتين حالة من اللاستقرار، بين متابعة دروسهم "أونلاين" بسبب جائحة "كورونا"، وبين التسريبات حول إمكانية تأجيل الامتحانات، تزامناً مع ضغط الأزمة المعيشية الخانقة والنظرة الى مستقبل مجهول في بلاد تعيش أوضاعاً إقتصادية صعبة. فكان من الطبيعي أن يعيشوا حالةً من التوتّر المستمرّ والخوف من الرسوب، وصلت بالبعض منهم الى إضطرابات نفسية شديدة. المعالجة والمحلّلة النفسية أيفي كرم شدّدت في حديث لـ"نداء الوطن" على أهمية الابتعاد عن ممارسة الضغط النفسي على الطلاب وعدم تحميلهم فوق طاقتهم.

كيف يمكن للتقلبات المعيشية والاقتصادية في لبنان أن تساهم بتشتيت تركيز الطلاب قبل الامتحانات الرسمية؟

لا شكّ في أنّ الأزمات التي نعيش فيها تركت تأثيراً مباشراً على الطلاب. فالإنسان بحاجة الى وقت للتكيّف مع التغيّرات. وطلاب لبنان لم يتسنّ لهم الحصول على هذا الوقت. خصوصاً طلاب الشهادة الثانوية الذين تأرجحوا منذ أكثر من سنتين بين الإضرابات والإقفال وبين متابعة دراستهم "أونلاين" بعد تفشّي جائحة "كورونا". الأساتذة بدورهم كانوا أيضاً بحاجة للتأقلم مع تقنية التعليم عن بُعد. وللأسف، مدارس كثيرة في لبنان تفتقد الى القدرة على مراعاة الظروف النفسية للتلميذ والأستاذ على حدّ سواء.

لذلك سمعنا كثيراً عن حالات إكتئاب بين طلاب الشهادة الثانوية. وكثيرون منهم عجزوا عن التأقلم مع العودة الى المدرسة. كما أنّ بعض التلاميذ لم ينجحوا في الاندماج ضمن أجواء التعليم عن بُعد، الأمر الذي منعهم من الاستفادة من الدروس التي كانوا يتلقّونها.

إضافة الى ذلك، لم يحصل طلاب لبنان على مواكبة نفسية وإجتماعية لمساعدتهم على التأقلم مع الأزمات والمتغيّرات. ففي فرنسا مثلاً، أمّنت الدولة للطلاب جلسات متابعة نفسية مجّانية مع إختصاصيين. لكنّ طلاب لبنان أجبروا على التأقلم بمفردهم، في غياب أي أمل يتمسّكون به لتخطّي العقبات. فهم مقبلون على مستقبلٍ مجهول في وطن فقدوا فيه القدرة على الحلم أو الطموح لتحقيق أحلامهم.

بعض الطلاب ينهارون بالبكـــــــــــــاء نتيجة الخوف الشديد. كيف يمكن للمراقبين في صالة الامتحان أن يتعاملوا مع هذا الأمر؟

نلاحظ حالات كثيرة من الإغماء لدى الشبان والشابات، إضافة الى عوارض خفقان قلب سريع من دون أيّ سبب عضوي أو بيولوجي أو طبي، حيث يكون السبب حُكماً نفسياً.

لذلك إذا صادفنا هذا النوع من الحالات، هناك تمارين تنفّس يمكن القيام بها، وأن يبادر أحد المشرفين الى مساعدة الطالب المنهار والإهتمام به، وألا يكون قاسياً معه. يمكنه أن يحاول تهدئته ويحضر له كوب ماء أو سكريات لرفع نسبة البوستاسيوم في الجسم.

لكن قبل الوصول الى هذه الحالة، كان لا بدّ من أن يكون هناك مواكبة نفسية من المدرسة للطلاب، تجنّبهم الدخول في دائرة الرعب.

إضافة الى ذلك، هناك بعض الطلاب الذين يشعرون بالقلق نتيجة حسّ المسؤولية لأنّهم من المتفوّقين، ومن الأفضل ألا يتعرّضوا للضغط النفسي كي يتصدّروا الأولوية في نتائجهم، وألا تحمّلهم المدرسة أكثر من طاقتهم. فلكلّ طالب ظروفه الخاصة في منزله، وربما يعاني من مشاكل معيشية وإقتصادية نتيجة الأزمة.

كيف يمكن للأسرة أن تؤمن الأجواء المناسبة لدعم أطفالها قبل الامتحانات؟


على الأهل ألا يضغطوا على أطفالهم وألّا يجبروهم على تمضية ساعات الليل وهم يدرسون، أو ما يُعرف بـ"nuit blanche". لأن ذلك قد يؤدّي الى ردود فعل عكسية.

ومن الأفضل تجنّب مقارنة الطفل بأقربائه أو بأصحابه، وألا يمارس الوالدان الضغط عليه لينال نتائج مرتفعة أو أن يحصد المرتبة الأولى.

من المهمّ أيضاً أن يكونوا إيجايبيين وأن يعزّزوا له ثقته بنفسه، عبر الإضاءة على أي موهبة يتمتّع بها طفلهم، أو أيّ أمر يبرع فيه، وأن يرددوا ذلك باستمرار أمامه.




يعاني البعض مما يعرف بـ"trou de mémoire "، حين تختفي المعلومات فجأةً من ذاكرة التلميذ. كيف يمكن التعامل مع هذا الأمر؟

على الطالب أن يهدأ قبل كل شيء، وأن يمارس تمارين التنفّس التي تساعد على إعادة ظهور جزء كبير من هذه المعلومات الى ذاكرته. فهي من النادر أن تغيب كلياً عن الذهن، إلا إذا كان الطالب قد وصل الى مرحلة نفسية متقدّمة، كالإغماء مثلاً.

هل تنصحين الطلاب بالتوقّـــــــــف عن ممارسة الأنشطة الترفيهيــــــــة أو الرياضية التي يمارسونها عادةً، والتفرّغ فقط للدراسة؟

بالطبع لا. لأنّ هذه النشاطات والتمارين هي التي تساعد الطلاب على السيطرة على الغريزة وعلى الدوافع السلبية. فخلال فترة الامتحانات يكون الطالب بأمسّ الحاجة الى الطاقة الإيجابية. وطبعاً لا نقصد هُنا أن يقوم بنشاطاته طوال النهار. لكن إذا كان يمارس رياضة كرة السلة مثلاً، أو يعزف الموسيقى أو يتابع دروس مسرح، لا مشكلة في أن يستمرّ بذلك خلال ساعات معيّنة. أمّا إذا كان عاجزاً عن التنسيق بين هذه النشاطات وبين دراسته، فهو إذاً يعاني من مشكلة، حيث أنّه غير قادر على تنظيم أوقاته.

بعض الأهالي يعتبرون أنّه يجب على الطلاب إقفال حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. ما رأيك في ذلك؟


أحترم طريقة كل أهل في تربية أطفالهم، ولا أحبّذ فكرة تحديد ما يجب فعله أم لا. لكنّ أسلوب المنع والقسوة قد يتسبّب بردود فعل سلبية. من هُنا، يمكن للأهل أن يتعاملوا مع هذا الأمر مبكّراً، من خلال تربية أولادهم منذ الصغر على حسّ المسؤولية، وعلى كيفية تنظيم أوقاتهم بين الدراسة من جهة، وبين اللهو والتسلية من جهة أخرى.


هل من نصائح لليوم الأخير من الدراسة الذي يسبق بداية الامتحانات؟

في النهار الأخير، أنصح الطلّاب بممارسة رياضة صغيرة، فمن شأنها أن تمنحهم طاقة. هذا ويمكنهم أن يقوموا بمراجعة سريعة وصغيرة للمواد المدرجة على جدول اليوم التالي. والأهمّ، أن يهدأوا وأن يثقوا بأنفسهم وبقدراتهم على النجاح.


MISS 3